استمع إلى الملخص
- يعكس الفيلم تجارب النساء في العلاقات العاطفية، حيث يظهر التحول في شخصية رايل من ساحر إلى متحكم، مسلطاً الضوء على سبب بقاء الضحايا في هذه العلاقات.
- يفشل الفيلم في معالجة العنف الأسري كناتج للنظام الأبوي، ويصور العنف كمعضلة فردية، متجاهلاً الأسباب الأعمق والهياكل الاجتماعية.
لا يوجد أشخاص سيئون، هناك فقط أشخاص يقدمون على أفعالٍ سيئة. ربما تختصر هذه الجملة فلسفة كولين هوفر، الكاتبة الأميركية التي ذاع صيتها في السنوات الأخيرة، خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي، بعد تصدر رواياتها العاطفية التي تستهدف النساء قائمة ذا نيويورك تايمز لأكثر الكتب مبيعاً. فيلم It Ends with Us يستند إلى رواية بالعنوان نفسه لهوفر أصدرتها عام 2016. لاقت الرواية انتقادات، واتُّهمت المؤلّفة بإضفاء هالة رومانسية على العلاقات المسيئة.
ليلي بلوم (بليك لايفلي) شابة تسعى إلى إعادة بناء حياتها في بوسطن، وتحقيق حلم حياتها بافتتاح متجر زهور خاص بها. تلتقي مصادفة جراح الأعصاب الوسيم، رايل، الذي يؤدي دوره مخرج الفيلم جاستن بالدوني، لتشتعل شرارة الحب بينهما بسرعة. علاقة سريعة هي كل ما كان يريده رايل، بينما ترفض ليلي هذا النوع من العلاقات. رغم ذلك تتطور العلاقة بينهما لتأخذ منحى أكثر جدية بعد قرارهما بالزواج.
لا تستمر الحياة وردية بين الثنائي مع انكشاف جوانب مظلمة في شخصية رايل، ما يعيد إحياء دائرة الألم وصدمات الطفولة التي كانت ليلي تحاول الهروب منها. تتعقد الأمور أكثر عندما يعود أطلس (براندون سكلينار)، حب ليلي الأول، إلى حياتها، ما يزعزع قناعاتها ويدفعها إلى إعادة النظر في قراراتها وما ترغب به حقاً.
تدور أحداث الفيلم في الوقت الحاضر، ولكن تتخللها ذكريات الماضي. من خلال هذه الذكريات، نسترجع ماضي ليلي، المراهقة التي نشأت في منزل غير مستقر، مع أب عدواني أساء إلى والدتها نفسياً وجسدياً. نتيجة العيش في بيئة كهذه، تتشكّل في ذهن ليلي صورة مشوهة عن الرجل والعلاقات، في مقابل رغبة دفينة بألا تكون نسخة أخرى من والدتها.
القصة تعكس ما تمر به الكثير من النساء في علاقاتهن العاطفية، إذ يبدأ الجانب العدواني للرجل بالظهورعادةً بعد انتهاء فترة التعارف الأولية، وغالباً ما تُبرّر تلك السلوكيات بالغيرة والحرص على الآخر. ينجح الفيلم في تصوير هذه التحولات في شخصية رايل، الذي يقدّم نفسه في البداية كرجل ساحر، ومتفهم، ولطيف، قبل أن يصبح متحكماً بكل جوانب العلاقة، مستخدماً كل أساليب التلاعب العاطفي للإبقاء على ليلي تحت السيطرة. يسلط الفيلم الضوء على سبب بقاء ضحايا العنف وهن غالباً من النساء في هذا الوضع لفترة طويلة، فمن السهل على الأشخاص خارج العلاقة التساؤل لماذا لم يغادر شخص ما بعد الإساءة الأولى أو الثانية على الأقل. يقودنا هذا إلى الإشكالية المعتادة في عدم إدراك الضحايا من النساء لحقيقة هذه الممارسات، واستمرارهن في تبريرها، والتخبط في انفعالاتهن العاطفية، حتى تتعقد دائرة العنف ويصبحن أسيرات لعلاقات مسيئة، يجدن صعوبة في مغادرتها.
يحاول الفيلم تقديم قصة عن دوائر العنف والصدمات المتوارثة بين الأجيال، لكنه يفشل حين يصوّر العنف الأسري بوصفه معضلة أخلاقية فردية من دون مناقشة الأنظمة الاجتماعية التي تدعمه؛ فعوضاً عن تناول العنف بوصفه نتاجاً للنظام الأبوي والذكورة السامة، يوحي الفيلم بأن العنف يمكن تجنبه عن طريق مخاطبة مشاعر الرجل، وتذكيره بعاطفة الحب والحماية التي يشعر بها تجاه النساء القريبات منه. هذه الرؤية الساذجة خطيرة لأنها تتجاهل الأسباب الأعمق للمشكلة، وتتعامل مع العنف الذكوري على أنه مرتبط بغياب عاطفة معينة، متغافلة عن معالجة الأسباب والهياكل الاجتماعية التي تشرعن العنف وتتسامح عنه في سياقات معينة. رايل، على سبيل المثال، يُصوّر كرجل معتدٍ بسبب صدمة شخصية، وليس لأنه يستمد شرعيته في استخدام العنف من مكانته الاجتماعية.
من مشاكل الفيلم أيضاً، شخصية أطلس. أطلس هو الرجل الذي يجب بناء علاقة صحية معه، أو على الأقل هذه هي الطريقة التي يُقدَّم بها لنا. لماذا؟ لمجرّد أنه لا يعتدي على ليلي، ولكن في المقابل لا مشكلة في اعتدائه على رجال آخرين.
ومن المؤسف أن الفيلم يقدّم اقتحام حمام النساء، كما يفعل أطلس في أحد المشاهد، وما في ذلك من انتهاك للحدود الشخصية والجماعية، كتصرّف مبرر، إذا كان الدافع وراء ذلك هو النوايا النبيلة لـ"البطل المنقذ". شكّل التزام السيناريو بالرواية نقطة ضعف للفيلم، فبدلاً من محاولة معالجة العيوب السردية والفكرية في النص الأصلي، ينتهي الفيلم بنفس المشكلات، ويبدو وكأنه فرصة ضائعة لتقديم رؤية أنضج. كان بإمكان الفيلم أن يشكّل اقتباساً يتحدّى الصيغة التجارية لرواية هوفر، ويقدّم رؤية نقدية للعنف القائم على النوع الاجتماعي والعلاقات السامة. للأسف، اختار الشريط التمسك بالنص الأصلي من دون تقديم تشريح أعمق لموضوع العنف الذكوري. النتيجة هي عمل متوقع، لا يتجاوز الكليشيهات الرومانسية، ويفشل في التعامل جدياً مع القضايا التي يتناولها.