معسكرا ليبيا ضد السراج... وقواته على مشارف سرت

01 مايو 2016
قوات من مصراتة في طريقها إلى سرت(عبدالله دوما/فرانس برس)
+ الخط -
ازدادت الخطابات والتصريحات حدة بين الفرقاء الليبيين في الأيام الأخيرة، واتخذت طابعاً تصعيدياً صريحاً، بعيداً عن أي شكل من أشكال التنازل أو حتى التلميح بإمكانية حل الخلافات بطرق سياسية سلمية. وعلى الرغم من أن المواجهات لم تتحوّل بعد إلى الشارع، إلا أن الاستعدادات لذلك لم تعد خافية على العيان، خصوصاً في الطريق إلى سرت، من جهتيها الشرقية والغربية. ورداً على البيانات المتتالية لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج، خرجت تظاهرات في عدة مدن شرق البلاد وحتى في طرابلس، أول من أمس الجمعة، معلنة رفضها تصريحات السراج، على الرغم من أنها لم تكن تظاهرات حاشدة أو كبيرة، ما يعكس طابعها السياسي. فيما خرجت في المقابل تظاهرات أخرى تدعم السراج وتدعو إلى دعم الاستقرار. وعلى الرغم من دعوات السراج إلى وحدة الصف في مواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، جاء رد الجهة الشرقية قوياً ورافضاً، إذ أصدر رئيس برلمان طبرق عقيلة صالح، بياناً اعتبر فيه أن "المجلس الرئاسي (لحكومة الوفاق) أعطى لنفسه صفة لا يملكها، وأن كل قرارته فاقدة للشرعية، لأن الاتفاق السياسي لم يُشرعن ولم يُضمَّن بعد في صورة تعديل دستوري".
واتهم صالح المجلس الرئاسي بالسعي لـ"إنتاج الشقاق، وارتكاب المزيد من الانتهاكات والخروقات الممنهجة للاتفاق السياسي". كما دان صالح بيان المجلس الرئاسي الذي وصف نفسه بـ"القائد الأعلى للجيش"، معتبراً أنه "قفز على الاستحقاقات الدستورية وأعطى لنفسه صفة وتخويلاً لا يملكها (القائد الأعلى)، ونذكّره بأنه أحد أجسام الاتفاق السياسي وأن كل قراراته وبياناته فاقدة للشرعية الدستورية والقانونية".

وشدّد صالح على أن "المجلس الرئاسي غير مخوّل بتعيين قيادة عسكرية جديدة"، وأن "القائد العام للقوات المسلحة العربية الليبية ورئاسة الأركان العامة للقوات المسلحة الليبية هي مؤسسات عسكرية نظامية شرعية منبثقة عن مجلس النواب الليبي المنتخب من الإرادة الشعبية الحرة في انتخابات حرة ونزيهة، وبأنه مؤسسة عسكرية نظامية تحارب الإرهاب القاعدي والداعشي منذ أكثر من عامين، وقدّمت التضحيات بالغالي والنفيس من أجل أن تكون ليبيا خالية من الإرهاب والتطرف"، مندداً بوصف الجيش بـ"المليشيات المسلحة في غرب البلاد التي سلّمت مدينة سرت لتنظيم داعش"، مشيراً إلى أن البيان يطعن في "عقيدة الجيش الليبي"، ويهدد باستدعاء الأجنبي الخارجي لضرب الجيش الليبي، حسب قوله.


أمام هذا الموقف لشرق ليبيا، وأمام معلومات تؤكد تقدّم أرتال عسكرية في اتجاه سرت من الجهة الشرقية، يضع السراج بيانه الأخير في موضع اختبار للمصداقية، إذ كان قد حذّر "كل مخالف للتعليمات ومنتهك للقوانين"، بأنه سيعمل "وفقاً للاتفاق السياسي، لكبح جماح أي طرف يحاول المتاجرة بقضايا الوطن، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب". مقابل هذا الوضع، حصل المجلس الرئاسي على دعم جديد من الولايات المتحدة، من خلال مبعوثها إلى ليبيا جوناثان وينر، والذي أعلن في تغريدة له على موقع "تويتر" دعمه لتوجّه المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق في حربه ضد تنظيم "داعش" في مدينة سرت.

وفيما تتقدّم قوات من الشرق باتجاه سرت، أعلن المجلس العسكري لمدينة مصراتة التزامه بما جاء في البيان الصادر عن المجلس الرئاسي بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي بخصوص سرت. وأكدت مصادر من المجلس العسكري لمصراتة، أن أرتالاً لكتائب تتبع المجلس والغرفة الأمنية المشتركة في مصراتة، توجّهت إلى بوابة أبوقرين ومفرق زمزم القريب من الوشكة غرب سرت بمسافة 100 كيلومتر. وقال مصدر من المجلس لوسائل إعلام ليبية، إن 40 سيارة مسلحة وصلت بوابة أبوقرين العسكرية وبوابة مفرق زمزم، فيما تحركت قرابة 30 آلية عسكرية مجهزة نحو منطقة الجفرة العسكرية. فيما أكد مصدر عسكري من الغرفة الأمنية المشتركة في مصراتة، أن طيراناً تابعاً للكلية الجوية في مصراتة أغار على موقع لتنظيم "داعش" في بوابة الستين الواقعة غرب سرت.

ويبدو المشهد الدولي المراقب لتطور الأوضاع على الأرض، على غير حماسه المعلن، وكان وزير الخارجية الإيطالي باولو جينتيلوني واضحاً بقوله إن "هناك دولاً ذات مصالح مختلفة وغير متداخلة في ليبيا، لكن علينا السعي للإصلاح، لا لتغذية هذه المصالح المختلفة". وقال جينتيلوني إن "هناك قوى معارضة لأسباب تتعلق بالانتماء الجغرافي أو السياسي أو الديني، وعلينا الضغط لأجل التعاون بين هذه القوى، من دون إدخال نمط يقوم على أساس الليبيين الأخيار ضد الليبيين الأشرار، لأن استقرار ليبيا هدف استراتيجي، ونحن في بداية هذا المسار". 
لكن جينتيلوني لم يُبيّن كيف سيدعم المجتمع الدولي حكومة الوفاق في هذه المواجهة التي تضعها أمام رافضيها من الشرق، على الرغم من أن مجلس الأمن كان حاسماً في قضية رفض تصدير النفط من خارج سلطة حكومة الوفاق، بعدما حاولت ناقلة هندية نقل النفط بأوامر من سلطات الشرق، إذ وضعها على القائمة السوداء وقرر إعادة توجيهها إلى ميناء الزاوية في غرب ليبيا، لتفريغ الشحنة.

وكشف عمر القويري، الوزير السابق في حكومة طبرق التي يترأسها عبدالله الثني، أن مجلس الأمن أوضح حقيقة صفقة بيع النفط عبر ميناء الحريقة التي قامت بها المُؤسسة الوطنية للنفط في بنغازي، وأن المقابل المالي لمبيعات الشحنة المصدرة من ميناء الحريقة كان سيُودع في حساب خاص في الأردن، مشيراً إلى أن المجلس اعتبر أن بيع النفط يكون بطرق غير شرعية إذا لم توضع إيراداتها في حساب مؤسّسة النفط، وتحال فوراً إلى حساب وزارة المالية. وتساءل القويري، إن كان هذا هو سبب إقالة  الثني، لممثل ليبيا في الأمم المتحدة إبراهيم الدباشي بعدما تم الكشف عن تفاصيل الصفقة، مضيفاً: "هل هذا الحساب السري للحكومة المؤقتة أم يخص المؤسسة الوطنية للنفط في بنغازي؟".

المساهمون