الفنانون السوريون في مواجهة نقيبهم

03 مارس 2020
حوّل زهير رمضان النقابة إلى مركز جباية ضرائب (فيسبوك)
+ الخط -
خلال فترة ولايته لمنصب نقيب الفنانين السوريين (منذ سنة 2014 وحتى اليوم)، حوّل زهير رمضان النقابة إلى فرع أمني استخباراتي، يلاحق الفنانين ويحاسبهم على مواقفهم السياسية، فاتخذ بحق المئات منهم إجراءات تعسفية خلال الأعوام الماضية. أبرز تلك الإجراءات، قرار الفصل الجماعي الذي أصدره رمضان سنة 2015 بحق 150 فناناً معارضاً بحجة عدم دفعهم لرسوم النقابة، من بينهم الفنانة سمر كوكش، التي كانت معتقلة حينذاك، إلى جانب نخبة من نجوم الدراما السورية كانوا خارج البلاد، أمثال باسل خياط وحاتم علي وسامر المصري ومكسيم خليل.

كان هذا الإجراء نقطة تحول بمسار عمل النقابة، فمن بعده تحولت هذه المؤسسة تدريجاً إلى كوة لجباية الضرائب من الفنانين، الذين وجدوا أنفسهم فجأة ملزمين بالانصياع لأوامر النقيب وسلطته القمعية، بعد أن أصدر قرارات متلاحقة تمنع أي فنان من مزاولة عمله إذا لم يكن منتسباً إلى النقابة، وتبيح لها أيضاً تحديد شروط عمل الفنان وأجره، وتفرض رقابة مشددة تحاسبهم على تصريحاتهم التي ينشرونها على مواقع التواصل الاجتماعي أو يدلون بها في إطلالاتهم الإعلامية.

ممارسات رمضان هذه أدت إلى حالة عامة من الاحتقان، طاولت صفوف الفنانين المؤيدين لنظام الأسد، بعد أن باتوا يشعرون بأن النقيب يحاربهم بلقمة عيشهم، ولا سيما عقب القرارات الأخيرة التي أصدرتها النقابة بالتزامن مع انهيار سعر الليرة السورية، والتي منعت فيها شركات الإنتاج السورية من دفع أجور الممثلين بالدولار، لتؤدي هذه الحالة العامة إلى انفجار ثورة الفنانين بوجه رمضان بالتزامن مع انتخابات نقابة الفنانين الجارية، ولتشير كل المعطيات إلى أن أيامه باتت معدودة في السلطة، وأن الممثل فادي صبيح سيكون خليفةً له، حيث أعرب عدد كبير من النجوم عن تمنياتهم بانتصار "سلنجو" على "سليل الإقطاع".

العديد من الفنانين أعلنوها صراحةً، أنهم سئموا من زهير رمضان، فاعترضت تولاي هارون (المرشحة لذات المنصب) على أسلوب رمضان الذي يضربهم بسيف الأسد، ويدعي أن كل ما يصدره من قرارات مبنيّ على لقاءات شخصية تجمعه بالرئيس. فتح هذا الباب أمام فنانين آخرين للتعبير عن استيائهم من الحال الذي وصلت إليه نقابتهم، البعض منهم لم نعتد منه الدخول بهذا النوع من السجالات، أمثال فاديا الخطاب، التي اعتبرت ممارسات رمضان كنقيب للفنانين لا تليق بهذا المنصب. وعبّر عدد كبير من الفنانين عن رغبتهم في المشاركة بالانتخابات بهدف تغيير نقيب الفنانين.

إلا أن عدداً كبيراً من الفنانين قاطعوا الانتخابات، على رأسهم الفنان بشار إسماعيل، الذي خرج بتصريحات نارية ليصف حال النقابة، وليجاهر بأن لا فائدة من تمثيل لعبة الديموقراطية، لأن المنصب سيكون لزهير رمضان بالنهاية، ووصف الحال بأنه مؤسف، وأشار بتصريحاته إلى ممارسات رمضان القمعية التي طاولته بشكل شخصي، إذ إن رمضان هدده بقطع لسانه وبالسجن. أما الفنان أيمن زيدان، فخرج عن صمته بهذه القضية ليصف زهير رمضان بالجاهل، وليتحسر على حال نقابة الفنانين، مشيراً إلى أن كل الأسماء المرشحة لا تليق بمنصب نقيب الفنانين.


فعلياً كل التصريحات التي أدلى بها الفنانون تعكس الواقع المزري للنقابة، التي لا يمكن النظر إليها إلا كصورة مصغرة عن واقع سورية السياسي، وكل المطالب التي نادوا بها تبدو محقة ومشروعة، ولكن الغريب في الأمر أن هؤلاء الفنانين أنفسهم وقفوا بصف الأسد الذي حارب شعبه الحالم بالحرية، وبدوا تواقين للحرية والديموقراطية والتغيير! فلماذا لم نرهم يطالبون بالتغيير حينها؟

ربما الخوف قد منع البعض منهم، كما أشار بشار إسماعيل بتصريحاته، وأما البعض الآخر فهو لم يكن ليتحرك ويطالب بأي تغيير لو لم تضرب السلطة الحالية مصالحهم الشخصية.
المساهمون