المغنون والإنتاج: "الميديا البديلة" تغلب

08 يوليو 2018
نوال الزغبي تعود بعد تسع سنوات إلى "روتانا" (فيسبوك)
+ الخط -
هل انتهى عصر شركات الإنتاج العربية تحديداً. وماذا عن الخطط البديلة التي ترسمها هذه الشركات للخروج من المأزق والخسائر الكبيرة التي تلحق بها، جراء سوق المضاربات، والتقنيات الجديدة التي باتت غالبة في العالم.
قبل أيام، نشرت المغنية اللبنانية، نوال الزغبي، صورة إلى جانب مدير "روتانا" للصوتيات، سالم الهندي، تعلن فيها عودتها إلى الشركة السعودية بعد تسع سنوات من الانفصال الذي تم بين الزغبي و"روتانا". يومها، لجأت الزغبي إلى شركة "عالم الفن" لصاحبها محسن جابر، ولم تكن المرة الأولى التي تعود بها الزغبي إلى شركة "عالم الفن". لكن الطريق يومها إلى "روتانا" كان مسدوداً، بسبب الخلاف على شروط كثيرة، منها الحفلات والمناسبات التي تحييها الزغبي، الأمر الذي رفضته الزغبي وقتها، وقررت أن تبقى هي المسؤولة عن حفلاتها. لكن ذلك لم يكن لصالحها فشهدت في السنوات الأخيرة تراجعًا ملحوظاً، قبل إعلانها السنة الماضية قراراً بالانفصال عن مدير أعمالها، باسكال مغامس، بعد عشر سنوات من التعاون بينهما في إدارة أعمال الزغبي الفنية بالكامل.

تراجع شركات الإنتاج العربية
لم تكن السنوات الأخيرة جيدة بالنسبة لشركات الإنتاج العربية، التي كانت تعاني من القرصنة على المنتجات الغنائية. ورغم أن القرصنة واستنساخ الأعمال الفنية تحولا مع الوقت إلى تقليد، إلا أنّهما ساهما في "إضعاف" هذه الشركات، واتجه بعض أصحابها إلى بيعها أو إقفالها. في السنوات الأخيرة، دخل العامل التقني على الخط، واكتسب الناس خدمات شبه مجانية على الهواتف، لما يتعلق بتبادل الرسائل، والمقطوعات الغنائية والموسيقية، الأمر الذي أنشأ حالة من السيطرة الكاملة فرضتها التقنيات العالمية، وسارع الجميع إلى اقتنائها، ما وفر على المتابعين التوجه لشراء الأقراص الصلبة أو الأشرطة الموسيقية، والاكتفاء بالتبادل التقني على أجهزة المحمول. وتحولت الأغاني إلى رنّات، وغيرها من الأمور التي تسابق نفسها اليوم للفوز بأكبر عدد من المتابعين أو المستمعين للإنتاج الموسيقي.
لأكثر من عشرين عاماً كانت دول الخليج المنتج المنفذ الحقيقي للأعمال الفنية. التجربة المصرية لم تشهد نجاحاً قويًا هي أيضاً، والأزمة أصابت كل الشركات على اختلاف جنسياتها. شركة "عالم الفن" المصرية، لم تشهد الزخم نفسه الذي شهدته في مراحل التسعينيات ولا الثمانينيات، ولا في البدايات. وبقيت كشركة إنتاج "فخرية" لبعض الأعمال، رغم دخولها إلى تقنية "الديجيتال" على الإنترنت.
المساحة الخاصة التي حفلت بها المواقع البديلة، واهتمام المتابعين لها، أرخت بثقلها على شركات الإنتاج، التي تحولت مع الوقت إلى مجرد شركات تعهد للحفلات والمناسبات. "روتانا" تعتبر واحدة من أقدم الشركات التي حاولت استمالة الفنانين ومشاركتهم في الحفلات والمهرجانات التي يقومون بها. نجحت مع بعضهم، وأخفقت مع الوقت. المشكلة الكبيرة كانت بين "روتانا" وأحلام التي صرَّحت بأنّها لا تحب أن يقاسمها أحد في "رزقها". لتبدأ معركة "روتانا "في المساومة على هذا الشرط ضمن العقد. وقد قلّ الإنتاج الغنائي "الروتاني" بنسبة تجاوزت الأربعين في المائة من المعدل السنوي.
حاول عمرو دياب السير داخل الشركة السعودية، والبقاء بعد 11 عاماً من الانتساب لها، لكن مساعي الشركة والأصدقاء المشتركين بين دياب و"روتانا" لم تفلح في رأب الصدع بين الطرفين. فدخل الفريقان عالم المحاكم والقضايا التي لا يزال بعضها قائمًا حتى الساعة، وينتظر الكلمة الفصل من القضاء المصري. عمرو دياب سارع بعد ذلك إلى إصدار ألبوم كامل من السنة الماضية.

الفنانة نجوى كرم دخلت الصراع السري مع "روتانا". وكانت في ذمة الشركة مبالغ طائلة تعود لنجوى كرم، منها ما سُدد لكرم، ومنها لا يزال ينتظر حتى الساعة. لكن كرم قررت قبل سنتين الدخول في مجال الإنتاج، وفعلاً أصدرت ألبومها الغنائي السنة الماضية، الذي لا يحمل شعار "روتانا" للمرة الأولى.
اليوم، مع عودة الزغبي إلى أحضان "روتانا" مجدداً، ثمَّة أسئلة كثيرة حول آلية هذا التعاون. وهل تُسلم الزغبي إدارة حفلاتها إلى "روتانا" مجدداً، بعدما أصبحت وحيدة داخل الملعب. وهل تؤثر عودة الزغبي على زميلتها، إليسا، التي تعتبر الأقوى اليوم داخل الشركة السعودية، وهل يشهد الجمهور صراعاً خفيًا لاحقاً بين النجمتين.

الساهر وأحلام وملحم زين
لا تبدو شركة "بلاتينوم ريكوردز" أفضل حالاً من زميلتها "روتانا" أو بقية الشركات الصغيرة. ورغم الصعوبات التي أصابت الإعلام السعودي قبل أقل من عام، فإن "بلاتينوم" استقطبت مجموعة من الفنانين، تتقدمهم أحلام التي لجأت إليها منذ سنوات بعد مشاكلها مع "روتانا". قدمت بلاتنيوم ألبوماً واحداً لأحلام كما هو حال زميلها العراقي، كاظم الساهر، الذي أصدر ألبوماً كاملاً مع "بلاتينوم"، وتبعه ملحم زين في عمل غنائي لاقى صدى جيداً من النجاح. لكن لا يبدو أن هناك تحرُّكاً فعليّاً لكل هذه الشركات على الأرض على عكس اتجاه البوصلة. ويُقال إن خسائر فادحة تمنَى بها هذه الشركات، لكنها تحاول النهوض على بعض المبالغ المقتطعة من الحفلات والمناسبات، التي يوافق عليها الفنان في حال انتسب إلى الشركة استعان بها من أجل الحفل أو المناسبة.
هكذا تُصاب شركات الإنتاج العربية بنوع من الغياب، ويطغى الحضور المعنوي، على الفعل والواقع، ومن المؤكد أن هذه الشركات لا تعيش أفضل أيامها، لكنها قائمة على "الاسم" وسلطة المال، إن وجد، لا غير.
المساهمون