النواب الليبي يقرّر تعديل الإعلان الدستوري وإعادة تشكيل الرئاسي: بانتظار التنفيذ

27 نوفمبر 2018
لم يصدر المجلس بياناً بشأن قراريه (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -
أكد المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب الليبي عبدالله بليحق، لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، إجراء تعديل جديد على الإعلان الدستوري خلال جلسة المجلس، مساء الإثنين، إضافة لإقراره إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في البلاد.

وجاء إعلان بليحق المتأخر، بعد جدل دار حول حقيقة تصويت مجلس النواب على إجراء تعديل عاشر على الإعلان الدستوري خلال جلسة أمس، حيث لم يصدر المجلس بياناً رسمياً بشأنه.

وقال بليحق، في حديث لــ"العربي الجديد"، إنّ "جلسة الأمس صوّت خلالها 122 نائباً بالموافقة على التعديل، لتحصين المادة السادسة المتعلقة بقانون الاستفتاء على الدستور الدائم للبلاد"، موضحاً أنّ "المادة السادسة تقسّم ليبيا إلى ثلاث دوائر انتخابية، للتصويت على مشروع الدستور الذي يتطلّب أصوات (50+ 1) عن كل إقليم، لإقراره بشكل نهائي".

والإعلان الدستوري هو القانون الأسمى الحالي لليبيا، أُقرَّ بعد الإطاحة بنظام معمر القذافي، وتم الانتهاء من صياغته في 3 أغسطس/آب 2011 من قبل المجلس الوطني الانتقالي، وينبغي أن يكون ساري المفعول حتى تتم كتابة دستور البلاد الدائم، ويصادق عليه في استفتاء شعبي.

وحول الجدل الدائر بشأن مطالبة مجلس النواب بإعادة تشكيل السلطة التنفيذية، أكد بليحق أنّ "القرار هو من المجلس ولا علاقة له بالتعديل الدستوري".

وبيّن أنّ "مجلس النواب لا يزال يطالب بضرورة إعادة تشكيل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، بواقع رئيس ونائبين فقط، وإلغاء شكله الحالي".

وبعد صدور القرارين، أشار مصباح دومة، عضو مجلس النواب الليبي، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "جلسة الأمس أعقبتها نقاشات وجدالات واسعة"، معتبراً في الوقت عينه أنّ "المجلس تمكّن من إصدار قرارين مهمين، أولهما قطع الطريق أمام معرقلي الدستور ومسار التصويت عليه من قبل الشعب، وبتحصين المادة السادسة يعني أنّه لم تعد هناك إمكانية للطعن فيه وخلخلة هذا الأساس قضائياً".

وتابع أنّ "القرار الثاني هو الأهم، وهو قرار تعديل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج، بالاتفاق مع مجلس الدولة، ما يعني توحيد السلطة في البلاد، وبالتالي توحيد مؤسسات الدولة"، معتبراً أنّ "الطريق الأصعب في هذه المرحلة هو تطبيق القرارين".

لكن صالح هاشم، عضو مجلس النواب الليبي، اعترض على قرار تحصين المادة السادسة بالإعلان الدستوري، قائلاً إنّ "النصاب المطلوب بحسب اللائحة الداخلية للمجلس لم يتوفر، فالمطلوب (الثلثان + 1) من أصل 200 عضو، هم كامل أعضاء مجلس النواب، وبالتالي قرار تحصين المادة غير قانوني بالمطلق".

وأضاف هاشم "أما عن قرار إعادة تشكيل المجلس الرئاسي، فأعتقد أنّه لن يتجاوز الورق، فاتفاق مجلسي الدولة والنواب على تحديد أسماء شاغلي الكراسي الثلاثة الجديدة في المجلس الرئاسي أمر بعيد المنال، وسيتدخل كلاهما في صراع وتنافس على الحصول على أغلبية الكراسي، للتأثير على قرارات المجلس والحكومة الجديدين".


ماذا وراء القرارين؟


وأوضح خليفة الحداد، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الليبية، مقاصد القرارين، مشيراً في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "مجلس النواب أراد فقط أن يقول أنا هنا وما زلت موجوداً؛ لإنقاذ نفسه بعدما شارفت نهايته القريبة"، معتبراً أنّ "مجلسي الدولة والنواب يسعيان حالياً لعرقلة جهود البعثة الأممية لعقد ملتقى وطني جامع، مطلع العام المقبل، من شأنه إنهاء وجود المجلسين بالمرحلة الانتقالية، وتجاوزهما إلى مرحلة جديدة".

وفيما تساءل الحداد بالقول "ما الجديد اليوم حتى يتفق مجلسا الدولة والنواب على أمر اختلفا فيه طيلة سنتين، وكان محور الخلاف بينهما؟"، أشار في الوقت عينه إلى أنّ "قرار تحصين قانون الاستفتاء تحصيل حاصل، وتقسيم البلاد إلى ثلاث دوائر معمول به منذ عام 2012، ولا توجد صيغة بديلة، وبالتالي فتحصينه لا يزيد ولا ينقص".

وتابع "أما عن قرار تعديل المجلس الرئاسي، فلا أعتقد أنّ تنفيذه سيرى النور، وكل ما فيه هو اتفاق مصالح أعضاء بالمجلسين"، موضحاً أنّ "الاتفاق على تشكيل المجلس يحتاج مجدداً موافقة البعثة الأممية التي ترعى الاتفاق السياسي، وهو ما عبّرت البعثة عن رفضه ضمنياً في عدة مناسبات".

وذكر الحداد أنّ "قرار تعديل المجلس الرئاسي لن يترتب عليه شيء جديد، فشدة التنافس والصراع بين مجلسي الدولة والنواب، لن تصل بهما إلى توافق على شاغلي عضويات المجلس الجديد".

وأشار الحداد إلى ارتباك مجلس النواب، موضحاً أنّ "المجلس أقرّ، منذ يومين، بتصويت 122 عضواً، تسمية عبد المجيد سيف النصر عضواً بالمجلس الرئاسي الحالي، بديلاً عن موسى الكوني المستقيل، واليوم العدد ذاته يقرّ إعادة تشكيل المجلس الرئاسي".

ورأىّ أنّ "رئاسة المجلس اعترفت ضمناً بعدم رسمية قرارها، وبالتالي لم تعلن عنه كما هي عادتها وإنّما جاء الحديث عنه عبر أعضاء في المجلس بشكل انفرادي".

ولفت الحداد إلى "إجماع المجتمع الدولي الذي صادق على الاتفاق السياسي، على بقاء حكومة السراج ومجلسها الرئاسي، حتى الوصول إلى مرحلة إجراء الانتخابات العامة العام المقبل"، مشيراً إلى "تأكيد المجتمع الدولي، خلال مؤتمر باليرمو في إيطاليا، منتصف الشهر الحالي، على دعمه للسراج ومجلسه الرئاسي، وبالتالي قطع الطريق أمام أي محاولة داخلية للانقلاب عليه، والاطاحة به، ولا سيما أن محاولات الإطاحة به كانت قائمة قبيل انعقاد المؤتمر".

المساهمون