ليبيا: لماذا قبل حفتر لقاء السراج في القاهرة؟

14 فبراير 2017
لا مؤشرات على قبول حفتر الاتفاق السياسي(عبدالله دوما/فرانس برس)
+ الخط -





أفاد مصدر مقرّب من رئيس المجلس الرئاسي لحكومة "الوفاق الوطني" الليبية فايز السراج، "العربي الجديد"، بأنّ السراج سيلتقي مساء اليوم الثلاثاء، اللواء المتقاعد خليفة حفتر في العاصمة المصرية القاهرة، للمرة الثانية، في وقت غلب على اتجاهات مسؤولي ليبيا من الطرفين، التقليل من أهمية اللقاء، رغم الضجيج الإعلامي حول هذا "التقارب".

وقال المصدر، لــ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، إنّ عدداً من المسؤولين الليبيين، وصلوا إلى القاهرة بشكل مفاجئ، خلال الساعات الماضية، من بينهم رئيس البرلمان عقيلة صالح، وثلاثة من أعضاء المجلس الأعلى للدولة في طرابلس.

وقال المصدر إنّ "الجزائر تبدو غير راضية عن الاجتماع، حيث كان من المقرر أن يعقد في العاصمة الجزائر ولذا فضلت عدم المشاركة فيه واستقبال شخصيات ليبية تمثّل أطرافاً أخرى كممثلي زنتان، وأخرى محسوبة على التيار الإسلامي في طرابلس".

أما القاهرة فبدت منفتحة على كل الأطراف إذ وجّهت، أمس الاثنين، بشكل عاجل دعوة لشخصيات من مصراتة ربما ستحضر هي الأخرى اليوم، بحسب المصدر، موضحاً أنّ كل هذه الشخصيات سيتم التشاور معها في جلسات جانبية، تختتم بجلسة ثنائية بين حفتر والسراج بحضور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

واعتبر المصدر أنّ "اللقاء المباشر بين السراج وحفتر لن يفرز شيئاً بقدر ما سيكون كسراً للجمود بين الأطراف الليبية، لتليه جلسات أخرى ربما مباشرة، بعد تدارس ما ستصل إليه الجلسات الحالية".

وعن مضمون الاجتماعات وملفات البحث، قال المصدر إنّ "الواضح بل ربما المتفق عليه هو تقليص أعضاء المجلس الرئاسي إلى رئيس ونائبين برئاسة السراج، وتشكيل حكومة أزمة لتسيير الخدمات لفترة لم تحدد، فضلاً عن طرح منصب رئيس للدولة".

وبيّن المصدر أنّ "القاهرة تستثمر الأوضاع الدولية غير الحاسمة في موقفها من ليبيا على خلفية غموض الموقف الأميركي، في وقت تقرّبت بشكل كبير من الجانب الروسي"، لافتاً إلى أنّ "القاهرة كانت تعمل منذ شهر على التواصل مع كل الأطراف وإظهار أنّ حفتر لم يعد يميل إليها لإعادة زمام المبادرة لها بعد دخول الجزائر وتونس على خط الأزمة الليبية".

ورأى المصدر أنّ "القاهرة غير جادة في حلحلة الأزمة وتقليل الهوة بين الفرقاء بقدر ما تسعى لمكسب سياسي يؤيد وجودها داخل القضية الليبية في نظر المجتمع الدولي".

ويرى بعض المراقبين أنّ حفتر غير جاد في الانصياع للضغوط الغربية بعد عرقلته التسوية السياسية، معتبرين أنّ قبوله الاجتماع مع السراج "ما هو إلا لذر الرماد في العيون من أجل تخفيف الضغوط عليه".

ويلفت المراقبون إلى أنّ اشتراط حفتر القبول بالاجتماع مع السراج لوحده دون نوابه في المجلس لا سيما المعارضين، يشير إلى عدم جدية حفتر في القبول بالاتفاق السياسي، والانخراط في منظومته الأمنية.

ويعرف حفتر، بحسب المراقبين، أنّ الاتفاق مع السراج لوحده، غير كافٍ لفرض الشروط والمطالب على نوابه بالمجلس لا سيما محمد العماري وعبد السلام كجمان الممثلين لتيارات إسلامية تعارض وجود حفتر بشدة في أي مشهد حكومي، وأحمد معيتيق ممثل مصراته التي يتهمها حفتر بتمويل وتسليح معارضيه في بنغازي.

ويعتبر مراقبون أنّ قبول حفتر الاجتماع مع السراج في القاهرة بدلاً من الجزائر التي كان من المقرر أن تستضيف اللقاء، "مؤشر آخر على عدم جديته في الانخراط في أي تسوية سياسية حيث للجزائر أسس ومنطلقات تحكم سياساتها الخارجية ورؤيتها للمشكلة الليبية، على رأسها ضرورة تحقيق التوافق بين كل الأطراف، والحد من تغول أحدهما على الآخر".

كما أنّ الجزائر تصرّ، بحسب المراقبين، على منع تغوّل أي طرف إقليمي ويبدو ذلك من خلال انزعاجها من وقوف القاهرة في الفترة الماضية بشكل ظاهر وصريح وراء حفتر، وحراكه العسكري الذي اقترب بشكل كبير من حدودها الشرقية مع ليبيا.

وربما تركيز الجزائر على المقاربة الأمنية في حلحلة الأزمة الليبية، حيث إنّ عديد القيادات والزعامات في "التنظيمات الإرهابية" من الجزائر مستفيدة من الفوضى الليبية في تنظيم صفوفها وتوجيهها للداخل الجزائري، يلمس صلب مشروع حفتر العسكري، خصوصاً أنّ الحديث تزايد عن إمكانية وجود صلات بين القوات الموالية له في الجنوب الغربي من ليبيا مع "مجموعات إرهابية".

لكن قبول حفتر تلبية دعوة الجزائر لزيارتها، ربما يدل على وجود ضغط روسي عليه، سيما وأنّ زيارته لها في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، جاءت بعد زيارته لموسكو مباشرة، لكن بمرور الوقت اتضح أنّه لم يتحوّل عن تمسّكه برفض الحل السلمي والتوافق.

ويتفق مراقبون على أنّ كلاً من حفتر والقاهرة، يسعيان لمكاسب سياسية من خلال تنظيم اللقاء مع السراج، أكثر منه للوصول إلى تفاهمات بشأن أي تسوية، فمعطيات الواقع تشير إلى أنّ روسيا الداخلة على خط الأزمة الليبية، من خلال حليفها حفتر، تثق بالجزائر أكثر من وثوقها بالقاهرة، كما أنّ الأخيرة تدرك أنّ دورها لم يعد مؤثراً بشكل كبير خصوصاً في ظل الحديث عن فتور في العلاقات المصرية الخليجية.

وإن قبل السراج مخرجات اللقاء الجاري مع حفتر في القاهرة التي أتاها بمفرده، فسيواجه موجة غضب من قبل معارضي حفتر الكثر في الجانب الغربي من ليبيا، أما رفضه لها فيعني استمرار الانسداد السياسي الذي ربما سيعقبه تصعيد عسكري محتمل.



المساهمون