الدراما العربية وسباق الاقتباسات

30 يناير 2020
سيرين عبد النور بطلة مسلسل "العودة" (العربي الجديد)
+ الخط -
في حين كنا نبحث عن الشغف في عكس آلام الشارع العربي ضمن الدراما، كنا نجدها حاضرة من دون طلب في باقة من الأعمال سنوياً تحاكي الشارع وتلامس أرواح من انتظرها، لتتنوع بين الدرامي الصرف، أو حتى البوليسي المنطقي والمطابق لما يحيط بنا من أحداث، فنرتمي في أحضان الشاشة نترقب وننتظر كل حلقة تباعاً، إذ لا يخلو الأمر من بعض السهوات السردية ضمن العمل الواحد؛ فنتقصد تجاهلها كونها ثانوية مقارنةً بالمحتوى، لتأتي الأعمال العربية المشتركة فضفاضة علينا، وبعيدة عما يحتاجه المشاهد من دراما تعكس الواقع بموضوعية ومصداقية ومنطقية.
تسابقت شركات الإنتاج إلى انتزاع النجوم العرب من دراما بلادهم ليدخلوا غمار الأعمال المشتركة، ليتصدر لبنان وسورية ومصر القوائم في المواسم الرمضانية، ضمن إقبال جماهيري واضح، من دون أن تنكر الصحافة الناقدة ذلك النجاح الذي حققته تلك الشركات، إلى حين ظهور "الفورمات الأجنبي" الذي طمس الهوية العربية بشكل تام، حتى يكاد كاتب النص مسترخياً ومؤدياً لوظيفة النسخ واللصق من دون جهد أو مبادرة لإضافة لمسة عربية على النص.
اللجوء إلى هذا النوع من الأعمال المعروفة بالفورمات، لا يندرج تحت إطار السرقة؛ فالحفاظ على حقوق الملكية الفكرية للعمل الأجنبي هو من الأساسيات. إلّا أن هناك استسهالاً في عملية بناء النص، لأن الخطة والأحداث والحبكة فيه، جرى بناؤها عن طريق النسخة الأصلية منه. كانت مصر أول الدول العربية التي تعاطت بمثل هذا النوع من الدراما، بعمل أنتجته شركة "بي لينك"، يحمل اسمه "غراند أوتيل" (2016).

تطورت ظاهرة الفورمات لتجول ضمن قولبة العمل العربي بإطار محدّد يكون نسخة طبق الأصل عن حكاية لا تشبه بمضمونها واقعها العربي، فمن لغة الدبلاج إلى إعادة تصوير المشاهد منسوخة كما حال "عروس بيروت" الذي استُنسخ عن "عروس إسطنبول" التركي الأصل، وعلى الرغم من تصديره لنجوم جدد، إلا أنه مزج الجنسيات العربية ضمن أسرة واحدة بصورة غير منطقية، لاقت رفضاً من النقاد، بمقابل نسب مشاهدة جيدة من قبل الجمهور.
سباق يكاد أن يكون فوضوياً، مستغلاً الفورمات، يخوض فيه مسلسل "دانتيل" المستوحى من فورمات أجنبي بعنوان velvet. يضم العمل أسماءً من سورية ولبنان، ببطولة للممثلة اللبنانية سيرين عبد النور، والممثل السوري محمود نصر، على أن يعرض في الموسم الرمضاني 2020، تظهر من خلاله الشركة المنتجة، وهي "إيغل فيلمز" أيضاً، أنها واثقة من نجاح هذا الصنف، من دون أن تعتبر أن ما تقوم به هو عبارة عن مجازفة حتى.
وضع الفورمات الأجنبي صناع المسلسلات العربية، والمتابعين لها، في حالة من الجدل، إذ رأى البعض أن وجود هذه النوعية من الأعمال بمثابة تمهيد لابتلاع الدراما العربية، وإلغاء خصوصيتها في إطار عولمي هجين لا يحتضن خيال الكاتب العربي، فيما اعتبرها آخرون ظاهرة صحية تنم عن إيجابية التأثير والتأثر، في ظل التنوع الدرامي الموجود على الساحة عبر قضايا لا تعترف بحواجز اللغة. لكن ماذا لو كان العمل لا يحتوي على تلك القضايا حتى؟ وتحديداً في وقت يطلب فيه جمهور مواقع التواصل الاجتماعي تغييراً جذرياً بالمضمون والمحتوى بعد وقوع الدراما وكل ما فيها في مطبات التكرار.
دلالات
المساهمون