زيارة تيلرسون وأزمة الخليج: واشنطن تستبدل الوساطة بطرح صيغة للحوار

20 أكتوبر 2017
ريكس تيلرسون يصل اليوم إلى المنطقة (فرانس برس)
+ الخط -
زيارة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون التي تبدأ، اليوم الجمعة، للسعودية وقطر، جاءت مفاجئة. أُضيفت إلى جولة كان من المقرّر أن يقوم بها، الأسبوع الماضي، إلى الهند وباكستان.

وكان من اللافت أنّ التغيير حصل بعد اجتماع أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، قبل أيام، في الرياض، والذي فشل على ما بدا، في التوصّل إلى حلحلة الأزمة الخليجية. وربما كان ذلك وراء اعتراف الخارجية، بأنّ تيلرسون "متشائم".

وفعلاً كانت أجواء الاستياء غير خافية في لهجة المتحدّثة الرسمية باسم الخارجية الأميركية هيذر ناورت، خلال اللقاء الصحافي الأسبوعي في الوزارة، حيث رسمت صورة ملتبسة عن مهمة الوزير. فهي من جهة، قالت إنّ الإدارة الأميركية ترغب في "جلوس الطرفين حول طاولة حوار"، ومن جهة ثانية، شدّدت على أنّ دور واشنطن ينحصر في "تشجيعهما على التحاور إذ ليس بوسعنا إجبارهما إذا لم تتوفر لديهما الرغبة في ذلك".

لكن التشجيع على الحوار لوحده لا يقتضي القيام بالزيارة. الأمر الذي يشي بأنّ تيلرسون يحمل معه اقتراحات وأفكاراً لترجمة التفاوض، وإلا فلا حاجة لحضوره الشخصي. وثمة اعتقاد بأنّ الكويت ربما تكون قد شجّعت على الزيارة، علّها تساهم في تفكيك بعض التعقيدات التي حالت دون نجاح زيارة أميرها الأخيرة إلى الرياض.

وفي هذا الإطار، أُعيد التذكير بوعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال زيارة أمير الكويت مؤخراً إلى واشنطن، بحلّ هذه الأزمة "قريباً"، ولو اقتضى الأمر دعوة قيادات مجلس التعاون الخليجي لعقد قمة معه في البيت الأبيض.

صيغة قد يكون تيلرسون مكلّفاً بطرحها على الرياض والدوحة. وحول هذا الاحتمال، وفي إطار ردّها على سؤال، قالت ناورت: "لا علم لي بذلك وليس لدي أي معلومات حول أي اجتماع خاص"، ثمّ سارعت إلى القول إنّ الإدارة "ترغب بحلّ المشكلة ولكن لسنا في وارد إجبار الحكومات المعنية على التفاوض إذا رفضوا".

مفردات جواب المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، تحتمل التأويل، فبين سطورها ثمّة ما يرجّح وجود عرض متروك قبوله للأطراف المعنية، وبالذات لرباعي الحصار (السعودية، الإمارات، البحرين، مصر)، إذ إنّ "القطريين على استعداد للجلوس والحوار"، كما نُسب إلى تيلرسون قوله في مقابلة مع وكالة "بلومبيرغ".


الواضح في ضوء عرض وزارة الخارجية الأميركية لإطار زيارته، أنّ تيلرسون لا يقوم هذه المرة بدور الوسيط، كما حصل في جولته المكوكية السابقة، في يوليو/ تموز الماضي، والتي اكتوى بنارها بسبب وقوف البيت الأبيض على الطرف المقابل لمساعي الوزير.

ثم إنّ الأزمة الخليجية غائبة، منذ فترة، عن أولويات الإدارة الأميركية، الغارقة بالمشاحنات والاشتباكات بين البيت الأبيض ومروحة واسعة من الخصوم، فضلاً عن المشاكل المزمنة والمستحدثة.

كما أنّ الأزمة الخليجية، كانت خارج المداولات المتعلّقة بالسياسة الخارجية، والتي طغت عليها ملفات كوريا الشمالية وإيران، ومؤخراً العراق وسورية. وبذلك، فإنّ ظروفها وضمّها بعجلة إلى زيارة تيلرسون التي كانت مخصصة للجارين الهندي والباكستاني، توحي بأنّها تندرج في خانة ما هو أقل من وساطة، وأكثر من نصيحة بهدف التحريك.

أما التفعيل باتجاه الحلّ، فإنّ واشنطن تعرف أين يكمن مفتاحه، لكنّها لم تحسم بعد بتشغيله. وحتى إذا عُقدت قمة في واشنطن، فإنّ نجاحها يبقى رهناً بمدى عزم الإدارة على ممارسة الضغط المطلوب لفك الحصار عن قطر. ومن غير المرجح أن يتيّسر ذلك، في الوقت الذي يتزايد فيه التأزيم مع إيران.


المساهمون