"ولاية سيناء" يستغلّ رغبات "ثأر" من الجيش المصري

15 ابريل 2016
ارتكب الجيش انتهاكات كثيرة بسيناء (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
يبدو أن الأزمة في شبه جزيرة سيناء، على الحدود الشرقية لمصر، بدأت تأخذ منحى جديداً وخطيراً، لناحية اتجاه بعض أهالي المنطقة إلى استهداف قوات الجيش والشرطة، في إطار عمليات "ثأر" لمقتل ذويهم وأقاربهم على يد قوات نظامية في إطار الحرب المفتوحة ضد تنظيم "ولاية سيناء"، وما يشوبها من قصف عشوائي واعتقالات وحالات قتل وتعذيب وتهجير. ولا تخدم تلك التجاوزات إلا التنظيم التابع لـ"داعش"، وتدفع بالمزيد من الأهالي إلى اتخاذ مواقف تندرج في خانة "ردّ الفعل ضد الجيش والشرطة".

مع العلم أنه في وقتٍ سابق، كشف شيخ قبلي، عن "انضمام العشرات من أبناء القبائل السيناوية، إلى تنظيم ولاية سيناء، في سياق عمليات ثأر لقتل ذويهم وانتهاكات الحرمات وهدم التقاليد البدوية". وحذّر الشيخ القبلي، ممّا سماه "التأثير الخطير لانتهاكات الجيش المستمرة والمتزايدة بحق الأهالي، وهو ما قد يدفع بالأزمة في سيناء، إلى مرحلة غير مسبوقة من الصدام ليس بين المسلحين وقوات الجيش، ولكن بين الأهالي أنفسهم والأخير".

ومساء الجمعة 8 أبريل/نيسان الحالي، نفّذ شاب هجوماً على كمين للجيش في منطقة وسط سيناء، تحديداً في منطقة بئر بدا، سقط فيه نحو أربعة قتلى من قوات الجيش، بينهم ضابطان، فضلاً عن مقتل منفذ الهجوم. وتفيد الروايات الأهلية، أن "الشاب يُدعى سالم جمعة عيد سليمان، وأنه قام بفعلته، بعد مقتل والده وشقيقه برصاص الجيش".

وفي ظلّ عدم إعلان تنظيم "ولاية سيناء"، تبنّيه لاستهداف كمين الجيش في وسط سيناء، تُرجّح مصادر قبلية، أن "يكون سالم قد انضمّ للمسلحين حديثاً، وطلب تنفيذ عمليات ضد الجيش، على خلفية مقتل والده وشقيقه".

وتضيف المصادر، لـ "العربي الجديد"، أن "تنظيم ولاية سيناء، لا ينفّذ عمليات بشكل مباشر بدافع الثأر لمقتل أفراد أسرة أحد عناصره، ولكنه ينفّذ عمليات ثأر بشكل عام وليس لدافع شخصي". وتردف أنه "ربما يكون الشاب قد حصل على دعم من قبل المسلحين في سيناء، من دون أن يكون تابعاً لهم، وهو أمر وارد، بحسب مراقبين للوضع في هذه المنطقة".

وتُشدّد على أن "انتهاكات الجيش والقتل العشوائي والقصف العنيف والتضييق على الأهالي، تدفع بمزيد من الرفض للعمليات العسكرية للجيش المصري، وعدم المساعدة في مواجهة المسلحين". وتلفت المصادر ذاتها، إلى أن "التنظيم المسلّح يستغلّ حالة الرغبة في الثأر لدى الأهالي، وتوظيف ذلك لصالحه باستقطاب العشرات من الشباب من القبائل، وهو أمر ليس جديدا".

وتوضح المصادر أن "اتخاذ شخص ما قراراً بتنفيذ عمليات ثأر، أمر سهل للغاية، في ظلّ انتشار السلاح وتوافره بسيناء، فضلاً عن معرفة الدروب والطرق للبدو". وتكشف عن "توظيف التنظيم للشباب الذي يريد الثأر من الجيش، عن طريق منحه دورات شرعية، حتى يكون تحت السيطرة ويتبنى أفكارهم تماماً".

في سياق متصل، تنفّذ قوات الجيش والشرطة، حملات أمنية واسعة على أحياء بمدينة العريش، منذ أسبوعين تقريباً. وتسود مدينة العريش حالة من التوتر الشديد، منذ استهداف "ولاية سيناء"، كمين الصفا الأمني جنوب المدينة، في 19 مارس/آذار الماضي، وسقوط 18 قتيلاً من رجال الشرطة. وتشنّ القوات المشتركة، حملات أمنية بالتتابع على أحياء بالعريش، بدأت مع أحياء الصفا والسلايمة والشرابجة، ثم عاطف السادات، ومنطقة الموقف القديم.

وبحسب مصادر أمنية، فإن "الحملات الأمنية تهدف إلى التأكد من خلو العريش من أي عناصر إرهابية، أو أسلحة تستخدم في العمليات ضد قوات الجيش والشرطة". وتقول المصادر الأمنية، لـ "العربي الجديد"، إنه "تم اعتقال عدد من المشتبه فيهم بالتورط في أعمال عنف أو التواصل مع المسلحين، وستتم مراجعة موقفهم ومن ثم الإفراج عن كل من يثبت سلامة موقفه". 

وكان تنظيم "ولاية سيناء" أعلن قبل أيام عن "تمكن عناصره من قتل 18 عسكرياً من الجيش والشرطة، في سلسلة تفجيرات استهدفت مدرعات وجنود المشاة". ولم يتمكن الجيش المصري، من حسم المعركة في سيناء، على مدار ما يزيد عن عامين، في ظل فشل الاستراتيجيات المتبعة لمواجهة تنظيم "ولاية سيناء".
المساهمون