حلوى القزحة

11 ابريل 2015
حلوى شهية المذاق (العربي الجديد)
+ الخط -
تشتهر مدينتا نابلس، في فلسطين، وصيدا، في لبنان، بصناعة حلوى "القزحة"، التي تتكوّن من مادة أساسيّة هي "حبّة البركة". وتستخدم هذه الأخيرة في الأطعمة المالحة والحلويات، وتتميّز بفوائدها الصحيّة، إذ إنّ "حبّة البركة" تساعد في علاج مرضى السكري، والعقم، وتخفف من آلام الصداع، وتعالج عسر الهضم والنفخة.

ولأنّ حلوى القزحة مصنوعة من حبّة البركة، فهي تحتوي على الفوسفات والحديد والفوسفور والكربوهيدرات، وعلى المضادات الحيوية المدمّرة لكل أنواع الجراثيم، وعلى مادة "الكروتين" المضادة للسرطان.

عُرفت حلوى القزحة في لبنان وفلسطين، وما يؤكّد عدم انتشارها في غير بلدان، هو استغراب السياح للونها وطعمها. فعلى الرغم من أنّها حلوة الطعم وتشبه بشكلها "النمّورة" أو "البسبوسة"، إلاّ أنّ لونها الأسود يضع علامات استفهام ويجعل البعض يعتقد أنّها مالحة وحلوة الطعم في الوقت عينه، أو يتردّد حتى بتذوّقها، ومنهم مَن يتملّكهم الفضول لمعرفة طعمها ومحتوياتها.

ويعود اللون أيضاً إلى حبة البركة ذات اللون الأسود. تعتبر القزحة من الحلويات الشعبية التراثية التي يتهافت الناس لشرائها، خصوصاً في شهر رمضان. وعلى الرغم من أنّ معامل الحلويات التي تصنّع القزحة، باتت تعد على أصابع اليد، إلاّ أنّ هناك بعض العائلات ما زالت متمسكة بهذه الحلوى التقليديّة وتقوم ربّات البيوت بإعدادها باستمرار.

محمد دياربي، أحد صانعي الحلويات القدامى في مدينة صيدا (جنوب لبنان)، يملك محلاً صغيراً داخل المدينة القديمة، ورث المهنة عن خاله منذ أكثر من خمسين سنة، يخبر "العربي الجديد" عن كيفيّة صناعة هذه الحلوى: "تتكوّن القزحة من حبة البركة السوداء، ويجري تحميص هذه الأخيرة، ثم تُطحن حتى تصبح سائلة، (تتحوّل هذه الحبّة إلى سوائل بسبب احتوائها على الزيت، ويمكن استخراج زيت حبّة البركة، الذي له فوائده أيضاً). بعد أن تصبح سائلة، توضع في حلّة مع زيت الزيتون، ويضاف إليها الدقيق والسكر والماء، وتُعجن، ثم يتم خبزها بالفرن على نار هادئة، ويضاف إليها السمسم، وتُزيّن بأحد أنواع المكسرات".

وتأكيداً على ما سبق ذكره، أشار محمد إلى أنّ القزحة هي من الحلويات التقليديّة القديمة التي اشتهرت بها مدينة صيدا، إذ كان الأهالي قديماً يلجأون إلى صناعتها لتكون حلوى آنيّة، ويعمدون إلى صناعة كميّة أخرى ويحفظونها داخل أوعية زجاجيّة، ليتمكّنوا من تناولها بعد فترة طويلة.

فالقزحة تتميّز أيضاً بالفترة الزمنيّة الطويلة التي تصلح فيها للاستهلاك، حيث يمكن تناولها من دون أن تتعرّض لأي تلف أو تغيّر في مذاقها. وكما يعتبرها الصيداويون من تراثهم، كذلك أهل نابلس، الذين يتقنون صناعتها واعتبارها من أهم تقاليدهم التي ما زالت تُصنع حتى اليوم.

الجدير بالذكر، أنّ عدد محلات الحلوى التي تصنع القزحة نادر جداً. إذ يتطلّب الحصول عليها من البعض أحياناً الانتقال من منطقة بعيدة للوصول إلى صيدا، والاستدلال على أحد البائعين النادرين الذين يصنعونها.
المساهمون