"أكوامان" وأزمة "دي سي": قبولٌ وعثرات

28 ديسمبر 2018
"أكوامان" لجيمس وان: جمال عالم البحار (فيسبوك)
+ الخط -
لو تخيّلنا أن شركة "دي سي" للقصص المصورة بدأت في تأسيس عالمها الواسع، الذي يربط أبطالها الخارقين بعضهم ببعض قبل 10 أعوام لا 5، أي قبل ظهور "الرجل الحديدي" (2008) لجون فافرو، أول افلام "مارفل"، لا بعد ظهور "أفنجرز" (2012) لجوس ويدون، سادس أفلامها؛ لو حدث هذا، لأمكن حلّ "المشاكل المتكررة" في هذا النوع من الأفلام، وآخرها "أكوامان" (2018) لجيمس وان. لكن "دي سي" تتجاهل حقيقة أن اللحظة الزمنية متغيّرة، والمشاكل مستمرة. 

بدايةً، قررت الشركة، في فيلمها الثاني Batman vs Superman لزاك سنايدر (2016)، أن تجمع الأبطال الخارقين في فيلمٍ واحد، كي تنافس Avengers "مارفل". النتيجة: هناك تسرّع من قِبَل "دي سي" في طرح مزيد من الأبطال الخارقين في Justice League لسنايدر نفسه (2017)، اعتمادًا على أنّ جاذبيتهم في القصص المصوّرة كافية للتأثير في شباك التذاكر. ما حدث أن استقبال الفيلم ضعيف تجاريًا، قياسًا إلى طموحه، وتقديم الشخصيات التي يُفترض بها أن تكون "بطلة" أفلام لاحقة فاترٌ جدًا.

المثل الأخير هو "أكوامان" (Aquaman). صحيح أن موجة تفاؤل شعر بها محبّو النوع مع اختيار المخرج الناجح جيمس وان، صانع أفلام Saw 2004 عام 2004 وجزئي Conjuring عامي 2013 و2016. إلا أن التفاؤل هذا مشوب بالحذر، نظرًا إلى أنّ تفوقه الأهم كامنٌ في صناعة أفلام رعب، فهو لا علاقة له بالأبطال الخارقين.

مع مشاهدة الفيلم، تبرز مشكلة ثالثة: "دي سي" أتت بعد "مارفل". هذا يعني أن أصالة العوالم والصراع ليست موجودة. وعلى عكس ما حدث في الـ"كوميكس"، التي أسّست فيه الثانية بعد الأولى بعقود، فإن فارق أعوام عديدة جعل من الميثولوجيا (الأساطير)، التي تتشارك فيها عوالم الأبطال الخارقين، تُشعر المشاهدين بأنّ "دي سي" تتأثّر بقصص "مارفل".



في "أكوامان"، هناك "أرثر"، سيد المحيط والوريث الشرعي لمملكة ما تحت البحر، الذي عليه ـ كي يستعيد مُلكه ـ أن يدخل في صراع مع "أورم"، الأخ غير الشقيق له، الذي يسعى إلى يخضع المملكة لسيطرته. كشخص، عليه أن ينضج ويتجاوز غروره ليكون أهلاً للحكم. هذا الخط القصصي، الممتدّ على 150 دقيقة، يشبه بشكل واضح حكاية "ثُوْر"، بطل "مارفل" الذي يجسده كريس هيسمورث، وتحديدًا في الجزء الأول (2009)، وهذا يؤثّر ـ بشكلٍ فاعلٍ جدًا ـ في استقبال "أكوامان"، إذْ يظهر شعورٌ بأنه منسوخ من شركة إلى أخرى، لأن "دي سي" لا تواكِب اللحظة الزمنية، وتتعامل مع المسائل كأنها لا تزال في عام 2008، أي كما لو أنه لم تمرّ 10 أعوام، تغيّر خلالها شكل السينما واستقبال الجمهور لميثولوجيا الأبطال الخارقين.

في المقابل، هناك نقطة كبيرة تميّز الفيلم، تكمن في صورته، وفي جانبه البصري والتقني، وهو أمر مركّب قليلاً. من ناحية أولى، صنع جيمس وان شيئًا لم تسبق رؤيته في أفلام الأبطال الخارقين، واستفاد إلى أبعد مدى من المحيط والبحر والعالم الموازي الذي تجرى فيه الأحداث (تحت الماء)، محوّلاً إياه إلى مهرجان ممتع من الألوان، ومن أفكار المعارك المختلفة. في هذه المسألة، كان الفيلم جيدًا فعلاً. لكن، من ناحية أخرى، فإن الإفراط في استخدام الـCGI والتقنيات الرقمية في كلّ لحظة جعله ـ في لحظات عديدة ـ أقرب إلى فيلم كرتوني، من دون خلق توازن مع الوجود الأرضي الذي ينتمي إليه أبطال الشركة الخارقين الآخرين.

إلى ذلك فإن شكل الألوان، وتحديدًا على مستوى غلبة اللون الأزرق، وشكل الكائنات والأماكن في عالم الأحداث، يشبه كثيرًا "أفاتار" (2009) لجيمس كاميرون. فإذا بالنتيجة، إجمالاً، أن "أكوامان" يبدو خليطًا هجينًا من أشياء كثيرة سابقة عليه، ومفتقدًا الشعور بالأصالة أو الاختلاف. كما أنه، بالتأكيد، لا يحقّق للشركة ما فعله "المرأة الخارقة" (2017) لباتي جنكينز سابقًا، بدفعها إلى الأمام وإخراجها من عثراتها، إذْ إنّ أزمة "دي سي" لا تزال مستمرة، وإنْ يكن الفيلم مقبولاً، وصالحًا للمُشاهدة.

المساهمون