برج إيفل… دلالة على فرنسا في السينما والدراما

05 ديسمبر 2016
أنشئ البرج في الذكرى المئوية للثورة الفرنسية (Getty)
+ الخط -
بلقطة لبرج إيفل، يبدأ فيلم "مهمة في تل أبيب"، قبل أن تدخل نادية الجندي إلى مكتب السفير المصري في باريس، وتفتتح الحكاية، ليشير المخرج إلى أن أحداث الفيلم تبدأ في فرنسا، من دون أن تضطر الشخصيات إلى ذكر هذه المعلومة بشكل مباشر، ومن دون أن تُكتَب على الشاشة هذه الإرشادات المكانية.

ولكن عندما تنتقل القصة إلى المدن والأماكن الأخرى التي تدور فيها أحداث الفيلم، وهي تل أبيب وقبرص ومصر، فإن المخرج يضطر لاستخدام حوار الشخصيات المباشر للدلالة على تغيير المكان، أو يلجأ إلى كتابة بعض المعطيات على الشاشة في بعض الأحيان.

فمن الممكن أن تختزل باريس في برج إيفل سينمائياً. ولكن ما هو المعلم الحضاري الذي يستطيع اختزال باقي الأماكن؟ نعم إن اختزال مصر في الأهرامات أمرٌ منطقيٌّ أيضاً. ولكن هل توجد معالم تتمكن من اختزال قبرص أو تل أبيب، ويستطيع الجمهور الاستدلال على المدينة التي تحتضن الأحداث من خلالها.


إن اختزال مدينة باريس سينمائياً، أو فرنسا ككل، من خلال برج إيفل، ليس بالأمر الغريب، فالبرج الذي أنشئ سنة 1889، في الذكرى المئوية للثورة الفرنسية الأشهر في التاريخ الحديث، والذي بقي لمدة 41 سنة أعلى قمة وصلت إليها الهندسة المعمارية، لابد أنه يستحق أن يكون رمزاً للدولة الفرنسية، وهو أكثر تميزاً عن معالم فرنسا الحضارية، كاللوفر مثلاً.

ووجوده في العديد من اللقطات في الأفلام والمسلسلات العربية والعالمية أمر طبيعي. فالمخرجون عادةً لا يميلون إلى الثرثرة للإشارة إلى المكان، ولذلك نجد أن برج إيفل يتصدَّر مئات المشاهد في الأفلام غير الفرنسية التي صورت في فرنسا.

وإن وجوده لا يقتصر على الدور الدرامي في تحديد مكان الأحداث في العديد من الأفلام، إذ يؤدي البرج وظيفة جمالية في العديد من الأفلام، مثل فيلم "مولان روج"، كما أنه يتواجد في بعض الفيديو كليبات العربية، لأسباب لا تبدو جمالية بالحد الكافي، وليست درامية أيضاً، كما حدث في أغنية "حبيب ضحكاتي" لراغب علامة.


وأما في المسلسلات السورية، فإن برج إيفل يحضر أيضاً من خلال نوافذ البيوت التي تدور فيها الأحداث، كإشارة مكانية إلى أن الأحداث تتم في مدينة باريس، رغم أن معظم هذه المشاهد يتم فيها بشكل أو بآخر ذكر المكان الذي تتم فيه الأحداث. فتبدو جميع الغرف في جميع البيوت في باريس تطل على برج إيفل، بحسب المسلسلات السورية، وهذا أمر غير منطقي طبعاً.

وغالباً ما تكون نوافذ الغرف التي تتم فيها الأحداث على بعد كاف ليظهر برج إيفل بكل تفاصيله في الصورة، وعلى علو كافٍ لتظهر قاعدة البرج من دون اجتزاء أي قسم منها. مما قد يؤدي بنا إلى الشك بأن صورة البرج أضيفت من خلال العمليات التقنية على المشهد، كما نلاحظ في مسلسل "وشاء الهوى" مثلاً، والذي يبدو فيه برج إيفل في النافذة وحيداً تماماً، وكأن المدينة لا تحتوي إلا هذا المعلم الحضاري، والغرفة التي يصور فيها المشهد.


وأخيرًا، جديرٌ بالذكر أنَّ برج إيفل لا يمتلك نفس القيمة المعنويّة عند كل الفرنسيين. إذ علّق الكاتب الفرنسي المعروف، دي موباسان، على وجود البرج قائلاً: "المكان الوحيد الذي لا يمكنك أن ترى فيه برج إيفل في باريس، هو برج إيفل".

المساهمون