معارك إدلب: تزايد القتلى وجلسة مجلس الأمن بلا نتائج

20 يونيو 2019
شنت الطائرات 20 غارة (عمر حج قدور/ فرانس برس)
+ الخط -

لا جديدَ يُذكر في مأساة محافظة إدلب السورية، سوى أسماء جديدة، لمزيد من الضحايا، وقد بلغت أعدادهم 40 قتيلاً خلال الأسبوع الماضي، بينما استأنفت الطائرات الحربية شن هجماتها، منذ صباح أمس الأربعاء، بعد ساعات قليلة فقط من اختتام اجتماعٍ لمجلس الأمن خُصص لبحث التصعيد في إدلب، والذي اعتبرته الأمم المتحدة "تهديداً للاستقرار الإقليمي"، فيما لم تسفر الجلسة عن أي نتائج من شأنها الضغط لوقف المعارك وقتل المدنيين.

ومنذ صباح أمس الأربعاء، حلقت الطائرات الحربية مُجدداً، في سماء المحافظة، ونفذت مزيداً من الهجمات على البلدات والقرى في ريفي إدلب الجنوبي وحماة الشمالي خصوصاً، حيث سُجلت نحو 20 غارة حتى ساعات الظهر. وطاول القصف مناطق حيش، ومعرة حرمة، وخان شيخون، وكفرسجنة، إضافة إلى المناطق القريبة من خطوط الجبهات المُشتعلة عند تل ملح والجبين واللطامنة.

وأعلن "الدفاع المدني السوري"، أمس الأربعاء، أن "أربعة صواريخ ألقتها طائرة حربية دفعة واحدة على منازل المدنيين وسط قرية مصيبين بالقرب من مدينة أريحا"، موثقاً "ثلاث غارات جوية بـ 6 صواريخ متفجرة أغارت بها طائرة حربية على منطقة جبل الأربعين بالقرب من مدينة أريحا، فيما ألقت مقاتلة حربية صواريخ متفجرة على طريق رئيسية في بلدة إحسم وغيرها". ومساء الثلاثاء، أصدر فريق "منسقو الاستجابة" في شمالي سورية، إحصائية جديدة، حول الضحايا، وصلت إلى "العربي الجديد" نسخة منها، وذكرت أن ضحايا القصف "خلال الأسبوع الماضي (بين 10 و17 يونيو/ حزيران الحالي) بلغت أكثر من أربعين مدنياً، بينهم 11 طفلاً"، مؤكداً أن أعداد النازحين تجاوزت 550 ألف شخص، منذ فبراير/ شباط الماضي. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنه ومع سقوط المزيد من الخسائر البشرية، فإن عدد المدنيين الذين قتلوا "منذُ بدء التصعيد الأعنف على الإطلاق ضمن منطقة خفض التصعيد في 30 إبريل/ نيسان الماضي، وحتى الأربعاء 19 يونيو الحالي، هم 447 مدنياً، بينهم 108 أطفال و94 امرأة ممن قتلتهم طائرات النظام والضامن الروسي بالإضافة للقصف والاستهدافات البرية".


ومساء الثلاثاء-الأربعاء، شهد مجلس الأمن اجتماعاً جديداً، مُخصصاً لبحث التصعيد العسكري في شمال غربي سورية، حيث اعتبرت الأمم المتحدة أن "استمرار القتال في إدلب، بات يُشكل تهديداً للاستقرار الإقليمي". وقالت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، روزماري ديكارلو، خلال إفادتها في الجلسة التي عُقدت بناء على طلب ألمانيا وبلجيكا والكويت، "لا بد من توافر إرادة سياسية جماعية للتوصل إلى حل، خصوصاً وأن العنف لم يتوقف رغم الدعوات المتكررة للتهدئة". وأكدت المسؤولة الأممية "ضرورة معالجة المشكلة التي تمثلها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) في إدلب من دون تحميل المدنيين الثمن، خصوصاً أن هناك مئات الآلاف من النازحين الذين يتم دفعهم نحو الحدود التركية"، مشيرة إلى أن "الأمين العام أعرب عن قلقه الحاد إزاء تصاعد حدة القتال شمالي غربي سورية، وناشد تركيا وروسيا العمل على سرعة استقرار الوضع في إدلب"، مؤكدة أن تواصل التصعيد يشكل "تهديداً للاستقرار الإقليمي".

أما مندوبة بريطانيا لدى الأمم المتحدة كارين بيريس فقد اتهمت النظام السوري وحلفاءه باستهداف المستشفيات والمدارس في إدلب. لكن ممثل روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نبينزيا رفض الاتهامات. وقال إن "بعض شركائنا في هذا المجلس يصرون على أن يبعثوا رسائل إلى المجتمع الدولي بهدف تشويه ما يجري على الأرض في إدلب"، مُعتبراً أن بعض الأعضاء يتصرفون بازدواجية. وتساءل "لماذا لم نسمع شيئاً عما حدث للمدنيين في الرقة والباغوز ودير الزور؟ هل السوريون في إدلب غير السوريين الذين يعيشون في دير الزور؟"، معتبراً أن "القضية ليست إنسانية بالمرة وإنما الهدف منها إطالة فترة عدم سيطرة السلطات السورية على جزء من أراضيها"، زاعماً أن "الإرهابيين يستخدمون المستشفيات كمراكز عسكرية في إدلب كما يستخدمون المدنيين كدروع بشرية".

وذكرت وكالة "الأناضول" أن "جميع أعضاء المجلس اتفقوا على ضرورة التنفيذ الكامل لاتفاق خفض التصعيد الذي توصلت إليه الدول الضامنة لمسار أستانة (تركيا وروسيا وإيران) منتصف سبتمبر/ أيلول 2017، وتم بموجبه إنشاء منطقة خفض التصعيد في إدلب، وفقاً لاتفاق موقع في مايو/ أيار من العام نفسه". وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس قد دعا، الثلاثاء الماضي، روسيا وتركيا إلى العمل على استقرار الوضع في شمال غرب سورية "من دون إبطاء"، فيما قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك إن بعض المستشفيات لا تكشف مواقعها للأطراف المتحاربة لأن هذا يجعلها "أهدافاً". وقال غوتيريس، للصحافيين حسب وكالة "رويترز"، إنه "قلق للغاية من تصاعد القتال في إدلب والوضع خطير للغاية بالنظر إلى مشاركة عدد متزايد من الأطراف. وحتى في الحرب على الإرهاب لا بد أن يكون هناك التزام كامل بالقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني". وقال لوكوك، لمجلس الأمن الدولي، إنه ومنذ أواخر إبريل/ نيسان الماضي سجلت منظمة الصحة العالمية 26 واقعة تسببت في إلحاق أضرار بمنشآت صحية في شمال غرب سورية، مشيراً إلى أن "قصف منشأة كشفت عن إحداثيات موقعها بموجب نظام منع الاشتباك الخاص بالأمم المتحدة أمر غير مقبول بالمرة. عدد من الشركاء الآن يشعرون بأن تقديم الإحداثيات الجغرافية للأطراف المتحاربة يجعل منهم أهدافاً".

المساهمون