لجنة تحقيق في مجلس الشيوخ الفرنسي تستجوب بنعلا: ارتياح وخيبة

19 سبتمبر 2018
الأسئلة التي طرحت تظلّ قائمة (برتنارد غواي/ فرانس برس)
+ الخط -

لم تتمكن لجنة التحقيق في مجلس الشيوخ الفرنسي، اليوم الأربعاء، من الحصول على أجوبة أو اختراق مهم من خلال استجواب ألكسندر بنعلا، المساعد الأمني السابق للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون؛ لاسيما الأسباب الحقيقية لتواجده، يوم 1 مايو/ أيار الماضي، مع رجال الشرطة، كـ"مُراقب" وتعنيفه أحد المتظاهرين، في ساحة "كونترسكارب".


وخرج نواب مجلس الشيوخ بخيبة أمل، معترفين أن بنعلا وعلى خطى 22 شخصاً استُجوبوا قبله، تشبث بإجابات بعيدة عن الحقيقة وبعيدة عن القَسَم.

ورغم صغر سنه، 27 سنة، فقد استطاع بنعلا الصمود أمام 50 سيناتورا محنّكا، وخلال ما يقرب ساعتين ونصف، في جو من الثقة، لم يخلُ من دعابات.

وبدأت الجلسة في وقتها المحدّد رغم انسحاب نواب "الجمهورية إلى الأمام" منها، وعلى رأسهم النائب الاشتراكي السابق ووزير الدفاع الأسبق ألان ريشار، بدعوى تسييس أعمالها ووجود رغبة غير معلنة في الوصول إلى رئيس الجمهورية، جعلت رئيس الحركة، كريستوف كاستانير، يتهمها بمحاولة عزل الرئيس، بتقديم بنعلا الاعتذار، لأعضاء اللجنة، مما بدر منه، حين أعلن في البداية عن رفضه المُثول أمامَها. وهي انتقادات وجهت لهذه اللجنة، ولرئيسها، الذي اتهمه بنعلا بالغطرسة.

وعلى الرغم من أن مجال الأسئلة لم يكن واسعاً، إذ لم يكن بالإمكان مساءلة بنعلا عمّا حدث في 1 مايو/ أيار وتعنيفه لمتظاهرين،
وتركزت الأسئلة حول الوظيفة الحقيقية التي شغلها في الإليزيه، خصوصا أن الكثير من وسائل الإعلام تحدثت عنه باعتباره حارسا شخصيا لرئيس الجمهورية. وهو ما نفاه بشدة قائلاً "لم أكن، أبداً، حارساً شخصيا لإيمانويل ماكرون، على الرغم من أني كنت قريبا منه".

وأضاف أنه لم يكن، خلال حملة ماكرون الانتخابية، الشخص الجالس في المقعد الأمامي للسيارة التي تُقل المرشح، مقدما نفسه باعتباره منسّقاً و"رئيس جوقة" و"مخرجا" خلال التنقلات الرئاسية الرسمية والأنشطة الداخلية في الإليزيه، إضافة إلى تنظيم وتنسيق التنقلات الخاصة للرئيس وزوجته، فضلاً عن مهام "التنسيق" بين مختلف القوى الأمنية (الشرطة والدرك).

وعن حمله للسلاح، على الرغم من أن وظيفته المعلنة ليست هي حماية ماكرون، أرجع الأمر إلى "توفير حماية شخصية" لنفسه، لأنه رأى نفسه معرضا لمخاطر، كما أن وسائل الإعلام كانت تسلط عليه الضوء أكثرَ من رفاقه. وهو ما يتعارض مع تبرير ولاية الأمن، التي صرحت بأنها منحته رخصة السلاح من أجل "مهمات أمنية".

كما نفى بنعلا شائعات توتر بينه وبين القوى الأمنية في (فريق أمن رئاسة الجمهورية)، مؤكدا أنه عمل معها في انسجام تام، وأن العديد من أفرادها رفاق له، حتى خارج الإليزيه. وضرب بعرض الحائط اتهامات بعض نقابات الشرطة بوجود توترات بينها وبين بنعلا، وصلت لدرجة الحديث عن "رعب يسود في الإليزيه"، معتبرا أنها اتهامات صادرة عن عنصرين في الشرطة يريدان الحفاظ على مصالحهما.

وردا على سؤال حول مشروع خلق بنية للأمن الرئاسي تكون مستقلة عن وزارة الداخلية، أكد بنعلا أنها مطروحة وأن وزارة الداخلية لم تعارضها، كاشفاً أن هذا الإصلاح تم من أجل ترشيد النفقات.

ومن ضمن الأسئلة الخمسين التي طرحت على بنعلا، سؤال يخص امتلاكه لشارة الدخول إلى مجلس النواب، فسخر بنعلا من تشكيلها تهديدا فعليا على مجلس النواب، وأكد أن حصول أي مساعد لرئيس للجمهورية على هذه الشارة مسألة تلقائية، وتحدّث عن "نزوة شخصية (عنده) من أجل ولوج مكتبة مجلس النواب وقاعة الرياضة فيه".

وحرص بنعلا على تفنيد كثير من الأشياء (الأخبار الكاذبة، كما قال أكثر من مرة) التي قيلت عنه، منذ تسريحه من الإليزيه، فأكّد أنه يبحث عن العمل، خلافا لما رُوِّج عن أنه يعمل حارسا شخصيا لإحدى المشاهير، موضحا أنه حصل على إذن قانوني بتأسيس شركة أمن خاصة: "من دون أي تدخلات".

وأكّد أنه لم يُقِمْ أبدا في السكن الرئاسي الذي اقترح عليه، والذي حصل عليه بسبب طبيعة العمل، الذي يبدأ، أحيانا، في السادسة صباحا وينتهي أحيانا في منتصف الليل..

وفيما يخص مرتبه، أكّد أنه يتقاضى 6000 يورو، وهو الصافي الشهري، ولا يتضمن أي تعويضات أخرى.

كذلك، أكّد بنعلا أنه ليست له سوابق قضائية، وأن توظيفه، في وظائف مرتبطة، بشكل أو بآخَر، بالأمن، تم بعد اتخاذ كل الإجراءات القانونية، وبعد معرفة كل التفاصيل عن حياته وحياة العائلة. وأنه يعرف أن "عقوبة الخيانة في هذا الإطار تفوق بكثير العقوبة التي كنتُ سأتعرض لها في حال رفضي القدوم أمام هذه اللجنة".



وإذا كان مختلف أعضاء لجنة التحقيق يتفقون على أن بنعلا، ومثل كل المسؤولين السابقين المستجوَبين، لم يقل الحقيقة، وبالتالي فإنّ الأسئلة التي طرحت تظلّ قائمة، خاصة طبيعة عمله في الإليزيه وقربه من الرئيس الفرنسي، وحمله للسلاح وأيضا طبيعة علاقاته مع الشرطة والدرك، إلا أنه صرّح بعد الانتهاء من استجوابه أنّه قال كل الحقيقة وقدّم كل العناصر المنتظرة منه، وعبّر عن شعوره بالارتياح، وهو ينتظر، بفارغ الصبر الردّ على أسئلة القضاء.

المساهمون