"الهيبة"... بطولة بذقن وسلاح واستيهامات ذكورية

07 يونيو 2018
تيم حسن (فيسبوك)
+ الخط -
تخرج الدراما السورية، بما فيها المشتركة، من نطاق الفرجة بهدف التسلية، إلى حمل رسائل متخمة بتفكير أنظمة، ومزاج شعبي سائد تعمل الدراما على تعزيزه وإكسابه صفات لا تنسجم مع الواقع على الأرض، حتى لو اقتربت منه؛ إلا أن زاوية الطرح تختلف. فتطالعنا خلال موسم رمضان الحالي، حكايات مبتورة تقتنص العناوين من ظروف سورية بعد سبع سنوات من النزاع، مع نكهة مضافة من عناوين المرحلة المقبلة وكيف يشد كل طرف البساط إلى ناحيته. ولعلها أكثرها وضوحاً هو "الهيبة". 

معترك الهيبة
حينما يخرج بطل من نطاق المسلسل الذي يصنع قوته، ويخاطب معجبيه بنبرة الصوت ذاتها رافعاً سقف التحدي عالياً في مزج بين الدراما والواقع، يتأتى لنا أن الهيبة لم تعد مسلسلاً درامياً معلباً، ولم يعد تيم حسن مجرد ممثل يتصدر الحكاية برفقة مجموعة من "رجال" تملؤهم الحميّة ولا يعرفون إلا لغة العنف. وفي هذا البناء، تكرار لاستعراض سبق تقديمه لسنوات في إطار استنساخ "باب الحارة" لعدة أجزاء، ليعود هذا الموسم والذي سبقه في نطاق مختلف منطلقاً من الزمن الحالي مع التقاط مشوّه لبيئة كانت لسنوات عصية على الدراما وحتى على نشرات الأخبار نفسها. في وقت تنتقل فيه كلمات "رجال" الهيبة، انفعالاتهم وطريقة تحكمهم بالآخرين كمخدر للمشاهدين، لا سيّما بين فئة شباب يبحث عن القوة لمواجهة صراعات الحياة أمامه. وبذلك تفقد "الهيبة" كحكاية أيا من معاني البطولة الحقيقية وتتحول ساحة الصراع من القيم إلى الثأر، ومن حفظ الأرض إلى الانتقام من أبناء العمومة.

جبل من صخور
يشكل الفنان تيم حسن المحور الأساسي في موسمي المسلسل حتى الآن، إذا ما بدأ التخطيط فعلياً للموسم الثالث، فحيث انطلق الأول من تصوير قوة جبل وتحكمه في حياة العائلة والعشيرة، حتى عاد الجزء الثاني للخلف مستعرضاً مراحل صعود جبل إلى الزعامة. وبهذا، اتكأت الهيبة على نجاح الموسم الأول للإبحار بعيداً ورسم حدود جديدة على محاذاة الخطوط الحمراء. فالاستفزاز في معايير الهيبة يتمثل في شخصية جبل، بطل شعبي يتفوق في تأثيره على الزعماء الحقيقيين، كلماته تتردد على كل لسان. يخرج من سجون الأسد ويتمرد على مخابرات الجيش اللبناني، يقيم مملكته حيث لا يمكن لأحد اعتقاله ويمارس السلطة بقوة السلاح والنفوذ. نظرياً تبدو الحكاية مشوقة، لتأتي على الشاشة كلعبة تركيب مكعبات لا تحوي انسجاماً بين أطيافها، طالما الأحداث قائمة في الماضي وملامح الشخصيات لا تشبه ما بدت عليه في الجزء الأول.




متى الانفصال؟ 
لطالما شكلت المسلسلات الأجنبية حالة تأثر لدى الشارع العربي، في طريقة تقليد الشعر أو اللباس أو الكلام. لكن الدراما العربية ظلت متأخرة نوعاً ما في بناء البطل الخارق أو البطلة خارقة الجمال. فبعد موسمين على صعود نجم محمد رمضان في "الأسطورة" داخل مصر، كانت الدراما المشتركة على موعد مع ظهور "جبل"، شاب في الثلاثينيات، يرتدي ثيابا سوداء دائماً، يحمل المسدس على خصره ولا يجرؤ أحد على عصيان أوامره. ومن دون البحث في الاقتباس والتقليد والإسقاط، علينا البحث في تبعات الأثر المتنامي الذي يتركه جبل لدى المشاهدين، والذي تعدى مرحلة تقليد الذقن وطريقة الكلام، ليغدو أسلوباً في التعامل والتهديد وفرض السطوة. فهل عوّض "جبل" النقص في قدرة الشباب العربي على القيادة؟ ربما، إلا أن الضريبة مكلفة طالما قرر تيم حسن التحدث إلى الجمهور برسالة عبر السوشال ميديا، ولكن بشخصية جبل وليس بشخصيته الحقيقية. فمتى ينفصل إذاً تيم عن جبل؟ وتعود الهيبة في الأداء لنجم سوري وليس لمسلسل هيبته في اسمه ليس إلا.
المساهمون