كوميديا الحرب: اليمنيون يضحكون في وجه المأساة

25 مايو 2015
حضورٌ وتفاعل خلال العروض (العربي الجديد)
+ الخط -
نجح اليمني في تحويل مشهد بلده الحزين إلى كوميديا سوداء، مغلّفة برسائل سياسية واجتماعية، تدفع الناس للتمسّك بالأمل والحياة، متحدّيةً بذلك الألم والموت. هكذا فتحت مؤسسة "روابط" الإعلامية النافذة الوحيدة للابتسامة حتى الآن، وأقامت فعاليات تطوعية إبداعية وكوميدية بعنوان "كوميديا الحرب". ونفّذ شبابٌ سلسلة من مقاطع "ستاندأب كوميدي" و"الاسكتشات" المسرحية والوصلات الموسيقية واللوحات التشكيلية ذات القالب الساخر من الحرب وتناقضاتها.
وقد نجح فريق العمل الشاب في إقناع إدارة "سينما قرطاج"، في أحد أفخر أحياء العاصمة صنعاء، بتخصيص يومين للجمهور اليمني للاستمتاع بفقرات العروض مجاناً، وسط شكوك حول إمكانية حضور الجمهور. إلا أن عبد الجبار السهيلي، مدير الفعاليات في مؤسسة روابط، أوضح لـ "العربي الجديد" بأن أكثر من ألف شاب وشابة استمتعوا بالفعاليات وقوفاً بسبب ازدحام المكان، بينما لم يجد العشرات مكاناً.
خلال تلك الفعاليات، أخرج كثيرون ما في صدورهم من سخرية وألم ليحدّثوا بهما، بتلك الهزلية، ساستهم الذين لم يفهموا لغة التحاور والتوافق، تحديداً في فقرة "الجواب أو ابن عمه"، بأسلوب "ستاندأب كوميدي" وبشكل تفاعلي، فقد سُمح للجمهور بتوجيه أسئلة عن الحرب، ليرتجل المقدّم الإجابة بقالب ساخر.
وفي فقرات أخرى، استخدم الأسلوب نفسه لاستعراض مشاكل الحبّ وقت الحرب، بينما تميّز ثالث بالضحك على أحوال المجتمع وسط أجواء الحرب.
كانت الفعالية توظيفاً ممتازاً للسخرية العصرية، ومحاكاةً للواقع ورصد تناقضاته بأسلوب شبابي متمرّد. وقد بدت الفقرات وهي تمزج الدمعة بالابتسامة، وتحيك قصصاً تتحدّى العنف والقتل باللون والأغنية وابتسامة التحدّي العفويّة، التي لا تخلو من توبيخ وجلد لمن صنع المأساة، بما فيها جلد الذات أحياناً كمسؤولية اجتماعية.

إقرأ أيضاً: كل الدروب إلى سقطرى... مقفلة


نجم "الستاندأب كوميدي" في اليمن، الفنان صالح الأسمر، الذي أدّى اسكتش "المخترع المجنون"، تحدّث عن إقحام الهزل في تناوله قضية جادّة، وهي الحرب: "غباء ساستنا والمصير الأليم الذي خلقوه للمجتمع هو ما دفع الناس لخلق النكتة. أنت ترى النكتة واضحة بين أقوالهم وأفعالهم، وترى المفارقات المضحكة مثلاً في تغيير تحالفاتهم بين ليلة وضحاها... وجدنا مجموعة من الشباب وقد اتفقوا على أن يحمل كل منهم ثلاث نكات، استخلصوها من الفعاليات ليبدأوا جميعاً بنشرها على وسائل التواصل الاجتماعي".
وفسّر مدير الفعالية عبد الجبار السهيلي، لـ"العربي الجديد" عن خطة "روابط" التي تقضي بإقامة فعاليات مشابهة في مكان أوسع، من أجل إمتاع قدر أكبر من الجمهور، وجعلهم محل تحدّ وتقبل للظروف الواقعية، ولكن بروح رياضية من أجل ضمان صمود أطول.
وتخطط المؤسسة أيضاً لإطلاق حملة مناصرة لتحويل مصنع الغزل والنسيج المتوقّف عن العمل منذ أكثر من 20 عاماً في صنعاء، إلى مصنع للنسيج الفني والثقافي للشباب، لإقامة الكثير من الفعاليات بعد ازدحام القلوب بالهموم والحزن وتلوّث المناخ بدخان العنف.
المساهمون