عمر كمال: لا نبتعد عن الناس في الموسيقى

13 أكتوبر 2019
تأثّر بفرانك سيناترا (العربي الجديد)
+ الخط -
من مدينة نابلس في فلسطين، بدأت علاقة عمر كمال بالموسيقى، ثم انتقل إلى بريطانيا، ليوسّع شغفه ويدمج بين أنماط موسيقية كثيرة، منها الشرقي والجاز وغيرها. "العربي الجديد" التقته للحديث عن موسيقاه وعن ألبومه الجديد.


- حدثنا عن رحلتك الموسيقية، كيف بدأت؟ وكيف احترفت الموسيقى في فلسطين؟
* نشأت في نابلس، في الضفة الغربية في فلسطين. عندما بلغت العاشرة، بدأت بعزف الموسيقى الكلاسيكية على آلة البيانو. وأما شغفي بموسيقى الجاز فقد جاء بعد ذلك، إذ بدأت بغناء الجاز في السادسة عشرة. وفي فترة من الفترات عزفت على آلة الكمان بإيقاع شرقي، لأنني شعرت بأنني يجب أن أضيف جزءاً من خلفيتي العربية إلى الموسيقى الخاصة بي.

في فلسطين كانت النشاطات الموسيقية المتوافرة محدودة، لكن الموسيقى هي الشيء الوحيد الذي أحببته ووجدت نفسي فيه، وعندما كنت لا أزال في المدرسة، شاركت في العديد من المهرجانات الصيفية الموسيقية في ألمانيا وإسبانيا وبريطانيا، وهناك أصبح لدي احتكاك مع الغرب، وأدركت المعنى الحقيقي للالتزام والتدريب لصقل المهارة. وعندما انتهيت من المدرسة، التحقت بكلية الهندسة المعمارية في بريطانيا، وخلال تلك الفترة كنت مستمراً بمتابعة الموسيقى والغناء، والتحقت بفرقة الجاز الخاصة بالجامعة، وقدمنا سلسلة حفلات في مختلف أرجاء بريطانيا. في وقت لاحق، نظمت حفلات في فلسطين، في رام الله ونابلس وبيت لحم مع فرقة محلية فلسطينية مختصة بموسقى الجاز، ذلك قبل أن أقوم بتوقيع عقد لتسجيل ألبومات مع "سوني" عام 2015.


- عند الاستماع لأغانيك يبدو أثر فرانك سيناترا واضحا فيها. كيف تصف هذا الأثر؟
* نعم، كان لفرانك سيناترا تاثير كبير علي، فعندما كنت في السادسة عشرة وبدأت الغناء، كان سيناترا من أوائل النجوم الذين استقطبوني إلى هذا الشكل الموسيقي وإلى عالم الجاز؛ فالبداية كانت مع سيناترا ولكنها لم تقف عنده، ولكنه بالطبع الأقرب إلي من ناحية التأثير الموسيقي.




- قمت بالغناء بعدة لغات. ما السبب؟ هل لجمهورك المتنوع ثقافياً صلة بالأمر؟
* يرجع القرار باختيار اللغة إلى ما يتناسب مع الأغنية والنوع الموسيقي. وبالنسبة لي، الأغنية هي التي تحكم، فهناك أغانٍ يجب أن تؤدى باللغة العربية، وغيرها يجب أن تُغنى بالإنكليزية. وقد قمت أيضاً بالمزج في الموسيقى ما بين الإنكليزية والعربية والفرنسية والإسبانية، ففي الألبوم الجديد، الذي قمنا بتسجيله مؤخراً، هناك أكثر من لغة، فهناك العربية والإنكليزية والإسبانية أيضاً. وهذه الرؤية الموسيقية للشكل العالمي هي التي تحكم على الأغنية في الأساس.


- ما النوع الموسيقي الذي تسعى إلى تقديمه بهذا المزيج؟ هل هو صيغة جديدة من الجاز الشرقي؟
* ليس بالضرورة، فأنا قمت بطرح العديد من الأغاني بالإنكليزية، ولم تكن "جاز" ولم تكن بالعربية. إن ما أقوم به هو نظرة موسيقية عالمية ناجمة عن التأثيرات التي تأثرت بها في الموسيقى منذ بداياتي وإلى اليوم؛ لذا لا يمكنني أن أختار الجاز الشرقي كعنوان لها، كما أن الحفلات الخاصة بنا، كحفلة لندن في الشهر القادم، لها طابع موسيقي بالأساس، فهي ليست غنائية فقط، هناك وجود كبير للموسيقى في الحفل، ونحاول بهذه الموسيقى أن نجد نقاطاً مشتركة بين الموسيقى العربية والأجنبية وبين الأنواع الموسيقية المختلفة، سواءً الجاز أو الموسيقى الشرقية أو الروك، فهناك نقاط تلاق بينها جميعاً، نحاول أن نقدمها على المسرح.


- هل تقصد بأنك تتعاطى مع الموسيقى كلغة حوار بين ثقافات متعددة، أم أنك تعمل على إيجاد نقاط مشتركة بين أنماط موسيقية تنتمي لحضارات وثقافات متعددة بهدف تطوير الموسيقى؟
* صحيح، الموسيقى هي إحدى الأدوات الثقافية في حوار الحضارات المختلفة؛ فاليوم، عندما نقدم حفلاً في لندن ونقدم خلاله أنواعا مختلفة، ونتقصد أن يشارك فيه أشخاص من جنسيات ولغات وثقافات مختلفة، فإننا نقدم أشياء تمثل رؤيتنا الموسيقية المستقلة، التي سيتلقاها جمهور متنوع ثقافياً، علماً أننا لا نحاول بهذه الخيارات إرضاء طرف معين. هذه الرؤية الموسيقية ليست رؤيتي أنا وحسب، بل هي تمثل فريقاً كبيراً من الموسيقيين والموزعين الذين يعملون بذات النفس، ويدركون جميعاً أن ما يميز الحفل هو أن يكون لديك أشخاص من ثقافات مختلفة تعاونوا مع بعضهم لخلق أشياء جديدة ناتجة عن هذا التنوع الثقافي والحضاري.




- بالحديث عن حفل لندن القادم، ماذا ستقدمون ضمنه؟
* هو حفل قمنا بتنظيمه بمناسبة  صدور الألبوم الجديد، وسيتضمن جزءاً كبيراً من أغاني الألبوم. بعض تلك الأغاني من مؤلفاتي الخاصة والبعض الآخر نعمل فيها على أخذ مقاطع موسيقية من أغان كلاسيكة ونعيد إنتاجها من جديد وطرحها بالعربي. إنه يقترب إلى حد ما من النفس الذي عمل به العديد من الموسيقيين العرب، أمثال عبد الوهاب والأخوين الرحباني. ولكن نحن نحاول أن نخصص مساحة أكبر للموسيقى وللآلات الغربية، ليكون ناتج ما نقدمه ليس غربياً فقط وليس شرقياً فقط، بل تلاق بينهما. هو حفل غنائي بالدرجة الأولى، ولكن بوجود الأوركسترا دائما ما نحن نحب أن نعطي مساحة للموسيقيين، وهذا هو ما يميز الحفل. وستكون النسخة الأولى من الحفل في لندن يوم 24 نوفمبر القادم، وبعدها سنقدم الحفل بدبي يوم 15 ديسمبر، وهناك أيضاً حفلة بنيويورك ببداية السنة القادمة.


- وماذا تخبرنا عن الألبوم الجديد؟ وكيف تمت صناعته؟
* هو ألبوم تم تسجيله في العديد من الأماكن، فبعض الأغاني سُجل في لندن، وبعض الأغاني سُجل في إسطنبول، وهناك أغان تم تسجيلها في لبنان أيضاً. يتضمن الألبوم أنماطاً متعددة من الأغاني، فأنا لا أهتم بالنوع الموسيقي بقدر اهتمامي بالمنتج واللحن نفسه؛ فتضمن الألبوم بعض الأغاني بالعربية، وزعها اللبناني مشيال فاضل وكتبها الشاعر اللبناني نزار فرانسيس، وهذه الأغاني هي أقرب للأغاني التجارية، أو بالأحرى للمينستريم العربي، ولكنها بنفس الوقت لها طابع "البيك باند" ونستخدم بها النحاسيات، التي امتزجت بالإيقاعات والآلات الشرقية.

وهناك أيضاً أغنية إسبانية تم العمل على تأليفها في تشيلي، وتم تسجيلها في لندن، بالإضافة لأغنية "فكروني" لأم كلثوم والملحن عبد الوهاب، قمنا بإعادة إنتاجها وأضفنا إليها مقدمة موسيقية بطريقة السوينك والجاز. تم تسجيل الألبوم على عدة مراحل، حيث استغرق تسجيله،  بشكل كامل، سنة ونصف، وفي المحصلة أنتجنا الألبوم، الذي أشبهه بلوحة موسيقية متنوعة، وكأنك تحضر حفلة موسيقية، وذلك بسب التنوع الموسيقي والوجود الكبير لعدد من الآلات الموسيقية المختلفة.

حاولنا في الألبوم ألا نتطرق لأمور فنية بحتة، بل أن نقترب بنظرتنا الموسيقية إلى ما هو قريب من الناس؛ فنحن لا نحاول أن نبتعد عن الناس في الموسيقى، رغم رغبتنا بخلق هذا المزيج الموسيقي، ولذلك في بعض المرات، قد يكون من الصعب استيعاب تلك الأغاني من الوهلة الأولى، ولكن بالنسبة للأشخاص المنفتحين على هذا النوع من الألوان الموسيقية، فهم سيفهمون المقصود من هذه الأغاني، وأتمنى أن يستمتعوا بها.

المساهمون