الإعلام السعودي: امبراطوريات الترفيه تتهاوى؟ [1/2]

07 نوفمبر 2017
الوليد بن طلال (Getty)
+ الخط -
بعيداً عن الأجواء السياسية المتأزمة في المملكة العربية السعودية، يتجه توقيف ثلاثة "رموز" في الإعلام السعودي، هم الأمير الوليد بن طلال، ووليد آل إبراهيم، والشيخ صالح كامل، إلى إعادة طرح علامات استفهام حول الإمبراطوريات الإعلامية السعودية والتي كانت تحتكر بشكل أو بآخر الإعلام الترفيهي والفني في العالم العربي منذ تسعينيات القرن الماضي. 

ثلاث شبكات هي ART و"روتانا" وMBC سيطرت لسنوات على المشهد الفضائي الترفيهي، وخدمت توجهات المملكة من خلال قنوات لبثّ المسلسلات والموسيقى والأفلام، إلى جانب إنتاجات فنية ضخمة. هذا كان في البداية قبل أن تدخل فضائيات أخرى على الساحة، التي نقلت المشهد الفضائي الإخباري إلى مستويات أخرى.

روتانا والأزمات المالية

لم يكن الأمير الوليد بن طلال بهذه الشهرة في السعودية أو خارجها قبل عبوره إلى الإعلام. الأمير الذي ولد من أب سعودي وأم لبنانية، كان ولا يزال مولعًا بالفن، وفق تصريحاته الشخصية. هذا الولع دفعه إلى الدخول مستثمرا في هذا المجال.

عام 2010 وبعد سنوات على تأسيس شركة "روتانا"، بدأت تداعيات أزمة حقيقية تلوح في أروقة الشركة السعودية، التي حاولت السيطرة بشكل تام على سوق الغناء والفن والإصدارات الموسيقية، وبدأ الواقع الرمادي يتمدد نحوها. حملت السنة نفسها إقفال عدد من فروع الشركة وطرد أكثر من ثمانين موظفاً بطريقة تعسفية. خُفضت المصاريف بشكل واضح، وتحول مكتب بيروت الرئيسي إلى مكتب تمثيلي لا تتجاوز مساحته 90 متراً مربعاً، وأقفلت كل المكاتب التابعة لتلفزيون "روتانا"، وذهب العاملون يومها إلى مقر واحد في مبنى لشركة "باك" في لبنان وكان تابعاً لمحطة "LBC"، واقتصر بث محطات روتانا التلفزيونية من القاهرة على بعض العاملين المعدودين. وحتى شركة الإعلانات المنضوية تحت شارة روتانا "RMS"، تركت مكاتبها وغادرت إلى السعودية في تلك الفترة. أما لبنانياً، فبدأت مرحلة الصراع بين شركة "باك"، وهي الشركة التي يملكها الوليد بن طلال، وبين المؤسسة اللبنانية للإرسال التي كانت شريكة لباك، وكان كل موظفيها منضمّين قانونياً لـ"باك". فضّت الشراكة، وصرف موظفو باك من دون أي تعويضات، ومن دون دفع مرتبات عملهم لأشهر.

قد تكون الخسائر المادية والمعنوية ما زالت تبتلع قسماً كبيراً من مداخيل الشركة، والسبب بالطبع يعود إلى سوء إدارة بعض الموظفين أو العاملين في روتانا، والخروج من الشركة بأكثر مكاسب شخصية ممكنة.



تأسيس ART
في منتصف التسعينيات انطلقت قنوات ART لتكون أول فضائيات متخصصة في العالم العربي. وكانت الشراكة بين صالح كامل والوليد بن طلال ناجحة، وحصدت أرباحاً كبيرة. وقد عرفت كيف تأخذ صورة جديدة في الإنتاج الغنائي والتلفزيوني، حمل الكثير من الجهد التأسيسي. وانطلقت قنوات ART في إيطاليا، برفقة مجموعة من الموظفين وخبراء في عالم التلفزيون إلى هناك لإكمال مشروع التأسيس والترويج لمحطة عربية انقسمت في ما بعد إلى محطتين. خرجت ART بحلة جديدة وشكلت إلى جانب الفضائيات الناشئة حالة خاصة جديدة ليأتي بعدها الانفصال سنة 2003 ونصبح أمام إمبراطوريتين مستقلتين ART وروتانا.

فض الشراكة
تسلم الأمير الوليد بن طلال شركة روتانا بعد فضّ الشراكة بينه وبين الشيخ صالح كامل عام 2003، وكانت روتانا شركة محدودة لإنتاج وتوزيع الأغنيات العربية قبل أن يتسلم إدارة شؤونها الفنية سالم الهندي، وهو كويتي عمل سابقاً في إدارة أعمال بعض الفنانين، وتسلم إدارة قسم الشؤون الفنية في روتانا قبل 21 عاماً.
سالم الهندي، قام بتحصين موقعه لعقدين من الزمن، وصل إلى بيروت أواخر التسعينيات، بعدما قسم إقامته بين المملكة العربية السعودية وإمارة دبي ودولة الكويت.
ورغم الإخفاقات الكثيرة للشركة، عرف سالم الهندي كيف يبقى في مكانه، بعدما غادر منها كبار الفنانين. فنانون وجدوا منذ انطلاق الشركة أموالاً كثيرة تضخ في الإنتاج، وأموال مثلها للاستيلاء على أرشيف السينما العربية من مصر إلى لبنان، إذ باتت الشركة تملك أرشيف حوالي ألفي فيلم عربي قديم وجديد.

الكابوس الإعلامي
الحلم تحول إلى كابوس تعيشه الشركة اليوم، بعد سنوات الشح المادي، وإلقاء القبض على الأمير الوليد بن طلال، قبل أيام، واحتجازه داخل المملكة باتهامات فساد.
من دون شك فإن القرار السعودي اليوم، كان أشبه بقرار تأميم هذه المؤسسات الإعلامية، التي تقع روتانا ضمنها، ولو أن هذه المؤسسات شهدت تهالكاً مالياً في السنوات الأخيرة تزامن مع الأزمة السورية والحرب على اليمن، ودفع عالم الإنتاج الموسيقي والترفيهي إلى التداعي، لأسباب تعود إلى قلة العناية والتخاذل الضمني داخل هذه المؤسسات، حصراً، وهي التي حققت انتشاراً واسعاً، لم يسجل لها حصانة حقيقية لحمايتها من قرارات سياسية أشبه بحكم الإعدام. وفي المقابل تقلب صفحة عقدين من استثمار سعودي في عالم الإعلام، الفني والترفيهي، استطاع السيطرة على العالم العربي، وقلب المعادلة الفنية وإن لفترة، والتي لم تنقذه من نهايات ضبابية وغامضة.


المساهمون