توقيفات في صفوف "الشعوب الديمقراطي" توتّر الوضع التركي

05 نوفمبر 2016
احتجاجات لمناصري "الشعوب الديمقراطي" في أنقرة بعد التوقيفات (Getty)
+ الخط -


تصاعد التوتر الداخلي التركي، بعد تصعيد الحكومة إجراءاتها ضد حزب "العمال الكردستاني"، وقيام السلطات بإلقاء القبض على عدد من نواب حزب "الشعوب الديمقراطي" (الجناح السياسي للعمال الكردستاني)، الأمر الذي أعقبه تفجير سيارة مفخخة في مدينة دياربكر، وذلك وسط توتر في العلاقة التركية الخارجية مع كل من ألمانيا والاتحاد الأوروبي عموماً. وهاجمت عناصر تابعة لـ"الكردستاني"، بسيارة مفخخة أحد المقرات الأمنية في مدينة دياربكر، ما أدى إلى مقتل 8 أشخاص، بينهم اثنان من قوات الشرطة، وجرح أكثر من مائة آخرين.
وجاء ذلك بعدما قامت السلطات التركية، فجر يوم أمس الجمعة، بإلقاء القبض على كل من الرئيسين المشاركين لحزب "الشعوب الديمقراطي"، صلاح الدين دميرتاش وفيغان يوكسداغ، و10 نواب آخرين بينهم إدريس بالوكان، رئيس الكتلة البرلمانية للحزب، الذي صدر قرار باحتجازه على ذمة التحقيق، وذلك بعد رفضهم تقديم إفاداتهم في الدعاوى القضائية المرفوعة بحقهم. وكان البرلمان التركي قد أقر في مايو/أيار الماضي، رفع الحصانة عن جميع النواب في البرلمان ممن تتواجد بحقهم طلبات لرفع الحصانة.
وفي الوقت، الذي دافعت فيه الحكومة التركية عن الإجراءات القضائية التي تم اتخاذها، وجّه حزبا "الشعوب الديمقراطي" و"الشعب الجمهوري" (أكبر أحزاب المعارضة) انتقادات شديدة لهذه الإجراءات. وخلال زيارته إلى إحدى المحاكم في العاصمة التركية أنقرة، أكد وزير العدل التركي، بكير بوزداغ، أن الإجراءات التي تم اتخاذها، تمّت في إطار القانون. ودعا الجميع إلى احترام هذه القرارات، مضيفاً أن "النواب الذين تم إلقاء القبض عليهم، لم يتعاونوا مع القضاء ولم يعترفوا بالحقوق ولم يُظهروا الاحترام لها، وفي مثل هذه الأحوال، فإن القانون يوضح بشكل جلي الطريقة التي يجب فيها تطبيق القانون، وما حصل هو فعل قضائي بشكل كامل".
كما أكد رئيس الحكومة، بن علي يلدرم، أنه "تم توجيه نداء لـ154 نائباً في البرلمان التركي من قِبل المحكمة لتقديم الإفادة، من أولئك الذين تم رفع الحصانة عنهم في وقت سابق، وباستثناء نواب الشعوب الديمقراطي فقد ذهب الجميع للإدلاء بإفادتهم، وما زالت العملية القضائية مستمرة بحقهم"، مضيفاً: "لم يذهب من نواب الشعوب الديمقراطي إلا واحد، ورفض 45 نائباً عن الحزب ذلك، وبالتالي فهم لم يُقروا بسيادة القانون، ولأنهم لم يستجيبوا لنداء المحكمة تم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم".


في غضون ذلك، اعتبر المتحدث باسم "الشعوب الديمقراطي"، أيهان بيلغن، في تصريح عبر موقع التواصل الاجتماعي بريسكوب، القرار محاولة لتصفية حزبه، داعياً الجميع إلى التضامن مع الحزب، وذلك بعد أن منعت قوات الشرطة التركية، الصحافيين من دخول مقر الحزب في العاصمة التركية أنقرة. وقال بيلغن:"نوابنا الذين تم إلقاء القبض عليهم لم يكونوا يهدفون للفرار من القضاء، ولكننا لم نقم بالتوجه للإدلاء بإفاداتنا لأننا أردنا أن يرى العالم الظروف الانقلابية التي تعيشها البلاد"، مضيفاً: "في السابق تم القيام بالعديد من المداخلات لقطع الطريق أمام الحياة السياسية، وكما تجاوزنا الأمر في الماضي، سنتجاوزه الآن، ولكن ذلك سيبقى بقعة سوداء في تاريخ السياسة التركية".
أما حزب "الشعب الجمهوري" فاعتبر عبر نائب رئيسه، سزكين تانركولو، ما حدث بأنه انقلاب آخر يهدف إلى تقسيم تركيا، بينما بدا زعيم الحزب، كمال كلجدار أوغلو، أكثر تحفظاً في الدفاع عن نواب "الشعوب الديمقراطي"، لتجنّب الانتقادات الحكومية التي لطالما اتهمته بالدفاع عن الإرهاب. وركز كلجدار أوغلو انتقاداته على القصر الرئاسي، قائلاً: "إن السيادة ليست ملك القصر الرئاسي، وليست ملك السلطان، بل إنها ملك الأمة، إنهم يودون نقل السيادة إلى القصر الرئاسي. إن الطريق الوحيد الذي جاء بالانتخابات هو الانتخابات".
وانتقد كلجدار أوغلو السياسات الحكومية، داعياً إياها في الوقت ذاته لقتال "الكردستاني" في مقره في جبال قنديل قبل الحديث عن التدخّل في كل من سورية والعراق، قائلاً: "يقولون لنا بأنهم سيدخلون العراق وسورية، أقول لهم قبل ذلك اذهبوا إلى قنديل التي تقع بقربكم، لمَ لا تذهبون؟ إن الذين يديرون تركيا ليسوا جزءاً من المجتمع المتحضر، يودون أن يجعلونا دولة من الشرق الأوسط".
في غضون ذلك، تستمر العلاقات التركية الأوروبية بالتوتر، حول عدد من المواضيع، منها إيواء كل من ألمانيا وبلجيكا، قيادات ونشاطات ما تعتبره سلطات أنقرة "تنظيمات إرهابية" مثل حركة "الخدمة" وحزب "العمال الكردستاني"، وأيضاً حول الإجراءات الحكومية الأخيرة بحق صحيفة "جمهورييت" التركية المعارضة، وكذلك بحق نواب "الشعوب الديمقراطي". وبدأت الحكومة التركية بحملة واسعة ضد "الخدمة" في أوروبا، فزار وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، يوم الخميس، سويسرا، بينما زار وزير شؤون الاتحاد الأوروبي، عمر جيلك، العاصمة اليونانية أثينا، لحث حكومتي البلدين على منع نشاطات الحركة في بلادهما.
وبينما برأت إحدى المحاكم البلجيكية، في العاصمة بروكسل، عدداً من قيادات "الكردستاني" المقيمين في بلجيكا من تهم الإرهاب، معتبرة أفعالهم في إطار المقاومة المسلحة، تبادل المسؤولون الألمان والأتراك الانتقادات. وفي رده على انتقادات المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، للإجراءات التي تم اتخاذها بحق العاملين في صحيفة "جمهورييت" المعارضة، اتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المستشارة الألمانية "بإيواء الإرهاب، وتحويل بلادها إلى حديقة خلفية لحركة الخدمة بعد رعايتها في وقت سابق أنصار الكردستاني، وتنظيم حركة تحرير الشعب الثورية (منظمة يسارية متطرفة)"، وذلك بعد رفض وزارة العدل الألمانية تسليم عدد من عناصر "الخدمة" الذين تقدموا بطلبات لجوء في بلادها، مشدداً على أن أعمال القضاء التركي هي شأن داخلي.
واستدعت الخارجية الألمانية القائم بالأعمال التركي في العاصمة برلين، للتحدث في ما يخص الإجراءات التي تم اتخاذها بحق نواب "الشعوب الديمقراطي"، بينما عبّرت الممثلة العليا للسياسات الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي، فيدريكا موغيريني، عن قلقها، داعية سفراء الاتحاد في أنقرة للاجتماع.

المساهمون