وحدة معارضي النظام المصري... مشروع مؤجل

25 يناير 2017
أضاعت الخلافات مكتسبات ثورة 25 يناير (العربي الجديد)
+ الخط -
تدفع سياسات النظام المصري الحالي برئاسة عبد الفتاح السيسي، التي صاحبها مزيدٌ من الغضب الشعبي، الفرقاء السياسيين إلى التقارب على أرضية القفز على الخلافات منذ ثورة يناير. وفي السياق، تعكف بعض الأحزاب على القيام بمراجعات للمواقف المختلفة منذ 25 يناير/كانون الثاني 2011 وحتى الآن، لبحث أسباب تعثر تحقيق أهداف الثورة. وأعلن حزبا الوسط ومصر القوية وجود مراجعات للمواقف بين عدد من الأحزاب، لمعرفة أسباب الخلافات التي نشبت بين الفرقاء لإذابتها تمهيداً لتوحيد كل الأطراف في مواجهة النظام الحالي.

وكانت قد نشبت خلافات بين عدد من القوى والأحزاب عقب ثورة يناير حول تفاصيل ترتيبات المشهد عقب رحيل الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك عن الحكم، استمرت حتى الانقلاب العسكري على الرئيس المعزول محمد مرسي بقيادة الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، حينما كان وزيراً للدفاع آنذاك. واجتمع عدد من القيادات السياسية والشخصيات العامة المعارضة للنظام الحالي، على مائدة إفطار حزب مصر القوية، خلال شهر رمضان الماضي، وكانت خطوة هامة في سبيل التقارب بين الفرقاء.


وأطلق السيسي أذرعه الأمنية والإعلامية للنيل من معارضيه، سواء من التيار الإسلامي أو غيرهم، عن طريق الاعتقالات أو تشويه الصورة، والتضييق عليهم في التحركات على الأرض، فضلاً عن النجاح في إثارة القلاقل والأزمات داخل الأحزاب لإضعافها والدخول في دوامة الخلافات الداخلية.

وقالت مصادر سياسية معارضة إن هناك محاولات لتوحيد الصفوف بين القوى والأحزاب الوطنية المعارضة للنظام الحالي، للوقوف أمام سياساته التي تهدم الحياة العامة، ومناخ الديمقراطية.
وأضافت المصادر، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الجميع يدرك الآن أنه لا بديل عن التوحّد في كيان واحد، أو على الأقل إيجاد صيغة من التنسيق بين جميع الأحزاب، لإنقاذ مصر مما وصفته بـ "الهلاك".
ووفقاً للمصادر نفسها، فإن اتصالات وجلسات تمت بين عدد من الفرقاء، من دون أن تحددهم، لمراجعة المواقف التي اتخذها كل فصيل منذ ثورة يناير وترك الخلافات جانباً. لكن حتى الآن لم تسفر هذه المحاولات عن خطوات فعلية.
ولفتت المصادر إلى أن دعوات بعض الوسطاء بين عدد من الأحزاب والتيارات للتقارب، كانت تواجَه بالرفض وتحديداً من معسكر 30 يونيو، لكن حالياً يوجد مرونة. وأشارت المصادر إلى أن "قضية تنازل السيسي عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية أسهمت في مزيد من التقارب"، لا سيما أنها قضية وطنية تقفز فوق الخلافات الفكرية والأيديولوجية.
وأوضحت أن هذه المرونة من كل التيارات خطوة أوّلية لتحقيق مزيد من التقارب بين الفرقاء، نافية أن تكون جماعة الإخوان المسلمين جزءاً من هذا التقارب.
وفي السياق ذاته، تبذل بعض الأطراف المعارضة، إحداث نوع من التقارب بين مؤيدي مرسي والأحزاب المعارضة في مصر من معسكر 30 يونيو، ولكن رفْض الأخير يعرقل هذه المساعي.
وقالت المصادر، في حديث مع "العربي الجديد"، إن أحد أهم عوامل فشل هذه المساعي حتى الآن تمسك مؤيدي مرسي وتحديداً جماعة الإخوان المسلمين بعودته للحكم، في حين يتمسك الطرف الثاني بالاعتراف بـ30 يونيو وعزل مرسي، والتبرؤ من استخدام عنف في مصر، وإعلان رفض استخدام أي من أعضاء الجماعة العنف حتى لو بشكل فردي.
ولفتت المصادر إلى أن الخلافات الداخلية في جماعة الإخوان المسلمين، تجعل من الصعب تحديد الطرف الذي يمكن التواصل معه، لتحقيق تقارب بين القوى المعارضة.
وفي وقت سابق، كشفت مصادر في حركات ثورية عن جهود بُذلت في سبيل تشكيل مظلة كبيرة تجمع الأحزاب والكيانات المعارضة للنظام، باعتبار أن التوحد هو السبيل الأفضل لمواجهة سياسات النظام الحالي.
وقالت المصادر إن بعض الأحزاب اعترضت على هذه المحاولات، وبالتالي لم يكتَب لها النجاح، ما جعل بعض القوى الثورية تفكر في تشكيل هذه المظلة كنواة لضم أحزاب إليها خلال الفترة المقبلة.

من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية، مصطفى كامل السيد، إن توحيد الأحزاب والقوى السياسية أمر لا مفر منه في ظل الوضع الحالي وسياسات النظام الحالي. وأضاف السيد، في تصريحات خاصة، أن النظام الحالي يسعى لتأميم المجال العام والتنكيل بكل معارضيه، وبالتالي فتوحيد المعارضين يسهل من عملية معارضة تلك السياسات. ولفت إلى أن تعثر ثورة يناير كان بسبب الخلافات التي نشبت بين القوى السياسية حينها، ولا بد من تدارك هذه الخلافات، والبحث عن نقاط التقاء خلال الفترة المقبلة. وأشار إلى أن الساحة الآن متروكة للأحزاب والقوى السياسية، لإيجاد صيغة للتفاهم وتوحيد الجهود خلال الفترة المقبلة.

واتفق مع مصطفى كامل السيد خبيرٌ في مركز الأهرام للدراسات السياسية تحديداً حول ضرورة توحيد الجهود في مواجهة النظام الحالي. وقال الخبير السياسي، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه لأول مرة يكون هناك اتجاه إيجابي نحو إذابة الخلافات بين القوى السياسية، وهذا بلا شك يُسهم فيه السيسي، بفضل سياساته السيئة في كل المجالات، والسعي لفرض الهيمنة والسيطرة.
وأضاف أن الاعتراف بوجود أخطاء خلال الفترة منذ ثورة يناير وحتى الآن، أمر يبشّر بالقفز على الخلافات التي أغرقت القوى السياسية والوطنية، وترك الساحة لفلول نظام مبارك وقوى الثورة المضادة للسيطرة على المشهد. ولفت إلى أن مساعي توحيد الفصائل السياسية اعتبر استعداداً لأي انتفاضات شعبية ضد السيسي، بعد الأزمات التي تلاحقه منذ وصوله للحكم قبل ما يزيد عن عامين ونصف العام.