حسن بركاني: نحتاج تسويق المغرب الموحد اقتصادياً وسياسياً

04 مارس 2015
حسن بركاني (العربي الجديد)
+ الخط -
يعرض نائب رئيس اتحاد الغرف الاقتصادية لدول المغرب العربي، حسن بركاني، أهم الخطوات التي تعتزم هذه الدول تنفيذها للنهوض باقتصادات دولها. ويؤكد في حواره مع "العربي الجديد" على ضرورة إعادة النظر في شكل الاستثمارات التي تعرفها المنطقة.

وهذا نص الحوار:

*يعتبر حجم المعاملات التجارية بين دول المغرب العربي ضعيفا جداً، هل استطعتم وضع أسس للنهوض بالعلاقات الاقتصادية فيما بينها؟

أسس الاتحاد سنة 1988، وكان دوره هو تعزيز الشراكات الاقتصادية بين دول المغرب العربي، لكن ظل هذا الملف في الرفوف إلى غاية سنة 2009 وأخرجناه من أجل إحيائه.
عقدنا لقاءات بين أعضاء المكتب الإداري لاتحاد الغرف الاقتصادية في موريتانيا أخيراً، والآن لدينا مقر في المغرب، وقررنا أن نمنح رئاسة الاتحاد لليبيا. وفعلياً، استطعنا تقريب وجهات النظر بين رجال الأعمال المنتمين إلى دول المغرب العربي، ووضعنا قاعدة معلومات شاملة، تقدم معطيات مفصلة عن نشاط المستثمرين في المنطقة.

*هل هناك مبادرات ملموسة تبشر بقرب انفتاح اقتصادي قوي؟
أهم الملفات التي نشتغل عليها اليوم هو تقوية ولوج اليد العاملة في تونس إلى سوق الشغل. ووضعنا برنامج تكوين شاملا للكفاءات المهنية، وطرحنا مشاريع تعزيز البنيات التحتية الاقتصادية في ليبيا، بالإضافة إلى طرح نموذج تكويني يساعد على إنتاج الكفاءات. وأؤكد أن 150 شركة عبرت، منذ مدة، عن رغبتها في ولوج السوقين الليبية والتونسية، وتعتزم إطلاق حزمة كبيرة من المشاريع، لكن الكل ينتظر أن تهدأ الأوضاع السياسية والأمنية.

*ما هي حصيلة زيارتكم الأخيرة للولايات المتحدة الأميركية؟
كانت الزيارة الأولى من نوعها منذ سنوات، وضمت وفداً ضخماً يتكون من 50 رجل أعمال، بالإضافة إلى مسؤولين حكوميين. زرنا واشنطن وهيوستن، والتقينا مع الجمعيات والمؤسسات الأميركية الاقتصادية، بهدف تنشيط التبادلات التجارية مع المنطقة، والتعامل معها كوحدة سياسية واقتصادية.
وتم الإعلان، قبل الزيارة، عن افتتاح مكتب لغرف التجارة العربية الأميركية في المغرب، وعقد اتفاقية شراكة خاصة بين ميناء الدار البيضاء وهيوستن. واستطعنا، خلال الزيارة، تطوير جهات الاتصال في المجالين السياسي والاقتصادي بين الحكومات ورجال الأعمال في دول المغرب العربي وأميركا. وقد تم التوقيع على مجموعة من الاتفاقيات الاقتصادية التي ستعزز جهود وحدة المغرب العربي في العديد من المجالات.

*تنتمي مصر والسودان إلى منطقة شمال أفريقيا، ألا تطمحون إلى استقطاب الدولتين؟
صحيح، لقد أغفلت أن أذكر أن مصر شريك في الاتحاد، وهي فعلا سوق استهلاكية كبيرة، ويمكن أن تشكل إضافة نوعية. وهناك رغبة قوية لدى المسؤولين في مصر كي تكون دولتهم ضمن خطط ومشاريع الاتحاد. أما بالنسبة للسودان، فسوف نطرح هذا المقترح بقوة على المسؤولين فيه، لأن ما تتوفر عليه من مؤهلات زراعية يمكن أن يضمن الأمن الغذائي للمنطقة العربية برمتها، عوض الاستمرار في استيراد المواد الفلاحية الأساسية من دول شرق أوروبا وأميركا.
وأبشر المستثمرين بأننا تقدمنا بطلب لوزارة النقل في المغرب والسلطات في ليبيا، من أجل فتح خط تجاري بحري مباشر، يضمن تبادل السلع في ظرف 3 أيام بين مختلف الدول المغاربية، عوض 45 يوماً كما هو عليه الحال، والأكيد أن هذا الإجراء سيخفض من تكلفة المبادلات التجارية بين جميع الدول، لكن ننتظر هدوء الأوضاع الأمنية.

*كيف تنظرون إلى حجم ونوعية الاستثمارات الخليجية في المنطقة؟
جميع التعاملات تتلخص فقط في المواد النفطية، أما الاستثمارات التي تخص التجارة والصناعة والمواد الزراعية فهي قليلة جدا. النفط هو الذي يرفع من حجم المعاملات بين الخليج والمنطقة المغربية. من الضروري تشكيل لجان ثنائية تضم مختلف المتدخلين في المجال الاستثماري للبحث عن فرص جيدة ومربحة.
ومن جهة أخرى، سوف أتحدث هنا عن المغرب كنموذج. وبصفتي رئيسا لغرفة التجارة والصناعة في الدار البيضاء، تصلني العديد من الشكاوى من المستثمرين الذين يجدون صعوبات كبيرة على المستوى الجمركي. ورغم أن العنوان الكبير بين المغرب والخليج هو التبادل الحر، لكن حين تصل السلع إلى الموانئ المغربية، يقول المسؤولون للمستثمرين إن البعض منها مستثناة من التسهيلات أو الإعفاءات الضريبية، أو يرفضونها بحجة غياب ورقة المنشأ أو التصنيع المحلي في إحدى دول الخليج. يجب إيجاد صيغة ملائمة لكي يتم تفعيل التبادل الحر على أرض الواقع.
وللتوضيح، جاء أخيراً مستثمر سعودي يريد تصدير نوع من منتجات عصير الفواكه إلى المغرب، لكن لم يستطع النفاد إلى السوق المغربية، وكانت الملاحظة، أن مواده الأولية التي يصنع منها ليست من بلد المنشأ (السعودية). وما لا يعلمه من يضعون مثل هذه الشروط، أن المستثمر المذكور، يستورد المادة الأولية فقط، لكن كل الإضافة عليها تتم داخل المملكة السعودية، و40% من المنتج يصنع داخل معامل محلية هناك.
هذه العراقيل تحد من التبادل التجاري بين المغرب ودول الخليج، لأن المستثمر مجبر حينها على استصدار ورقة تصريح بالدخول من المصالح الحكومية، مما يرفع كلفة إيجار المخازن في الميناء، وإن كان مستثمرا شابا أو حديث العهد في السوق المغربية يعدل عن فكرة استثماره أو تجارته.

*توصف الدار البيضاء بالعاصمة الاقتصادية للمغرب. كم هو عدد المشاريع الاستثمارية التي تنشأ؟ وهل النسبة مهمة؟
هناك العديد من المشاريع التي تطرق أبواب المدينة الاقتصادية للمغرب. وكما قلت سابقا ومن موقعي، وأتحمل المسؤولية فيما أقول، هناك مشاكل تصادف الباحثين عن توظيف أموالهم.
المشكل هو أن الغرفة ليست ممراً إجبارياً لمعرفة حجم الشركات التي تنشأ سنوياً في المدينة. والمشكل مرة أخرى هو أن أغلبية هذه الشركات تجارية فقط، والتوظيف المباشر للأموال ضعيف جداً.
يجب إعادة النظر في اتفاقيات التبادل الحر مع مجموعة من الدول، فبمقارنة لحجم التبادلات بيننا وبينهم، نجد أن الصادرات المغربية قليلة مقارنة مع ما نستورده من الدول الكبرى، بل يفرضون على المستثمرين والتجار المغاربة شروطاً صارمة لإدخال سلعهم إلى العديد منها، المنتجات الفلاحية مثلاً. نحن نريد إنشاء مناطق صناعية كبرى، وليس أن يكون المغرب سوقا كبيرة لبيع السلع داخله، وكذلك الحال بالنسبة لباقي دول المغرب العربي.

*ماذا تحتاج دول المغرب العربي للنهوض بالمناخ الاستثماري فيها؟
إصلاح الإدارات المسؤولة عن الاستثمارات، وإعطاء الصلاحيات للغرف المهنية، لأن الدول والمستثمرين يبحثون عن التعامل مع المؤسسات الدستورية والمهنية بشكل مباشر. وصراحة الغرف المهنية لم تعد لها صلاحيات اليوم، أصبحت فقط ثكنات انتخابية، والمستثمر يأتي إليها بشكل مباشر، وعندما لا يجد الجواب يعود أدراجه.

إقرأ أيضاً: 4 خطوات لتأسيس شركة ناجحة في 7 دول عربية
المساهمون