جنيف4 بلا تقدّم: الجعفري بدمشق ولقاء روسي مع المعارضة

27 فبراير 2017
نصر الحريري: لم نجد في النظام شريكاً للسلام(العربي الجديد)
+ الخط -
كان اليوم الخامس لفعاليات مؤتمر جنيف4 حول سورية، نسخة طبق الأصل عما سبقه: مماطلة وفد النظام السوري من خلال مغادرة رئيس مفاوضيه، بشار الجعفري، جنيف باتجاه دمشق لأخذ التعليمات من هناك، في موازاة استمرار "الضغط بالقتل" على الأراضي السورية تحت شعار "مكافحة الإرهاب"، إذ وصل عدد الضحايا المدنيين الذي قتلهم معسكر النظام منذ اتفاقية الهدنة نهاية العام الماضي، إلى 1161 شخصاً، بينما وفد "قوى الثورة والمعارضة" متمسك بالهدف المعلن للمؤتمر، أي أولوية الانتقال السياسي، وسط ترقب لما يحمله فريق دبلوماسي روسي يلتقي بوفد المعارضة في المدينة السويسرية يوم الثلاثاء.
وقد علم "العربي الجديد" أن وفد المعارضة أعدّ أجوبته على الورقة التي تسلمها يوم الجمعة من المبعوث الدولي، ستيفان دي ميستورا، وفي الورقة التي تسلم للوسيط الأممي قريباً، تركيز على أولوية الانتقال السياسي، وموافقة مبدئية على "إعلان دستوري" لا على مشروع الدستور الذي تقدمت به روسيا في مؤتمر أستانة، فضلاً عن عدم ممانعة لمناقشة عنوان الانتخابات شرط أن تكون تتمّة لإجراءات الانتقال السياسي. وقد عقد وفد "قوى الثورة والمعارضة"، الاثنين، "لقاء إيجابياً ثانياً" مع دي ميستورا في مقر الأمم المتحدة في جنيف، "على أن يكون هناك لقاءات أخرى مقبلة" بحسب تعبير رئيس الوفد، نصر الحريري، في مؤتمر صحافي أعقب الاجتماع الذي دام ساعة وربع الساعة تقريباً. وكشف الحريري أنه تم تقديم ورقتين لدي ميستورا: الأولى عن عدد الضحايا المدنيين الذي سقطوا منذ اتفاقية وقف إطلاق النار في 30 ديسمبر 2016، وبلغوا 1161 شخصاً، والثانية عن مواصلة استخدام النظام الغاز ضد المناطق الخارجة عن سيطرته. وفي حين أعرب الحريري عن خيبته إزاء عدم العثور على "شريك للسلام في نظام يواصل جرائمه بلا إدانة كبيرة له من المجتمع الدولي"، أوضح أن وفده سيحاول إقناع الروس اليوم الثلاثاء "بأن تكون روسيا إلى جانب مصالح الشعب السوري".
وفي خطوة تعتبر الأولى من نوعها، بادر وفد روسي برئاسة كل من نائب وزير الخارجية، غينادي غاتيلوف والمبعوث الروسي للشرق الأوسط سيرغي فيرشيمين بطلب الاجتماع ببعثة الهيئة العليا للمفاوضات إلى جنيف. وكان مقرراً أن يعقد الاجتماع يوم الاثنين، قبل أن يتم تأجيله إلى اليوم الثلاثاء. وقال نائب رئيس الائتلاف الوطني السوري وعضو الهيئة العليا عبد الحكيم بشار لـ"العربي الجديد" إنه ليس هناك جدول أعمال للقاء، مضيفا: "سنطلب منهم الضغط على النظام من أجل تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار، والالتزام بإدخال المساعدات الإنسانية إلى المدن والبلدات المحاصرة وإطلاق سراح المعتقلين، إضافة إلى أن يكون النظام جاداً في العملية التفاوضية وفق الأجندات التي حددتها القرارات الدولية".
وعن الرد الذي ستسلمه المعارضة لدي ميستورا كجواب على ورقته حول "السلال الثلاث" (طريقة الحكم والدستور والانتخابات)، أكد سفير الائتلاف السوري في باريس، عضو الهيئة العليا للمفاوضات، منذر ماخوس، أن الورقة تتمحور حول التأكيد على الانتقال السياسي في ما يخص بند الحوكمة، وأيضاً البحث في إعلان دستوري أو مبادئ دستورية وليس الخوض في كتابة دستور جديد. وعن الخوض في النقاط الثلاثة معاً، وفق نظرية دي ميستورا، فإن المعارضة أكدت أن الأولية للبحث في الحوكمة، مشددة على وجوب تسجيل أي اتفاق يتم التوصل له وعدم الانتظار للإعلان عن الاتفاق النهائي، كي لا يتم منح النظام أي فرصة للمراوغة، بحسب تعبير ماخوس. وخلال حديثه لـ"العربي الجديد"، قال ماخوس إن "الخطوط العريضة للورقة التي ستقدمها المعارضة للرد على دي ميستورا، تقوم على أن الحوكمة أو أسلوب الحكم تعني بالنسبة لنا شيئا واحدا لا ثاني له، وهو الانتقال السياسي. أما ما يتحدث عنه النظام من حكومة وحدة وطنية أو حكومة موسعة فهذا أمر مرفوض بالنسبة لنا على الإطلاق، وهذا ما تم التأكيد عليه في الورقة التي ستقدمها المعارضة" على ذمة ماخوس. وأشار إلى أن الوثيقة التي سيتم تقديمها ستصر على فكرة التراتبية في نقاش النقاط الثلاث، لأن البحث في هذه النقاط الثلاث دفعة واحدة وبالتوازي، "أمر غير معقول". وكشف ماخوس أنه يمكن وضع إعلان دستوري أو إطار دستوري "ربما عبر العودة إلى دستور 1950 وهو الدستور الوحيد الذي تم إقراره بتصويت شعبي مباشر في سورية، وهو الدستور الوحيد الذي تم إقراره بشكل ديمقراطي" وفق توصيفه.


أما بخصوص اللقاء المقرر اليوم مع الوفد الدبلوماسي الروسي، فقد أوضح مصدر من داخل فريق المفاوضين السوريين المعارضين، أن الروس لم يقدموا أي ورقة أو تمهيد للمواضيع التي سيتم بحثها مع وجود إشارات إلى إمكانية محاولتهم طلب ضم "الاتحاد الديمقراطي" (الجناح السوري للعمال الكردستاني) للوفد المفاوض، مضيفاً: "فليأتوا وسنتحدث وحلفاؤنا الأتراك موجودون" في إشارة إلى رفض الأتراك أي محاولة لضم الاتحاد الديمقراطي إلى وفد المعارضة. يذكر أن فرقاطة روسية اتجهت إلى البحر المتوسط "في مهمة سورية" وفق إعلان وزارة الدفاع الروسية. وفي ما يخص العودة المفاجئة لمندوب النظام، بشار الجعفري إلى دمشق، علق المصدر المعارض بالقول: "يبدو أن عودة الجعفري كانت ضرورية، فقد بدأنا في جنيف الحديث عن لب الأزمة ممثلاً بالانتقال السياسي ونحاول حله، والجعفري بطبيعة الحال ليس مخولاً في الحديث عن هذه الأمور".

وفي السياق، أوضح مصدر غربي مطلع في جنيف، من بعثة إحدى دول "مجموعة الاتصال حول سورية"، أن المعارضة السورية أثبتت جديتها في العملية التفاوضية، في حين استمر النظام بالتعاطي السلبي وأخذ دور المعطل. وأضاف في تصريح خاص إلى "العربي الجديد" أن هناك إصرارا غربيا على تحقيق إنجازات في هذه الجولة، مشيراً إلى أن هذا الإصرار يأتي من الاتحاد الأوروبي بالدرجة الأولى نتيجة عدم ارتياحه لاجتماعات "أستانة". وبيّن المصدر الغربي من جنيف أن روسيا تخلت عن دعم المنصات الأخرى وعلى الأخص منصة موسكو، متوقعاً أن يقوم قدري جميل بزيارة لوفد المعارضة السورية من أجل التفاهم على الانضمام إليهم.

من جهة ثانية، شدد المتحدث باسم الهيئة العليا للتفاوض، سالم المسلط، على أن "الهيئة العليا للمفاوضات جاهزة بشكل تام للدخول في مفاوضات مباشرة" مع النظام، لافتاً إلى أنه "بعد ثلاث جولات مضنية، وأمام مماطلة كبيرة من النظام، ما زلنا وكأننا نبدأ الجولة من بدايتها. النظام يصرّ على موضوع مكافحة الإرهاب، والجميع يعلم من يدعم الإرهاب في سورية. نريد أن ننتهي من هذا الكابوس في جنيف، ولكن لا يوجد طرف جاد في الجهة المقابلة لنا، بل يستمر النظام في المماطلة وشراء الوقت"، معرباً عن أمله بأن تكون هناك جدية لدى المجتمع الدولي حتى يفرض على النظام البدء بمناقشة الانتقال السياسي". وعن الموقف من كل من منصة القاهرة ومنصة موسكو، شدد المسلط على ضرورة التوجه إلى المفاوضات بوفد موحد للمعارضة، معبرا عن "انفتاح الهيئة على ضم أي أعضاء جدد"، بالقول إن "مؤتمر الرياض شارك به أكثر من 27 عضوا ممن شاركوا في مؤتمر القاهرة وموسكو"، موضحا أنه "في الهيئة العليا للمفاوضات يوجد تسعة أشخاص من منصتي القاهرة وموسكو، وفي الوفد المفاوض الحالي يوجد 5 ممن شاركوا في المنصتين.
وعن جدول المفاوضات، دعا المسلط إلى عقد المفاوضات بشكل مستمر ومن دون أي استراحات، في سبيل التوصل إلى حل بأسرع وقت ممكن، بالقول: "إن طبيعة المفاوضات عشرة أيام، وهناك استراحة، ومن ثم نبدأ بجولة أخرى. نريد أن تكون المفاوضات مباشرة لاختصار الوقت، ونريد أن تكون مستمرة دون أي استراحة.. نريد أن نستمر حتى ننجز شيئا، فقد جئنا إلى جنيف لإنجاز شيء لشعبنا، ولن نتراجع عن ذلك، كما لن نكون سببا في فشل المفاوضات، وتعلمون من يعمل على إفشالها"، في إشارة إلى النظام السوري.

المساهمون