رحيل الكاتب والسينارست محفوظ عبد الرحمن... عمود الدراما التاريخية في مصر

19 اغسطس 2017
(فيسبوك)
+ الخط -





"عشت أكثر مما أرغب وأنتظر الموت".. هكذا كانت فلسفة الكاتب والسينارست المصري محفوظ عبد الرحمن، الذي رحل عن دنيانا اليوم السبت، بعد سنوات من صراع طويل عاشه مع المرض، فلم يكن يوماً يخشى الموت وكان فقط يخاف من موت المقربين له، أما الموت لنفسه فكان يراه هو الحقيقة الوحيدة في هذه الحياة.

أوصى عبد الرحمن زوجته الفنانة القديرة سميرة عبد العزيز وأبناءه الثلاثة بألا يقيموا له عزاءً حين يموت لعدم رغبته في إجهاد من سيأتون، وحتى لا تكون مراسم توديعه رسمية، ولكنهم رفضوا مثلما أشار في لقاء له وأصرّوا أنهم سيقيمون له عزاء.

يعد الكاتب الراحل واحداً من أهم أعمدة الدراما المصرية والعربية ممن أبدعوا في كتابة الدراما التاريخية، وكان أول عمل يكتبه مسرحيا وهو "حفلة على الخازوق" ثم قدم مسلسل "سليمان الحلبي" وحقق نجاحاً كبيراً أخافه هو شخصياً، ثم قدم عدة أعمال ثم جاءت الملحمة الدرامية "بوابة الحلواني" عام 1991 وأحدث هذا العمل الذي أنتجه ممدوح الليثي ضجة كبيرة كونه غيّر في شكل العمل التاريخي، ونقلة بأحداث اجتماعية حياتية، إذ رصد فترة تأميم قناة السويس بمنظور حياتي اجتماعي وكان أول كاتب يرصد هذا الحدث العظيم، وكيف أن الغرب أصيب بصدمة من هذا التأميم فتعلق الكثيرون بهذا المسلسل حتى إن شارة العمل التي غناها الفنان علي الحجار لا يزال بعض الفنانين يتغنّون بها حتى الآن في حفلاتهم لما تحمله من حماسة وطنية كبيرة.

كما قدم سلسلة طويلة من المسلسلات المهمة مثل "أم كلثوم" التي جسدت الشخصية فيها الفنانة صابرين، و"الفرسان يغمدون سيوفهم" و"غرناطة" و"عنترة" وغيرها من الأعمال التي سردت حقبا زمنية متفاوتة وأثرت الدراما بتوثيق اجتماعي لها.

ولم يقدم محفوظ عبد الرحمن على مدار تاريخه الطويل سوى ثلاثة أفلام سينمائية، هي فيلم حليم عام 2005 من إخراج شريف عرفة، وفيلم ناصر 56 عام 1996، وفيلم القادسية، فركز الكاتب المصري على الكتابة للشاشة الصغيرة والمسرح أيضا حيث قدم الكثير من المسرحيات مثل "حفلة على الخازوق، "غريب لبنت السلطان"، "الحامي والحرامي"، "كوكب الفيران"، "السندباد البحري"، "الفخ"، "الدفاع"، "محاكمة السيد م"، "احذروا"، و"ما أجملنا"، وتميزت هذه الأعمال طبقا لآراء النقاد بأنها تحمل همّا فلسفيا مستمدا من التراث العربي، كما أن صياغة جملته المسرحية كانت مشحونة بالتوتر.

وستفتقد الدراما المصرية التي لم تقدم عملاً تاريخياً يقارَن بأعمال هذا الكاتب، لوجوده ولكن ستظل أعماله متحدثة رسمية وبمثابة سيرة ذاتية عنه ومدرسة يتعلم فيها شباب المؤلفين الجدد.
دلالات
المساهمون