زيارة الرئيس الإسرائيلي إلى إثيوبيا للتوسط لمصر

02 مايو 2018
المفاوضات حول سد النهضة متعثرة (ميناسي ونديمو هايلو/الأناضول)
+ الخط -
تشهد العاصمة الإثيوبية نشاطاً دبلوماسياً مكثفاً، يربطه مراقبون للشأن الأفريقي بأزمة مياه النيل المندلعة بين إثيوبيا ومصر حول سد النهضة، إذ بدأ الرئيس الإسرائيلي، رؤبين ريفلين، أمس الثلاثاء، زيارة رسمية إلى أديس أبابا، تُعدّ الأولى من نوعها، وتستغرق ثلاثة أيام، بعد أيام قليلة من زيارة وفد أميركي إلى إثيوبيا، برئاسة مساعد وزير الخارجية للشؤون الأفريقية، دونالد ياماماتو. وكانت "العربي الجديد" قد كشفت قبل أيام عن طلب القاهرة من تل أبيب التدخّل للتوسط لدى أديس أبابا في ما يتعلق بسد النهضة والتعنّت الإثيوبي إزاء تحسين شروط استفادة مصر من مياه نهر النيل. وتستقبل أديس أبابا اجتماع وزراء المياه من مصر والسودان وإثيوبيا، السبت المقبل، لمناقشة تطورات أزمة السد، في حين قال مكتب الرئيس الإسرائيلي، في بيان له، إن ريفلين يزور أديس أبابا على رأس وفد كبير من قادة الأعمال الإسرائيليين "استجابةً لدعوة من نظيره الإثيوبي، مولاتو تشومي".

واستهل ريفلين زيارته بلقاء مع ممثلي اليهود في إثيوبيا، على أن يلتقي، اليوم الأربعاء، المسؤولين الإثيوبيين، ويغادر أديس أبابا في اليوم التالي، بعد سلسلة فعاليات ولقاءات. وكانت "العربي الجديد" قد كشفت قبل أيام عن طلب القاهرة من إسرائيل التوسط في أزمة سد النهضة، بعد فشل جولة المفاوضات الأخيرة بين الدول الثلاث المعنية. وأفادت مصادر دبلوماسية مصرية بأن القاهرة استغلت خطوط الاتصالات المفتوحة مع تل أبيب "لمطالبة إسرائيل بمدّ يد العون، والقيام بدور الوساطة في الأزمة، لما لها من نفوذ في إثيوبيا، بغرض إقناع الأخيرة بالموافقة على عقد اجتماع تساعي في أسرع وقت ممكن، والتعاطي بشكل أكثر إيجابية مع المخاوف والملاحظات المصرية".

في السياق، كشف السفير السوداني لدى القاهرة، عبد المحمود عبد الحليم، أن المشاورات بين مصر والسودان وإثيوبيا أفضت إلى اتفاق الدول الثلاث على عقد جولة جديدة من المفاوضات الفنية حول سد النهضة على مستوى وزراء الري والخبراء الوطنيين، تستضيفه العاصمة الإثيوبية في الخامس من مايو/ أيار الحالي. وتستهدف المشاورات استكمال المباحثات الرامية للخروج من التعثّر الحالي في المفاوضات المعنية بالجوانب الفنية للسد، والتوصل إلى تفاهم مشترك حول البنود والنقاط العالقة، واستكمال الدراسات المكلف بها الاستشاري الفرنسي، وصولاً إلى إزالة العقبات التي تعترض المسار الفني، واعتماد صيغة نهائية للنقاط المتوافق عليها خلال الاجتماع لرفعها لاجتماع الوزراء.


وبحسب السفير السوداني، فإن الدول الثلاث اتفقت على أن يعقب الاجتماع الفني لوزراء الري، عقد اجتماع تساعي ثانٍ، يضم وزراء الخارجية، والري، ومديري أجهزة الاستخبارات، في الدول الثلاث منتصف الشهر المقبل في أديس أبابا، لاستكمال المناقشات التي تمت في اجتماعات الخرطوم بداية إبريل/ نيسان الماضي. وأكد أن بلاده تأمل في نجاح اجتماعي أديس أبابا الفني، والتساعي، في تحقيق التوافق المطلوب، مشيراً إلى أن السودان أرسلت خطابات رسمية إلى مصر وإثيوبيا، حول تأكيد مشاركتها في الاجتماعات الفنية المرتقبة.

وتمر المفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان بمنعطف خطير، بعدما رفض مسؤولو أديس أبابا التوجّه إلى القاهرة، بناءً على دعوة مصرية لعقد اجتماع تساعي على مستوى وزراء الخارجية، والمياه، ورؤساء الاستخبارات، وحمّلوا القاهرة مسؤولية فشل الاجتماع الذي استقبلته أخيراً العاصمة السودانية، بسبب طرح مصر اتفاقية 1959 في المفاوضات.
وترفض أديس أبابا الاعتراف باتفاقية 1959، التي تمنح مصر حصة ثابتة من مياه النيل تقدر بنحو 55 مليار متر مكعب، والسودان بنحو 18 مليار متر مكعب، بينما قالت مصادر دبلوماسية لـ"العربي الجديد"، إن خلو حقيبة مصر من أوراق الضغط "دفع القاهرة لاستغلال علاقاتها الإقليمية للتوسط لدى إثيوبيا، بهدف الخروج بأقل الخسائر، بعد أن بات السد حقيقة واقعة، مع انتهاء بناء 64 في المائة من إنشاءاته، وتركيب التوربينات الخاصة بتوليد الكهرباء".
وأضافت المصادر أن السياسة ليس فيها ثوابت، والدبلوماسيون يتحركون وفقاً للأوراق المتاحة أمامهم على الطاولة، معتبرة أن "الورقة الإسرائيلية تُعدّ من الأوراق الهامة حالياً على طاولة مصر، خصوصاً في ظل حاجة تل أبيب لدور القاهرة في التواصل مع الفلسطينيين، وبالتحديد مع حركة حماس، في محاولة لوقف التصعيد في قطاع غزة، وعدم تحوّل مسيرات العودة الفلسطينية إلى مواجهات شاملة معها".

وشهدت الفترة الراهنة خطوط اتصالات مفتوحة بين مصر وإسرائيل، في ظل وصول العلاقات بين القاهرة وتل أبيب إلى مستوى هو الأعلى منذ عقود. وسبق للقاهرة أن طالبت الإدارة الأميركية بالتوسط لحل الأزمة، وهو ما تفاعلت معه الأخيرة بإرسال وفد من وزارة الخارجية الأميركية، زار كلاً من مصر والسودان، والذي لم تستجب إثيوبيا لمطالبه، متعللة بأن الأوضاع الداخلية لا تسمح بذلك في الوقت الحالي.
وفي وقت سابق، أكد وزير الري والموارد المائية المصري، محمد عبد العاطي، أن "مصر واجهت مفاجآت في ملف سد النهضة، إذ تم الاتفاق في عام 2008 على بناء سد في إثيوبيا، إلا أن القاهرة فوجئت في عام 2011 بإعلانها عن سد آخر على النيل الأزرق، غير ما تم الاتفاق عليه، وبمقاسات أخرى". وتسعى إثيوبيا لتشغيل سد النهضة بشكل مبدئي، خلال العام الحالي، من دون انتظار نتائج دراسات التأثيرات السلبية على دول المصب التي تقوم بها مكاتب استشارية فرنسية، إذ بدأت أديس أبابا بتركيب توربينات توليد الكهرباء في جسم السد، وانتهت من تركيب 4 توربينات من أصل 16 توربيناً لتوليد 6 آلاف و450 ميغاوات من الكهرباء.