قبل نحو عام، كان الفلسطيني موسى الملاح يمتلك مقهى صغيراً يُطل على بحر مدينة غزة، وعلى مساحةٍ لا تزيد عن 30 متراً مربعاً. مرّت الأيام، وتحول هذا المكان الصغير إلى مقهى كبير، وبات يتسع لأناسٍ أكثر، يرتادونه لأجل فسحة قصيرة من الحياة، يعودون خلالها إلى عهد البساطة قليلاً، والتي ربما غيّبتها الحداثة بالقطاع. ست طاولات فقط هي كل ما كان يملك الملاح. في كل مرةٍ كان يزدحم عليها الزبائن، وكان الشاب يُفكر جدياً في توسعة المكان، لكنه بحث عن شكلٍ مختلف لهذا المقهى. انتقالٌ زمني تحوّلت فيه مساحة المكان من 30 إلى 300 متر مربع، طوّع فيها الخشب بأنواعه والمقتنيات القديمة والأثرية لتصميم المقهى البسيط.
"بساطة كافيه" هو الاسم الذي أطلقه الشاب الفلسطيني على مشروعه الخاص. يقول عنه لـ"العربي الجديد" إنه "عبارة عن مقهى مريح للأعصاب والذهن بشكله البسيط والمصمم من الخشب، والذي تغلب عليه الأجواء البسيطة واللافتة للنظر بقدر بساطتها، ومن هنا كانت تسمية المكان الذي أصبح وجهة كثيرين من الغزّيين المكلومين". الملاح الذي لم يُكمل دراسة هندسة الديكور لظروفٍ خاصة به، يبيّن أنه عندما راودته فكرة تصميم المقهى من الخشب والأشياء البسيطة، لم يلقَ تشجيعاً على الفكرة، ويقول إنه في نظر البعض أن الناس تبحث عما هو جديد ومستحدث، لكن اعتقاده بأن الحنين الذي ما زال يراود الفلسطينيين لأيام الحياة البسيطة كان صائباً في النهاية.
الإقبال الواسع على "بساطة كافيه" من قبل الغزّيين المحاصرين إسرائيلياً للعام الثاني عشر على التوالي، يُفسره الملاح بأن المكان كان بمثابة الفسحة التي انتظرها هؤلاء للابتعاد عن الأجواء الصاخبة والمزدحمة بالأزمات في غزة، وصولاً إلى الرغبة في مكان يغيبون خلاله عن الواقع الصعب، وحتى عن غلاء المعيشة أيضاً. وهذا دفع الملاح كذلك إلى تصميم زاوية خاصة داخل المقهى، تتعلق بمحاولة السفر عبر الزمان. ففي المكان، صُمم ركن معين على شكل يُحاكي معاناة الفلسطينيين من السفر إلى الخارج، إذ يعتقد الشاب الغزّي أن الجلوس في هذا الركن يجعل من يحلمون بالسفر يعيشون اللحظة، ولو بالخيال، رغم عدم قناعة البعض بالفكرة، وفق قوله. وفي نظرةٌ على المكان الذي بات حلماً كبيراً للشاب الملاح، تجده عابقاً بالخشب الملون، والذي استفاد منه في تصميم ديكور يُميز المقهى عن غيره من المقاهي المنتشرة بالقطاع، بالإضافة إلى مقتنياتٍ أثريّة يعود تاريخ بعضها إلى عشرات السنوات، عدا عن رسومات محمود درويش وأم كلثوم وجيفارا ورسومات تشكيلية أخرى.
اقــرأ أيضاً
وفي سياقٍ آخر، فتح هذا المشروع مصدر دخلٍ لعدد من الشبان في غزة، فبعدما بدأ المكان بعاملين، أصبحوا تسعة، وهو أمر يراه الملاح فرصة تشبه فرصاً معدودة في القطاع، يحاول من خلالها الشباب والخريجون الهروب من البطالة التي تجتاح صفوفهم. ويعيش قطاع غزة ظروفاً اقتصادية ومعيشية صعبة، يأمل الناس مع بداية العام الجديد تغيرها، خصوصاً انتهاء أزمة الرواتب التي عصفت بأحوال الموظفين في غزة منذ أكثر من عام ونصف العام، والتي أدت إلى تدهور القدرة الشرائية، وانهيار اقتصادي تدريجي زاد مع تقليص رواتب موظفي حكومة غزة السابقة التابعة لحركة "حماس"، ومع الخصومات التي فرضتها السلطة الفلسطينية على رواتب موظفيها في غزة منذ إبريل/ نيسان 2017.
وذكر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أن نسبة البطالة في غزة ارتفعت من 39.8 إلى 61.2 في المائة، خلال الفترة ما بين عامي 2007 و2017. وأشار الجهاز إلى أن أكثر من ثلث الشباب في غزة يرغبون في الهجرة إلى الخارج، إذ تدفع الأوضاع السائدة الشبابَ إلى الهجرة، وسجلت 37 في المائة في غزة مقارنة بـ 15 في المائة في الضفة الغربية.
"بساطة كافيه" هو الاسم الذي أطلقه الشاب الفلسطيني على مشروعه الخاص. يقول عنه لـ"العربي الجديد" إنه "عبارة عن مقهى مريح للأعصاب والذهن بشكله البسيط والمصمم من الخشب، والذي تغلب عليه الأجواء البسيطة واللافتة للنظر بقدر بساطتها، ومن هنا كانت تسمية المكان الذي أصبح وجهة كثيرين من الغزّيين المكلومين". الملاح الذي لم يُكمل دراسة هندسة الديكور لظروفٍ خاصة به، يبيّن أنه عندما راودته فكرة تصميم المقهى من الخشب والأشياء البسيطة، لم يلقَ تشجيعاً على الفكرة، ويقول إنه في نظر البعض أن الناس تبحث عما هو جديد ومستحدث، لكن اعتقاده بأن الحنين الذي ما زال يراود الفلسطينيين لأيام الحياة البسيطة كان صائباً في النهاية.
الإقبال الواسع على "بساطة كافيه" من قبل الغزّيين المحاصرين إسرائيلياً للعام الثاني عشر على التوالي، يُفسره الملاح بأن المكان كان بمثابة الفسحة التي انتظرها هؤلاء للابتعاد عن الأجواء الصاخبة والمزدحمة بالأزمات في غزة، وصولاً إلى الرغبة في مكان يغيبون خلاله عن الواقع الصعب، وحتى عن غلاء المعيشة أيضاً. وهذا دفع الملاح كذلك إلى تصميم زاوية خاصة داخل المقهى، تتعلق بمحاولة السفر عبر الزمان. ففي المكان، صُمم ركن معين على شكل يُحاكي معاناة الفلسطينيين من السفر إلى الخارج، إذ يعتقد الشاب الغزّي أن الجلوس في هذا الركن يجعل من يحلمون بالسفر يعيشون اللحظة، ولو بالخيال، رغم عدم قناعة البعض بالفكرة، وفق قوله. وفي نظرةٌ على المكان الذي بات حلماً كبيراً للشاب الملاح، تجده عابقاً بالخشب الملون، والذي استفاد منه في تصميم ديكور يُميز المقهى عن غيره من المقاهي المنتشرة بالقطاع، بالإضافة إلى مقتنياتٍ أثريّة يعود تاريخ بعضها إلى عشرات السنوات، عدا عن رسومات محمود درويش وأم كلثوم وجيفارا ورسومات تشكيلية أخرى.
وفي سياقٍ آخر، فتح هذا المشروع مصدر دخلٍ لعدد من الشبان في غزة، فبعدما بدأ المكان بعاملين، أصبحوا تسعة، وهو أمر يراه الملاح فرصة تشبه فرصاً معدودة في القطاع، يحاول من خلالها الشباب والخريجون الهروب من البطالة التي تجتاح صفوفهم. ويعيش قطاع غزة ظروفاً اقتصادية ومعيشية صعبة، يأمل الناس مع بداية العام الجديد تغيرها، خصوصاً انتهاء أزمة الرواتب التي عصفت بأحوال الموظفين في غزة منذ أكثر من عام ونصف العام، والتي أدت إلى تدهور القدرة الشرائية، وانهيار اقتصادي تدريجي زاد مع تقليص رواتب موظفي حكومة غزة السابقة التابعة لحركة "حماس"، ومع الخصومات التي فرضتها السلطة الفلسطينية على رواتب موظفيها في غزة منذ إبريل/ نيسان 2017.
وذكر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أن نسبة البطالة في غزة ارتفعت من 39.8 إلى 61.2 في المائة، خلال الفترة ما بين عامي 2007 و2017. وأشار الجهاز إلى أن أكثر من ثلث الشباب في غزة يرغبون في الهجرة إلى الخارج، إذ تدفع الأوضاع السائدة الشبابَ إلى الهجرة، وسجلت 37 في المائة في غزة مقارنة بـ 15 في المائة في الضفة الغربية.