موافقة المعارضة السورية على الهدنة المؤقتة: شروط وضمانات

21 فبراير 2016
حجاب اجتمع مع الفصائل يوم الجمعة (مصطفى يالسين/الأناضول)
+ الخط -


أكدت المعارضة السورية مرة جديدة استعدادها للتجاوب مع حل سياسي للملف السوري على أن يكون جدياً وبضمانات لا تسمح للنظام السوري وحلفائه بخرقه، وهو ما تُرجم بموقفها بقبول هدنة مؤقتة في هذا السياق لكن بشروط، مع استمرار تشديدها على رفض بقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد في موقعه. أما روسيا فيبدو أنها لا تزال مصرّة على الاستمرار بحربها ضد الشعب السوري، وهو ما أكده أمس المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، معلناً أن بلاده ستواصل "تقديم الدعم والمساعدة للقوات المسلحة السورية في هجومها على الإرهابيين"، وذلك بعدما فشلت موسكو في محاولة تمرير قرار في مجلس الأمن يصب في مصلحة النظام السوري، ويطالب تركيا بوقف قصفها للقوات الكردية في شمال سورية والتخلي عن خططها لتنفيذ عملية عسكرية برية في سورية.

وبينما كانت فصائل المعارضة المسلحة تعلن موافقتها مبدئياً على هدنة مؤقتة، بشرط التزام مماثل من الطرف الآخر بضمانات دولية، وبانتظار نتائج الاجتماعات التي يعقدها في جنيف عسكريون أميركيون وروس لبحث هذه المسألة، كانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، تعلن إرجاء اجتماع مجموعة الدعم الدولية حول سورية الذي كان مقرراً أمس السبت في جنيف، موضحة أن "الدول الأعضاء في المجموعة تواصل مشاوراتها". على الرغم من ذلك، كان وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف، يحاول الالتفاف على الهدنة، إذ أعلنت وزارة الخارجية الروسية أمس السبت أن لافروف ناقش مع نظيره الأميركي جون كيري في اتصال هاتفي، سُبل تطبيق وقف إطلاق نار في سورية على ألا يشمل "عمليات لقتال الجماعات الإرهابية". أما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فادعى أنه يهدف إلى حل الصراع السوري باستخدام الوسائل السياسية والدبلوماسية.

وتم الكشف عن موقف فصائل المعارضة عقب اجتماع تشاوري في مدينة إسطنبول بين منسّق الهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب وممثلين عن فصائل المعارضة المسلحة، والذين اشترطوا أن يتم الاتفاق على الهدنة بناء على وساطة دولية وضمانات أممية، وأن يتم فك الحصار عن مختلف المناطق والمدن وتأمين وصول المساعدات الإنسانية إليها، وإطلاق سراح المعتقلين، خصوصاً النساء والأطفال. من جهتها، نقلت وكالة "رويترز" عن مصادر قريبة من اجتماع جنيف بين الخبراء الروس والأميركيين، قولها إن فصائل المعارضة السورية المسلحة وافقت على هدنة مؤقتة من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، شرط فك الحصار وإطلاق سراح السجناء وإدخال المساعدات، إضافة إلى وقف القصف الروسي وعدم استهداف "جبهة النصرة" على الأقل كبداية، مؤكدة أن كل الفصائل باستثناء تنظيم "داعش" تدعم هذه الهدنة.

اقرأ أيضاً: إرجاء اجتماع مجموعة الدعم الدولية حول سورية

وفيما كشف مصدر من المعارضة السورية لـ"العربي الجديد" أن ممثلين عن الفصائل العسكرية، اجتمعوا في إسطنبول أيضاً مع المبعوث الأميركي الخاص مايكل راتني، لبحث مسألة الهدنة المقترحة على الساحة السورية، أعلن حجاب "أننا بانتظار انتهاء الاجتماع المنعقد في جنيف بين عسكريين من الولايات المتحدة وروسيا لبحث مسألة الهدنة"، مؤكداً أن "ما هو مطروح هو هدنة مؤقتة هدفها تسهيل إدخال المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة، وليس وقفاً لإطلاق النار، لأننا لا نقبل بوقف إطلاق النار إلا في ظل المرحلة الانتقالية، وعندما تكون المعارضة جزءاً من المرحلة الانتقالية". وأوضح أنه سيعقد يوم غد الإثنين اجتماع طارئ للهيئة العليا للمفاوضات لعرض ما تم التوصل إليه على أعضاء الهيئة، والتباحث بشأن الموافقة على الهدنة وتوفر الضمانات اللازمة لنجاحها.

من جهته، أوضح المتحدث الرسمي باسم الهيئة العليا للمفاوضات منذر ماخوس، لـ "العربي الجديد"، أن الهيئة بدأت اجتماعات في الرياض اعتباراً من يوم الجمعة (أول من أمس) وتستمر حتى 24 من الشهر الحالي، لبحث مدى التقدّم الذي تم إحرازه على طريق الاستجابة لطلبات وفد المعارضة بشأن مسألتين رئيسيتين، وهما إيصال المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة، ووقف الأعمال العدائية من قِبل الطيران الروسي وقوات النظام، موضحاً أن الهيئة ستقرر المشاركة في مفاوضات جنيف من عدمها، خلال هذه الاجتماعات بناء على التقدّم الذي سيتم إحرازه في هاتين المسألتين. ولفت ماخوس إلى أنه تم في الأيام الأخيرة إيصال كميات من المساعدات الإنسانية إلى بعض المناطق، وهذه خطوة جيدة وتندرج في إطار الاستجابة لطلبات وفد المعارضة، "لكن ما تم إدخاله حتى الآن غير كافٍ، خصوصاً إلى منطقة المعضمية قرب دمشق".

أما وائل علوان، القيادي في "فيلق الرحمن" (أحد أهم فصائل المعارضة بريف دمشق)، الذي حضر اجتماع مندوبي الفصائل العسكرية مع حجاب، فشدد على أنه كان هناك طرحٌ خلال الاجتماع هو أن يتم التوصل لهدنة مبدئياً ولفترة محدودة، وهو ما "تم التوافق عليه بعد نقاشات ومشاورات طويلة بين المجتمعين". وقال إن "نقطتين أساسيتين جرت مناقشتهما بعد ذلك؛ الأولى أن تكون الضمانات واضحة من الدول الراعية، وخصوصاً من مجموعة الدعم الدولي لسورية، في حال وجود خروقات وإيجاد آليات مراقبة، والثانية منع تذرع روسيا وحلفائها بحجة الإرهاب لضرب مناطق المعارضة"، وضرورة "تحديد المناطق التي ستكون خارج الهدنة، وهي مناطق انتشار داعش المعروفة".

اقرأ أيضاً: روسيا تؤكد أنها ستواصل عملياتها العسكرية في سورية