العلاقة البينية للبورصات العربية

25 مارس 2015
في عالم المال يحتاج المستثمر إلى المعلومات الخام (Getty)
+ الخط -
يطلق في عالم الإعلام الحديث مصطلح " العالم قرية صغيرة" كدلالة على سهولة انتقال المعلومات والأخبار بمجملها عبر الطرق الحديثة والوسائل الإعلامية المختلفة ما بين الدول دون النظر إلى الحدود أو العوائق التي قد تمنع الكثير من الأمور الأخرى كانتقال الأشخاص مثلاً. ويستخدم البعض مصطلحاً آخر لعملية النقل المعلوماتية كالعولمة أو مصطلحات أخرى تعني، أن تأثر الأفراد بالأخبار يكون أسرع من الماضي والعقود التي كانت الأخبار قد تحتاج إلى أشهر لتصل إلى مبتغاها.

وفي عالم المال يحتاج المستثمر إلى المعلومات الخام، والتي قد تحتاج إلى تحليل حتى يستخلص منها موقف محدد اتجاه استثمار أو مشروع معين، وهذه المعلومات مجتمعة هي أساس القرارات التي يتخذها الفرد أو حتى المؤسسات المالية لتكون بمثابة الرأي المرشد إلى الحقيقة المتوقعة من خلال الاستنتاجات العلمية، وهي دراسات تاريخية يتوقع منها، أيضاً، التكرار في حال تكرار بقية الظروف الأخرى المحيطة.

ولذلك فإن التحليل الفني يقوم على مبدأ مقارنة المستويات التاريخية للأسعار أو المؤشرات ونظريات التكرار فيما يخص المستقبل القريب دون النظر إلى العوامل الأخرى أو بالمعنى الأصح المعلومات الأخرى المتوافرة، وهي الأقرب للمعلومات الجوهرية التي قد تغير الاتجاه المنطقي بعلاقة الدالة الحسابية في إطار ذلك التحليل.

إلا أن متغيرات محيطة بمنطقة الحدث والبورصة المعنية تغير في الغالب اتجاه المؤشرات وتقوم بالتأثير على تلك السوق أو عدة أسواق، ليكون التذبذب هو الحالة المسيطرة على المشهد الاقتصادي لسوق رأس المال، مما يحقق الأرباح والخسائر في الأوراق المالية، ومن ثم على المستثمر أو متخذ القرار الاستثماري أن يعي كيفية التعامل مع ارتباطات المعلومات والعوامل المختلفة فيما بينها.

وعبر التاريخ أثبتت عدة أحداث أنها كانت وراء توجيه عدد من الأسواق وأنها جعلت بينها رابطاً خفيّاً وغير مباشر، بل وقد وضع ذلك الحدث إحدى البورصات في المقدمة والريادة، حيث تأثرت نفسيات المتعاملين في الأوراق المالية بها بشكل كبير وبلا منطقية في الكثير من الأحيان، فعلى سبيل المثال قد يكون لعدد من الدول مصدر أساسي متطابق أو متشابه ليكون هو ذلك الحدث المؤثر في التوجيه.

وعبر التطور في السنوات الأخيرة في منطقة الخليج تحديداً والمنطقة العربية بشكل عام، وجدت الأسواق المالية طريقاً عبر القوة الإعلامية للدخول في بيوت الكثير من المواطنين والأفراد الذين لم يكن لهم أي اهتمام سابق بالأوراق المالية، وبطبيعة حال التضخم والارتفاع الكبير للأدوات الاستثمارية المتعددة، كانت الأوراق المالية هدفاً سهلاً ومبتغى الوصول إلى تحقيق الثروات السريعة لما تمتلكه هذه الأداة من مقومات الانتشار والتعامل السلس على الرغم من التعقيد الموجود في العوامل المؤثرة في عالم المال، وهي ذات ارتباط سلوكي في معظمها.

ولما كان النفط العامل المشترك لبورصات خليجية عربية، كان من المنطقي والبديهي أن تتعامل تلك البورصات بحذر مع تقلبات أسواق النفط العالمية لما لها من أثر غير مباشر على مستقبل الشركات التي يكون لعملية الإدراج في البورصة ميزة أفضل لها في مواجهة الحصول على المشاريع الحيوية للدولة بعد أن تستغل الفوائض في توجيهها للمشاريع العامة ومشاريع البنى التحتية وتطوير مقومات الدولة الاقتصادية.

والمتابع لتقلبات أسواق المال العربية خلال السنوات القريبة السابقة يجد أن غالبية البورصات الخليجية تتحرك في منظومة موحدة وتحقق نسب ارتفاعات أو انخفاضات متقاربة، مقارنة بتوحيد التحرك لبورصات عربية ذات قرب جيولوجي من خلال التغيرات الجيوسياسية الأخيرة والثورات والتغير الحكومي وأسلوب النظام الحاكم للدولة، مما أعطى دلالة على النمط المتطابق بين بورصتين أو أكثر.

كما تعتبر الحالة الاقتصادية للدولة بمثابة المؤشر أو المرآة العاكسة له، وهي بورصة الأوراق المالية والتي تكون هشه أو قوية إعتماداً على المؤشرات المالية العامة كالدخل القومي ومصادر تمويل المشاريع الحكومية والقوة الشرائية للفرد وغيرها من المؤشرات التي تكون على هيئة نسب تحليلية تعطى ذلك التشابه في عالم المال، وهي غالباً ما تكون في أوائل المعطيات للتقارير العالمية، كما نجدها حاضرة في التقارير الإعلامية لأهميتها في تكوين انطباع لدى المتلقي، وهذا ما يحدد التوجه بالدخول من عدمه للاستثمار بتلك الدولة بالنسبة للأجانب، ومن ثم يتم النظر إلى التفصيل الدقيق، فالأدق حتى يتم غلق دائرة الاستثمار على أداة معينة.

وكما ارتبطت الأسواق الخليجية بالحالة النفطية، وجدت أسواق شمال أفريقيا العربية حالة ارتباط مشابهة مع عوامل متشابهة، منها على سبيل المثال المساعدات الأمريكية للدول والمشاريع المشتركة وغيرها من العوامل ذات التأثير الأقل، فالأقل ليكون ذاك الارتباط مختلفاً في معطياته وقوته من الارتباطات العربية الأخرى.
(خبير اقتصادي كويتي)

إقرأ أيضا: أرباح الإنتاج الموسيقي الجزائري: 4 ملايين دولار سنوياً
المساهمون