"صوفيا" لميريام بنمبارك: جائزة السيناريو؟

21 مايو 2018
من "صوفيا" لميريام بنمبارك (الملف الصحافي للفيلم)
+ الخط -
أثار فوز "صوفيا" للمغربية ميريام بنمبارك بجائزة السيناريو في برنامج "نظرة ما"، في الدورة الـ71 (8 ـ 19 مايو/أيار 2018) لمهرجان "كانّ" السينمائي الدولي، جدلاً في أوساط صحافية ونقدية عربية، بسبب إجماعٍ على ضعف السيناريو، وعدم قدرته على تكوين سياقات درامية وفنية وجمالية متماسكة وقادرة على تحويل النواة الأصلية للقصّة إلى عملٍ متكامل. 

فالروائي الطويل الأول لمخرجته يكشف وقائع اجتماعية معقّدة في بلدٍ محافظ، أبرزها انعدام أي تسامحٍ ـ أخلاقي أو ديني أو قانوني ـ إزاء العلاقة الجنسية خارج الزواج. وإذْ تُصدِّر بمنبارك "جينيريك" البداية بمادة قانونية تُعاقب المتورّطين في علاقة كهذه بمحاكمة وسجن، فإنّ النصّ السينمائي مفتوحٌ على تشابك وصدامات مبطّنة وخفيّة بين أفراد العائلة، وعلى تعرّض المرأة لاغتصابٍ لن تعترف به، أو توجِّه اتّهامًا لمرتكبه.

ضعف السيناريو كامنٌ في توهان المسارات، وانعدام القدرة على تبيان المسائل بأسلوب سرديّ، يُمكن أن يستند إلى أساليب كثيرة في التعبير عنه. ورغم وجود إشارات تلمّح إلى مواقف عديدة لميريام بمنبارك من أحوال بلدها، كالاختلاف الاجتماعي ـ الطبقي داخل أركان العائلة والأقارب، ومسألة التضحية بمنتمٍ إلى طبقة فقيرة لتفعيل التستّر على مرتكب الفعل الجرمي، وأولوية المصالح على حساب العلاقات الإنسانية؛ إلاّ أن "صوفيا" ـ الذي يروي حكاية شابّة تُدعى صوفيا (سارة المحمدي)، منذ لحظة مخاضها، بعد أشهر من الحمل المخفيّ عن أهل بيتها وعالمها الضيّق ـ يعجز عن تحويل العناوين المختلفة ـ الاجتماعية والواقعية والإنسانية والتربوية والمسلكية ـ إلى بناء درامي متين الصُنعة السينمائية.



لذا، يُشكِّل فوز "صوفيا" بجائزة السيناريو مفاجأة غير متوقّعة، مع تساؤل عن سبب منحه إياها من قِبَل لجنة تحكيم "نظرة ما"، برئاسة الأميركي البورتوريكيّ بينيتشيو دِلْ تورو. لكن الإجابة تبدو واضحة إلى حدّ ما، في ظلّ ميل مهرجان "كانّ"، في دورته هذه، إلى "الدفاع عن المرأة وحقوقها"، بعد فضيحة المنتج الأميركي هارفي وينستين، ومع اختيار الأسترالية كايت بلانشيت رئيسةً للجنة تحكيم المسابقة الرسمية، هي المجتهدة في تمتين حضور المرأة في صناعة السينما، ومساواتها مع الرجل داخل هوليوود وخارجها.

رغم هذا، لن يكون مُنصفًا اختزال "صوفيا" في مسألتي الجائزة وسببها، أو في حالة الوهن الحاصل في السيناريو والتمثيل والمعالجة. فالقصّة مستلّة من واقعٍ حقيقيّ، يعاني أفرادٌ كثيرون فيه مواجع مختلفة من جرّاء ممارسات تناهض المرأة غالبًا، وتحاصرها بسلوك ذكوريّ حادّ، ما يستدعي استعانة نساءٍ بحيل ومواربات لتحصين حضورهنّ في اجتماع قاسٍ. فصوفيا تحتال على محيطين بها كي تنجو من عقابٍ تراه أشدّ وأعنف إنْ تشي بمرتكب الفعل الجرمي بحقّها، وإنْ تذهب باحتيالها إلى "توريط" شابٍ تلتقيه ذات مرة بشكل عابر.

عناوين "صوفيا" مُهمّة، لكن الاشتغال محتاجٌ إلى تمتين أقوى للسرد والمعالجة والأداء.
دلالات
المساهمون