يقود الثلاثي المشرف على هندسة السياسة الخارجية الأميركية (وزير الدفاع جيمس ماتيس، ووزير الخارجية ريكس تيلرسون، ومستشار الأمن القومي الجنرال هربرت ماكماستر) سلسلة من الاتصالات المكثفة مع المسؤولين الأتراك، وهو ما يؤشر إلى وجود محاولات متسارعة لاستدراك التوتر بين البلدين قبل انفجاره، من دون أن يكون نجاح ذلك محسوماً في ظل التباعد في مواقف البلدين تجاه التطورات في سورية وتحديداً في ما يتعلق بالأكراد.
واجتمع ماكماستر، يوم الأحد الماضي، مع المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن، في إسطنبول، وبحثا "بالتفصيل المسائل التي تؤثر سلباً على علاقات البلدين"، بحسب بيان نقلته وكالة "الأناضول". كذلك من المقرر أن يلتقي ماتيس بنظيره التركي نورالدين جانيكلي، اليوم الأربعاء، في اجتماع حلف شمال الأطلسي في بروكسل على أن يجري وزير الخارجية ريكس تيلرسون الذي يقوم بزيارة أنقرة، غداً الخميس، اتصالات إضافية مع المسؤولين الأتراك، أكد مسؤول أميركي أنها ستكون "صعبة".
اقــرأ أيضاً
واستبق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زيارة تيلرسون ولقاء وزيري دفاع البلدين أمس الثلاثاء، بالقول إنّ قرار الولايات المتحدة، تقديم الدعم المالي لـ"وحدات حماية الشعب" الكردية في سورية، سيؤثر على قرارات تركيا، وذلك بعد الكشف أمس عن تخصيص وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، 300 مليون دولار من ميزانية عام 2019، لتدريب ودعم مليشيا "قوات سورية الديمقراطية" (قسد). كما رصدت الوزارة 250 مليون دولار للقوة الأمنية الحدودية التي أسسها التنظيم شمال سورية، وفق ما أظهرته وثيقة مشروع ميزانية الوزارة لعام 2019.
وتهدف اللقاءات الأميركية التركية في مجملها إلى "العمل مع الأتراك بحثاً عن وسيلة، إذا كانت متوفرة، تجمع بين مراعاة المطلب الأمني التركي وبين مواصلة المواجهة ضد داعش" بحسب ما قاله مسؤول في وزارة الخارجية. ويشير فحوى كلامه إلى أن واشنطن متمسكة بالحليف الكردي في هذه المواجهة، وأنها في الوقت نفسه تعترف بصعوبة العثور على صيغة لهذا التمسك تقبل بها تركيا. وكأنه يقرّ بأن عقدة من هذا العيار يصعب تفكيكها فيما التعويل الأساس يتركز على أن يثمر لقاء وزير الدفاع الأميركي مع نظيره التركي ويؤدي إلى حلحلة.
صحيح أن واشنطن "تتفهم" الهاجس التركي، كما تقول، لكن ترجمة سياستها السورية، التي كشف عن خطوطها تيلرسون في خطاب بجامعة ستانفرد الشهر الماضي، تتطلب وجود قوة كردية على الأرض في شرق سورية "لمطاردة داعش ومواجهة تمدد إيران ونظام الأسد". توجه عزز شكوك أنقرة التي ردت بعملية عفرين والتي وافقت واشنطن ضمناً عليها شرط أن تبقى محدودة بهذه البقعة. لكن التلويح التركي بتمديد الحملة لتشمل بلدة منبج، رفع من منسوب التأزم. واشنطن تعتبر أن شريكها في حلف شمال الأطلسي "متمرد" و"مخرِّب" على أجندتها في سورية. الأمر الذي أثار حالة من النقمة على أنقرة، ليس فقط في أوساط الإدارة بل أيضاً في صفوف المعنيين بشؤون السياسة الخارجية. البعض دعا إلى "الحسم مع أردوغان "، فيما ذهب آخرون إلى حد المطالبة بفرض "عقوبات على أنقرة"، رداً على ممارساتها ومنها توقيف عدد من المواطنين يحملون الجنسية الأميركية. وبينما تركت إدارة دونالد ترامب الأزمة الكورية للدبلوماسية التي يبدو أنها كسبت بعض الزخم في ظل أجواء الالعاب الأولمبية الشتوية في كوريا الجنوبية، تركز في الوقت الراهن على خيار التصدي للحضور الإيراني في سورية فيما تعد لإقامة مديدة شرق الفرات ولا يستبعد زيادة حجم قواتها هناك.
وزير الدفاع الأميركي، الذي يحظى بدعم البيت الأبيض أكثر من غيره، تحدث أخيراً بلغة الإنذار المبطن ضد دمشق. في موازاة ذلك تكرر التركيز على استخدام النظام لمادة الكلور الكيميائية مرات عدة في الأسابيع الماضية. تشدد كانت ترجمته في عملية القصف الجوي والمدفعي الأميركي الذي استهدف "قوات موالية للنظام السوري"، ذكرت معلومات بأنها إيرانية أو مدعومة من قبل إيران، لمحاولتها شن هجوم على مواقع حليفة لواشنطن (قوات سورية الديمقراطية وكردية) وتكبدت خسائر فادحة. كان المقصود من العملية بعث رسالة، في أكثر من اتجاه، مفادها بأن واشنطن باقية عسكرياً في تلك المنطقة لمواجهة إيران وأنها عازمة على الدفاع عن القوات الحليفة لها وبالذات الكردية.
وسط هذا التصعيد، تحركت الإدارة باتجاه تركيا لتبريد الاشتباك مع الأكراد، وبما يوفر الفسحة اللازمة لرفع وتيرة الضغط على طهران ودمشق وموسكو. فرصة نجاح هذه الجهود متوفرة ولو غير راجحة، بدليل تواصل اللقاءات وتراجع حدة التراشق.
اقــرأ أيضاً
واستبق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زيارة تيلرسون ولقاء وزيري دفاع البلدين أمس الثلاثاء، بالقول إنّ قرار الولايات المتحدة، تقديم الدعم المالي لـ"وحدات حماية الشعب" الكردية في سورية، سيؤثر على قرارات تركيا، وذلك بعد الكشف أمس عن تخصيص وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، 300 مليون دولار من ميزانية عام 2019، لتدريب ودعم مليشيا "قوات سورية الديمقراطية" (قسد). كما رصدت الوزارة 250 مليون دولار للقوة الأمنية الحدودية التي أسسها التنظيم شمال سورية، وفق ما أظهرته وثيقة مشروع ميزانية الوزارة لعام 2019.
وأضاف أردوغان، في كلمة بالبرلمان أمام أعضاء من حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، أنّ "على واشنطن الانصياع لأوامر حلف شمال الأطلسي على غرار ما تقوم به تركيا"، مشيراً إلى أنّ "الأطلسي لا يعني الولايات المتحدة الأميركية وحدها، فكافة أعضاء الحلف متساوون معها". وعلّق الرئيس التركي على زيارة تيلرسون المرتقبة، بالقول "سنستعرض أمامهم (الأميركيين) جميع الحقائق". وأضاف "لا يحق لأحد بعد الآن التذرّع بـ"داعش"، فقد أسدل الستار على مسرحية التنظيم في سورية والعراق".
صحيح أن واشنطن "تتفهم" الهاجس التركي، كما تقول، لكن ترجمة سياستها السورية، التي كشف عن خطوطها تيلرسون في خطاب بجامعة ستانفرد الشهر الماضي، تتطلب وجود قوة كردية على الأرض في شرق سورية "لمطاردة داعش ومواجهة تمدد إيران ونظام الأسد". توجه عزز شكوك أنقرة التي ردت بعملية عفرين والتي وافقت واشنطن ضمناً عليها شرط أن تبقى محدودة بهذه البقعة. لكن التلويح التركي بتمديد الحملة لتشمل بلدة منبج، رفع من منسوب التأزم. واشنطن تعتبر أن شريكها في حلف شمال الأطلسي "متمرد" و"مخرِّب" على أجندتها في سورية. الأمر الذي أثار حالة من النقمة على أنقرة، ليس فقط في أوساط الإدارة بل أيضاً في صفوف المعنيين بشؤون السياسة الخارجية. البعض دعا إلى "الحسم مع أردوغان "، فيما ذهب آخرون إلى حد المطالبة بفرض "عقوبات على أنقرة"، رداً على ممارساتها ومنها توقيف عدد من المواطنين يحملون الجنسية الأميركية. وبينما تركت إدارة دونالد ترامب الأزمة الكورية للدبلوماسية التي يبدو أنها كسبت بعض الزخم في ظل أجواء الالعاب الأولمبية الشتوية في كوريا الجنوبية، تركز في الوقت الراهن على خيار التصدي للحضور الإيراني في سورية فيما تعد لإقامة مديدة شرق الفرات ولا يستبعد زيادة حجم قواتها هناك.
وسط هذا التصعيد، تحركت الإدارة باتجاه تركيا لتبريد الاشتباك مع الأكراد، وبما يوفر الفسحة اللازمة لرفع وتيرة الضغط على طهران ودمشق وموسكو. فرصة نجاح هذه الجهود متوفرة ولو غير راجحة، بدليل تواصل اللقاءات وتراجع حدة التراشق.