جو بايدن لا ينحني أمام ضغوط الديمقراطيين

13 يوليو 2024
جو بايدن بعد انتهاء مؤتمره الصحافي، 11 يوليو 2024 (ماندل نغان/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **ترشح بايدن لولاية ثانية ومؤتمر ناتو**: بايدن يصر على الترشح لولاية ثانية رغم الدعوات للانسحاب، مدافعاً عن إنجازاته وصحته خلال مؤتمر صحافي بعد قمة ناتو.
- **تزايد المعارضة داخل الحزب الديمقراطي**: ارتفاع عدد الديمقراطيين المطالبين بانسحاب بايدن بسبب هفواته اللفظية، مما يثير الشكوك حول قدرته على مواجهة ترامب.
- **التحديات المستقبلية واستطلاعات الرأي**: بايدن يواجه تحديات في تحسين صورته، مع تقدم ترامب في استطلاعات الرأي وزيادة الضغط على بايدن للانسحاب.

حتى يوم أمس الجمعة، ظلّ الرئيس الأميركي جو بايدن متشبثاً بترشحه لولاية رئاسية ثانية وخوض انتخابات الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، التي سيُنافس فيها الرئيس الديمقراطي سلفه دونالد ترامب مجدداً، وذلك على الرغم من ارتفاع عدد الأعضاء الديمقراطيين في الكونغرس الأميركي الذين باتوا يطالبونه علناً بالانسحاب من السباق، والمؤتمر الصحافي الذي عقده بايدن، الخميس، في واشنطن، باختتام قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) بواشنطن، وتضمن أيضاً زلّات لسان وهفوات جديدة، مثل الخلط بين الرئيسين الأوكراني والروسي فولوديمير زيلينسكي وفلاديمير بوتين.

وعقد بايدن، أول من أمس، مؤتمراً صحافياً منفرداً، شكّل اختباراً جديداً، مع تخبط الديمقراطيين في مسألة ترشحه منذ أدائه الكارثي خلال المناظرة الرئاسية الأولى التي أجراها مع ترامب في أواخر شهر يونيو/ حزيران الماضي. ودافع بايدن، الخميس، خلال المؤتمر الصحافي، عن سجلّه في البيت الأبيض وإنجازاته الرئاسية، مؤكداً أنه بحالة صحية جيدة رغم كبر سنّه، وبلوغه الـ81 عاماً. وتجنب بايدن في العموم التطرق إلى وضعه الصحي، الذي أصبح منذ مناظرة 27 يونيو مادة دسمة في الإعلام الأميركي والغربي، خصوصاً بعد قمة ناتو، التي استقبل فيها عدداً كبيراً من زعماء الدول والمسؤولين الغربيين. وقال بايدن، الذي أصبح مضطراً دائماً كما يبدو للتحدث بلغة الدفاع، إن الفحوصات العصبية التي أجريت له، وآخرها في فبراير/ شباط الماضي، أكدت أنه "في حالة صحية جيدة".

قدّم بايدن أجوبة تفصيلية حول الحلف الأطلسي والسياسة الخارجية

لكن المؤتمر الصحافي لم يتمكن من تصحيح وضع أصبح "شاذاً" بالنسبة للعديد من الديمقراطيين ولدائرة معارضة استمرار ترشح الرئيس تتوسع شيئاً فشيئاً، وتضم رجال كونغرس ومانحين ونجوماً في هوليوود، التي لطالما اعتبرت خزّاناً انتخابياً وتمويلياً للحزب الديمقراطي. إذ لم يخل المؤتمر من زلّات لسان بايدن التي أصبحت روتينية، علماً أن وكالة أسوشييتد برس ذكرت أمس، في تقرير لها، أن هذه الزلات ظلّت معهودة طوال مسار بايدن السياسي، ربما لأنه عانى في طفولته من حالة تلعثم مرضية وتمكن من تخطيها.

هفوات جديدة

لكن مؤتمر أول من أمس كان مناسبة جديدة لفحص ما إذا كان الرئيس جو بايدن قادراً على مواصلة مهامه لسنوات أربع مقبلة، إذا فاز على ترامب في الخامس من نوفمبر، وهو ما بدأ الكثير من الديمقراطيين يفقدون الأمل فيه. وسمّى بايدن الرئيس الأوكراني، أول من أمس، قبيل المؤتمر، بـ"الرئيس بوتين"، قبل أن يتدارك الأمر سريعاً. ولاحقاً، ارتكب هفوة جديدة حين قدّم كامالا هاريس بوصفها دونالد ترامب. وقال: "لم أكن لأختار ترامب نائبة للرئيس لو لم تكن مؤهلة للرئاسة". كما أشار إلى أنه تمكن من خلق "ألفي وظيفة الأسبوع الماضي"، في خلط ربما مع تقرير الوظائف الأخير والذي تحدث عن خلق 200 ألف وظيفة في شهر يونيو الماضي، بحسب صحيفة واشنطن بوست.

وأدّت هفوات بايدن، الخميس، إلى ارتفاع عدد أعضاء الكونغرس الديمقراطيين المطالبين بانسحابه من السباق إلى 17. فبالإضافة إلى السيناتور بيتر ويلش، دعا 16 نائباً لانسحاب بايدن، حتى مساء الخميس، وهم: إريك سورينسن، سكوت بيترز، جيم هايمز، غريغ ستانتون، إيد كايز، براد شنيدير، هيلاري سكولتن، إيرل بلومناور، بات ريان، ميكي شيريل، آدم سميث، أنجي كريغ، مايك كويغلي، سبث مولتون، راوول غريجالفا، ولويد دوغيت. علماً أن عدد الديمقراطيين في الكونغرس، بين نواب و"شيوخ"، هو 264 عضو كونغرس. وأضافت صحيفة واشنطن بوست أمس، من جهتها، ثلاثة أسماء إضافية: هم النواب جيري نادلر، جوزيف موريل، ومارك تاكانو.

قال بايدن إنه يترشح لولاية ثانية بسبب خطورة الوضع الذي ورثه

لكن بايدن، رغم هفواته خلال المؤتمر الصحافي، نجح في اختبار الـ50 دقيقة، لجهة تعداد إنجازاته وتقديم أجوبة مفصلة حول عمله للحفاظ على حلف شمال الأطلسي وخططه لولاية ثانية، وأكد أنه لم يغادر السباق، بقوله "أنا مصمم على إكمال هذا العمل"، علماً أنه عندما تطرق إلى هاريس، كان ذلك رداً على سؤال عما إذا كان يعتقد بأنها قادرة على أن تكون بديلة له، مذكراً بسجلها المهني منذ أن كانت مدعية عامة في كاليفورنيا، ثم سيناتورة في مجلس الشيوخ.

جو بايدن "لم ينه المهمة"

أما حول الأسباب التي دعته للنكث بتعهده السابق خلال حملته الرئاسية في 2020، حين وعد بأن يكون "جسراً" لجيل جديد، قال جو بايدن إنه يترشح لولاية ثانية "بسبب خطورة الوضع الذي ورثه"، في إشارة إلى عهد ترامب. أما بشأن ما إذا كان مستعداً للموافقة على أن تكون هاريس مرشحة بديلة عنه إذا بدت أرقامها أفضل منه في استطلاعات الرأي بمواجهة ترامب، قال بايدن: "لا، إلا إذا جاؤوا وقالوا إنه لا يمكنني الفوز بأي طريقة، لكن ليس هناك أي استطلاع يقول ذلك"، وأكد أن ما يقوم به هو أهم من كيفية حديثه عنه. علماً أن بايدن كان قد أغضب الديمقراطيين في الخامس من يوليو/ تموز الحالي، حين أكد في مقابلة أجرتها معه شبكة "آي بي سي"، أنه "سيشعر بالرضا بشأن حملة الانتخابات 2024، حتى لو فاز دونالد ترامب بالرئاسة".

وبات الرئيس الأميركي كما يبدو مدركاً أن تصحيح صورته، وخصوصاً أمام الرأي العام، أصبح أقرب إلى المستحيل طالما أن الهفوات مرتبطة بعمره. وبذلك هو يواجه حالة محفوفة بالخطر، إذ إن تصريحاته وأجوبته ولقاءاته الصحافية فضلاً عن أنه ينتظر مناظرة ثانية مع ترامب مقرّرة في سبتمبر/ أيلول المقبل (إذا بقي في السباق)، كلّها ستكون تحت المجهر، وبحيث لن تُسجل له بعد الآن نقاط تفوّق عندما لا يخطئ، في حين تُنقص أي زلة تصدر عنه من رصيده.

كما بات بايدن على دراية بأن المطالبة بانسحابه تتوسع في صفوف حزبه وقياداته في الكونغرس كما في أوساط المفاتيح الانتخابية والممولين. ثم إن أرقام الاستطلاعات لم تعد تسعفه حتى الآن، آخرها كان أول من أمس، لشبكة "إي بي سي نيوز"، والذي كشف عن تقدم ترامب بنقطة، 47% مقابل 46%. ومن شأن توالي الاستطلاعات بهذه الصورة أن يؤدي إلى تزخيم الضغط على جو بايدن للمغادرة، علماً أن مغادرته لا تضمن الانقلاب في المعادلة، خصوصاً إذا كانت نائبته هاريس، التي ليست شعبيتها أفضل منه، هي البديل، ما يؤكد أن معركة الانسحاب وإيجاد البديل تدور بقوة اليوم داخل المعسكر الديمقراطي خلف أبواب مغلقة.

 

المساهمون