رسالة أوروبية ضد "صفقة القرن": تذكرنا بنظام الفصل العنصري

27 فبراير 2020
شبّه الساسة فلسطين بالصفقة بقطعة جبن مليئة بالثقوب(العربي الجديد)
+ الخط -
وقّع 50 قيادياً أوروبياً سابقاً، أمس الأربعاء، بمبادرة من وزير الخارجية الدنماركي السابق وأمين عام الجمعية العامة للأمم المتحدة سابقاً، موينز لوكاتوفت، رسالة مفتوحة تشبّه خطة الإملاءات الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية والمعروفة باسم "صفقة القرن" بأنها أقرب إلى نظام الفصل العنصري وشبيهة بالجبنة السويسرية.
وبادر لوكاتوفت، بعد تواصله مع كلّ من وزيري خارجية بريطانيا وفرنسا الأسبقين، جاك سترو وهربرت فيدرين، إلى الطلب من قادة أوروبيين التوقيع على الرسالة التي احتوت في مقدمتها على الآتي: "كأوروبيين ملتزمين بتعزيز القانون الدولي والسلام والأمن في جميع العالم، نعرب عن قلقنا العميق إزاء خطة الرئيس (الأميركي دونالد) ترامب للمنطقة". ومن بين المشاركين في الرسالة، مفوضون ووزراء سابقون وأمين عام حلف شمال الأطلسي الأسبق، ووجّهها الموقعون عليها إلى زملائهم في مناصبهم الحالية، كردّ على مشروع ترامب (صفقة القرن).
ويرى الساسة الأوروبيون السابقون، أن الخطة الأميركية "تقدم للفلسطينيين وضعاً يكونون فيه تحت الاحتلال"، وفقاً لما قاله لوكاتوفت اليوم الخميس، والذي استطاع أيضاً أن يجعل 4 من وزراء الخارجية السابقين لبلده الدنمارك، يوقعون الرسالة، وهم بيير ستي موللر، ومارتن ليدغورد، وأوفه إلمان يانسن، وهولغر نيلسن، وينتمي الساسة الأربعة إلى تيارات مختلفة من اليسار إلى المحافظين.
ويذكر الموقعون على الرسالة الأوروبية، أن خطة ترامب "السلام من أجل الازدهار"، تتناقض مع المعايير المتفق عليها دولياً لعملية السلام في المنطقة، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما فيها القرار الصادر عن مجلس الأمن رقم 2334". ويشدد هؤلاء على أهمية القانون الدولي، لافتين إلى أن الخطة، بدل "تعزيز السلام، فهي تزيد المخاطر بتأجيج الصراع، على حساب المدنيين الإسرائيليين والفلسطينيين، وتترتب على الأردن وعموم المنطقة آثار خطيرة"، مذكرين أيضاً بأنها خطة "قوبلت بمعارضة واسعة النطاق في المنطقة، وأوروبا، والولايات المتحدة الأميركية".
واعتبر الموقعون على الرسالة أنها بدل أن تؤدي إلى حلّ دولتين، ستقود إلى أبرتهايد.

ويرى هؤلاء الساسة الموقعون على الرسالة أنّ "صفقة القرن" "لن تسحب المستوطنين وتلغي استعمار الضفة الغربية، بل على العكس، يريدون الإبقاء عليها، وهذا سيؤدي إلى أن نكون، بعبارة أخرى، أمام دويلة محلية صغيرة، تخالف كل القرارات الدولية التي جرى تبنيها، وتتحدث عن دولة فلسطينية، والتي نرى اليوم أنها عبارة عن قطعة جبن سويسرية مليئة بالثقوب، ولا يوجد أي ترابط بين جغرافيا هذه الدولة مطلقاً، وبشكل عملي، ذلك سيعني أنها ستبقى تحت الاحتلال".

ويشدد موينز لوكاتوفت على أن الهدف من الرسالة هو جعل أوروبا تقف بحزم كصف واحد، ولهذا جمعنا تواقيع 50 قيادياً أوروبياً سابقاً، بمن فيهم مسؤولو السياسة الخارجية السابقون في الاتحاد الأوروبي، الذين انتقدوا بداية الشهر الحالي، فبراير/شباط، السياسات الإسرائيلية، ووقفوا ضد ضم مناطق فلسطينية.
وكان مسؤول السياسات الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، اعتبر أنه "لا يجب، مهما يحصل، أن يجري هذا الضم". ورحبت الرسالة بكلام بوريل عن أن الحلّ يقوم على القرارات الدولية وإقامة دولة فلسطينية على الأراضي التي احتلت عام 1967.
ويرى وزير الخارجية الدنماركي الأسبق، والقيادي في يسار الوسط الحاكم، أن الرسالة "هي أولاً نداء للدول الأوروبية بألا تحيد عن السياق الذي يعبّر عنه مسؤول السياسات الخارجية جوزيف بوريل، في رفضه للضم، وتمسكه باسم الاتحاد الأوروبي، والدول التي هي خارجه، كالنرويج وبريطانيا، بالحفاظ على السياسات الثابتة لأوروبا، وبنفس الوقت هي رسالة تودّ أن ترى الاتحاد الأوروبي يخطو خطوة أخرى".


وعن تلك الخطوة، يقول لوكاتوفت، في حديث للتلفزيون الرسمي الدنماركي، اليوم الخميس: "بحسب رأيي، يمكن لأوروبا عمل الكثير، وأكثر مما تقوم به، وبشكل خاص في النواحي الاقتصادية، حتى تستطيع الدولة الفلسطينية الوقوف على قدميها، وبالطبع أن تقوم أوروبا بالتفاعل وإشراك الجزء المتمسك بالسلام في المجتمع الإسرائيلي".
ولوكاتوفت واحد من الشخصيات الإسكندينافية التي تناصر القضية الفلسطينية منذ سنوات عدة، وهو ما عرضه مراراً وتكراراً لهجوم من اللوبيات الصهيونية، بما فيها "آيباك"، وجرى اتهام الرجل في مناسبات مختلفة بأنه "معادٍ للسامية" و"يساري متعصب"، بسبب تمسكه بمواقفه المنتقدة لدولة الاحتلال.

المساهمون