"عطيرات كوهنيم"... ذراع إسرائيل لتهويد القدس

20 ابريل 2015
الاحتلال طرد العديد من الفلسطينيين من منازلهم (فرانس برس)
+ الخط -
تُعتبر منظمة "عطيرات كوهنيم" اليهودية المتدينة ذراع إسرائيل غير الرسمية والمسؤولة عن تهويد البلدة القديمة في القدس الشرقية ومحيطها. تشكّلت هذه المنظمة مطلع سبعينات القرن الماضي، ووضعت على رأس أولوياتها ضمان تحقيق تفوّق ديمغرافي لليهود في البلدة القديمة من القدس. وقد بادر لتشكيل هذه المنظمة حاخامات ونشطاء تخرّجوا جميعهم من "يشيفات هراب"، أكبر المدارس الدينية التي تتبع التيار الديني الصهيوني.

وتستخدم "عطيرات كوهنيم" وسيلتين أساسيتين في تهويد المدينة المقدسة، هما شراء البيوت والعقارات، واستصدار قرارات من محاكم الاحتلال للسيطرة على منازل وعقارات فلسطينية بحجة أنها كانت مملوكة لليهود قبل العام 1948. فقبل عدة أعوام أقر الفلسطيني محمد مراغة، الذي يقطن في القدس المحتلة، أنه ساعد "عطيرات كوهنيم" على شراء الكثير من البيوت العقارات التي تعود للفلسطينيين في القدس.

وبحسب اعترافات مراغة، التي أدلى بها لوسائل الإعلام، فإنه كان يقوم بشراء المنازل والعقارات من أصحابها المقدسيين، ثم بعد ذلك يقوم بتسجيل ملكيتها باسم جمعية تتبع "عطيرات كوهنيم" مقابل الحصول على أموال طائلة. وقد أكد مراغة أنه كان يقوم في كثير من الأحيان بتزوير الوثائق والمستندات المتعلقة بالمنازل من أجل إضفاء صبغة قانونية على عمليات الشراء.

في الوقت ذاته، تستغلّ "عطيرات كوهنيم" قانون "أملاك الغائبين" العنصري، الذي يتيح استرداد العقارات التي كان يملكها اليهود قبل العام 1948، ولا يمنح الفلسطينيين الحق نفسه. ومن خلال رفع دعاوى أمام محاكم الاحتلال، تمكنت المنظمة من استصدار قرارات لطرد الكثير من العائلات الفلسطينية داخل القدس من منازلها بحجة أنها تقيم في بيوت كانت مملوكة لليهود.

وتُعتبر عائلة صب اللبن، إحدى العائلات الفلسطينية التي توشك على فقدان منزلها بعد أن قبلت المحكمة دعوى "عطيرات كوهنيم" ضدها. وعلى الرغم من أن هذه العائلة تقطن في منزلها منذ خمسينات القرن الماضي، إلا أن المنظمة رفعت دعوى ضدها بحجة أن البيت الذي تقطن فيه كان يعود لليهود قبل العام 48.

اقرأ أيضاً: القدس في 2014: تصاعد اقتحامات الأقصى ومخططات التهويد

وتعمل "عطيرات كوهنيم" بشكل مباشر مع السلطات السياسية والأمنية والقضائية الإسرائيلية، إذ تقدّم السلطات معلومات للمنظمة حول المنازل والعقارات الفلسطينية التي بالإمكان السيطرة عليها سواء بالشراء أو من خلال رفع الدعاوى القضائية. كما ترتبط المنظمة بعلاقات عمل وتنسيق مع وزراء ونواب من حزبي الليكود الحاكم وحزب "البيت اليهودي"، الذي يقوده وزير الاقتصاد نفتالي بنات.

وذكرت الإذاعة الإسرائيلية أخيراً أن وزير الإسكان الإسرائيلي أوري أرئيل ينسّق بشكل حثيث مع قادة "عطيرات كوهنيم". وأشارت الإذاعة إلى أن هناك "تقاسماً للأدوار" واضحاً وجلياً بين الوزارة والمنظمة في كل ما يتعلق بالأنشطة التي تهدف إلى تهويد المدينة. فمن ناحيتها، تعنى الوزارة بتدشين المشاريع الاستيطانية، التي تضمن تهويد محيط القدس الشرقية، في حين تتولى "عطيرات كوهنيم" تهويد قلب المدينة.

وترتبط "عطيرات كوهنيم" بعلاقات وثيقة مع الجماعات المسيحية الأنجليكانية الأميركية، التي تقدّم لها دعماً مالياً وسياسياً. ويتولى الوزير الأسبق الحاخام بني أيالون، الذي يعد أحد قادة "عطيرات كوهنيم"، التنسيق مع الجماعات الأنجليكانية. ومما لا شك فيه أن جل الدعم المالي الذي تحصل عليه هذه المنظمة يقدّمه الملياردير اليهودي الأميركي المتدين أورفينغ ميسكوفيتش، المقيم في ولاية "فرجينيا"، والذي جمع ثروة طائلة من المضاربات.

ولا يتردد ميسكوفيتش في دفع أي مبلغ تتطلبه مشاريع التهويد في المدينة، التي تنفذها "عطيرات كوهنيم". وقد كشف الصحافي الإسرائيلي عكيفا إلدار في تحقيق نشرته صحيفة "هآرتس" قبل سنوات، أن ميسكوفيتش نجح في التحايل على السلطات الأميركية، وتمكّن من إقناعها بأن منظمة "عطيرات كوهنيم" هي منظمة خيرية، وبالتالي فإن سلطات الضرائب الأميركية تعفي الأموال التي يقدّمها للمنظمة من الضرائب، لأن القانون الأميركي يعفي الأموال المقدمة للمشاريع الخيرية من الضرائب.

وقد أفضت السياسات التي تتبعها الحكومة الإسرائيلية وأنشطة "عطيرات كوهنيم" إلى تفاقم أزمة السكن بالنسبة للفلسطينيين في القدس. ومنذ العام 1967 ترفض بلدية الاحتلال في القدس منح الفلسطينيين تراخيص لبناء منازل، وفي الوقت ذاته، فإنها لا تتردد في تدمير أي منزل فلسطيني يتم بناؤه من دون ترخص. وقد ذكرت وثيقة سرية أعدها قناصل الدول الأوروبية في القدس أخيراً، أن أزمة السكن التي يعاني منها الفلسطينيون في القدس والناجمة عن السياسات الإسرائيلية، يمكن أن تفضي إلى انفجار الأوضاع الأمنية بشكل غير مسبوق.

وذكرت صحيفة "معاريف" الخميس الماضي أن الوثيقة تشدد على أن القدس لم تكن مقسمة في يوم من الأيام كما هي عليه الآن بسبب مشاعر الغبن التي تعتمل في نفوس المقدسيين. يذكر أن قادة بارزين في حزب "الليكود" قد تعهّدوا بسن قوانين ستفضي إلى إشعال الأوضاع في القدس. فقد تعهدت النائبة الليكودية ميري ريغف، التي يُرجح أن تحصل على حقيبة وزارية في الحكومة الجديدة، خلال الحملة الانتخابية بوضع حد للوضع القائم في الحرم القدسي الشريف، مؤكدة أنها ستمرر قانوناً يضمن التقاسم الزماني بين المسلمين واليهود في الحرم.

المساهمون