محمد رمضان وتميم يونس... الحاجة إلى الجدل

09 يناير 2020
يحاول محمد رمضان أن يخفف من "الأنا" (Getty)
+ الخط -
قبل أيام، ومع انطلاق العام الجديد، أصدر محمد رمضان، مهرجانا شعبياً جديد بعنوان "رايحين نسهر". الأغنية لاقت نجاحاً كبيراً (أكثر من تسعة ملايين مشاهدة في خمسة أيام على "يوتيوب"). أولاً، بسبب شعبية رمضان. لكن أيضاً بسبب التجديد في الكلمات، والابتعاد عن "الأنا" المسيطرة على كل أعماله في الغناء أو الدراما أو السينما. 

كلمات المهرجان بسيطة وخفيفة، وفيها مقاطع من الكوميديا، كأننا أمام مونولوغ فكاهي أو أغنية كرتونية، "يا جماعة، أنا مش لاقي تليفوني يا جماعة، بيرن هناك ما تجيبهولي يا جماعة، سلاحف النينجا طلبوني يا جماعة.. أنا شكلي خربت فوّقوني". يغير رمضان جلده تماماً هذه المرة، ويستعد أكثر لدخول عالم المهرجانات والحفلات تحديداً.

نحن هنا باختصار أمام فصل جديد من سيرة محمد رمضان، كانت بدايتها التعاون مع المغني المغربي (المتهم بسلسلة جرائم تحرش جنسي) سعد لمجرد في "إنساي". ثمّ جاءت "رايحين نسهر" لتحمل كلمات مختلفة عن تلك التي اعتادها جمهور "الأسطورة" كما يسمي نفسه. ورغم ذلك، ارتأى أن يحافظ على قواعده في تصوير الفيديو كليب الذي أخرجه محمد سامي: لقطاته وهو عاري الصدر، وعشرات النساء حوله، ثم استخدام الأسلحة النارية، مع الإضاءة الخافتة.

لكن هل نجح رمضان تماماً في الامتحان الجديد؟ رغم مظاهر التغيير، جاء المهرجان بسيطاً ومتكرراً بشكل ممل في بعض الأوقات، خصوصاً لجهة اللحن والتوزيع. نفس الإيقاعات لكل المقاطع، مع الاهتمام بوجود لازمة تعلق مع الجمهور "بم بم بم بم"، وبالطبع رقصة جديدة لرمضان عليها. لعلّ ما فات الموزع هو تكثيف الإيقاعات، والتنوع في توزيع مقاطع الأغنية.
حتى الكلمات، ورغم أنها اختلفت عما غناه رمضان سابقاً، إلا أنها اتسمت بالسهولة والسطحية، والجري وراء القافية لخلق قفلة كوميدية.

لكن كل هذه العوامل لن تقف في وجه نجاح الأغنية. إذ يعتمد رمضان أولاً وأخيراً على شهرته ونجاحه الدرامي، لتسويق أعماله الغنائية. هذا ما حصل أيضاً مع "رايحين نسهر"، رغم أن منافساً قوياً مطلع العام سحب جزئياً البساط من تحت رمضان وعمله الجديد. ففي نفس الوقت، أصدر تميم يونس أغنيته الساخرة "سالمونيلا" التي التهمت الترند في مصر، بعد جدل كبير حولها.


تميم يونس هو الآخر يعرف كيف يصنع ضجة حول أعماله. الشاب المصري القادم من عالم الإعلانات يتعامل مع أغنيته كمنتج قابل للتسويق. هذا ما حصل مع اغنيته الـhit "إنت أي كلام" (2018)، وما تكرر اليوم مع "سالمونيلا/عشان تبقي تقولي لأ".

الأغنية الجديدة واجهت الكثير من الانتقاد على وسائل التواصل الاجتماعي، فاعتبرها البعض هجوماً ضد النساء، وتحريضاً على العنف والتحرّش. لكن الحقيقة أننا أمام "منتج" لا يحتمل كل هذا الهجوم. فنحن أمام عمل غنائي كوميدي، يمكن تقييمه من هذه النقطة وبأدوات النقد الفني الموسيقي، لا باستخدام الصوابية السياسية.

فإذا اعتبرنا أنه يجب تجريد أي أغنية من الأهداف التربوية والأخلاقية تجاه المجتمع، خصوصاً أن تميم يونس ليس في الأساس مغنياً ولا موسيقياً، بل مخرج وصانع إعلانات ناجح في مجاله. انطلاقاً من موقعه هذا، يحاول تقديم محتوى كوميدي خاص به بين فترة وأخرى. حصل ذلك مع حلقات "راسيني" أو "إنتِ أي كلام"، وينجح في كل مرة بتصدر الترند وخلق جدل حول أعماله.
تميم يونس إذاً ليس مطرباً أو صانع موسيقي، بل تمكّن مع تغير المشهد الموسيقي في مصر، إثر انتشار المهرجانات وأغاني الراب وتحول السوشيال ميديا إلى عالم تسويق كبير، أن ينتج أغنية تخلق جدلاً افتراضياً، وبالتالي شهرة ونجاحاً.

"سالمونيلا" من كتابة تميم نفسه وتوزيع محمد زهير، وهي عبارة عن كوكتيل لكل القوالب الغنائية الموجودة حالياً، من البوب إلى الراب فالمهرجانات، بإطار كوميدي منذ اللحظة الأولى، مروراً بظهور محمود العسيلي، وتصوير الأغنية بشكل كوميدي. الأغنية تنتمي لعالم المونولوغ الفكاهي، وهذا كل ما في الأمر.

دلالات
المساهمون