فريق بحثيّ من جامعة كيل في ألمانيا، بقيادة الباحث المشهور، بن كراوس كيورا، أكّد أنّ فيروس التهاب الكبد B، كان موجودًا في أوروبا منذ حوالي 7 آلاف عام. وقد ذكر البحث المنشور في موقع الجامعة، أمس، بأنَّه تم العثور على نفس المادة الوراثيّة للفيروس، في عيّنات الأسنان المأخوذة من الهياكل العظميَّة التي وجدت في ولاية سكسونيا، وتعود للعصر الحجري. وتشير الأبحاث بأنَّ هذا الفيروس، هو أقدم الأمراض الفيروسيّة التي تمّ كشفها وراثياً حتّى الآن.
نشرت نتائج هذه الدراسة من قبل معهد "ماكس بلانك" أيضاً في العاصمة الألمانيّة برلين، في قسم تاريخ الأمراض البشريَّة، في مجلّة eLife العلميّة المحكّمة المشهورة. درس الباحثون حوالي 53 هيكلا عظميا تعود إلى العصر الحجري والعصور الوسطى، وفي ثلاثة منها، وجدوا سلالات من فيروس التهاب الكبد B، وتمكّنوا من إعادة بناء المادة الوراثيّة للفيروس، والتي تسمّى علمياً بالجينوم، الأمر الذي يتحقق للمرة الأولى.
وأظهر هذا الاكتشاف بأنّ الفيروس قد تغيّر كثيرًا منذ ذلك الوقت، إذ إنّ الجينومات من العصور الوسطى والحجريّة هي مختلفة عن الآن، كما أنَّ المسببات التي كانت تؤدّي إلى هذا الفيروس في العصر الحجريّ قد انقرضت. وأشارت النتيجة المثيرة، بأنَّ أقرب سلالة فيروس شبيهة بالفيروسات المكتشفة من العصرين الحجري والوسيط، هي الفيروسات الموجودة لدى قردة الشامبانزي والغوريلا، الأمر الذي يؤكّد بأنّ الفيروس قد تولّد هناك. ومع ذلك، فإنَّ فيروس المرحلة الأخيرة من العصور الوسطى، يشبه تقريبًا فيروس اليوم. إذ إنّ الفيروس قد تغيّر قليلاً بشكل جذري، خلال الـ 500 سنة الماضية.
الأدلة المكتشفة على انتشار التهاب الكبد B في عصور ما قبل التاريخ حتّى الآن هي نادرة. ثمّة مومياء عمرها 300 عام في كوريا الجنوبية، أظهرت الأبحاث بأنها ماتت بهذا الوباء. كما أنّ مومياء أطفال تعود إلى القرن السادس عشر، تم اكتشافها في مقبرة في مدينة نابولي الإيطالية. اعتقد الباحثون لفترة طويلة، بأنّ الطفل قد مات من الجدري، ولكن، توضّح فيما بعد، من خلال الآثار على بشرته، بأنّه قد مات من متلازمة تسمّى "جيانوتي- كروستي"، وهي متلازمة تنشأ من التهاب الكبد الفيروسي الوبائي B.
ويعتبر هذا الفيروس من أكثر الأمراض الفيروسيّة شيوعياً في العالم، وينتقل عن طريق الدم وسوائل الجسم، ويصيب حوالي 275 مليون شخص كل سنة، حسب تقديرات منظمة الصحة العالميّة. الفيروس خطير، لأنه من الممكن أن يؤدّي إما إلى تليف الكبد أو سرطان الكبد.
في عام 2015، توفّى حوالي 1.3 مليون شخصي من التهاب الكبد الوبائي B وC. خطورة هذا المرض، بأنّه يبقى لدى الشخص، ولا يعرف حامله فعلياً بأنه مصاب به، وينصح بلقاحات للأطفال تحمي من هذا الفيروس طيلة الحياة.