العراق: ملف المناصب الخاصة يتفاعل مجدداً بسبب "اللجان السرية"

02 مايو 2019
لم تتفق القوى السياسية بالبرلمان على مرشحي الوزارات الأربع(Getty)
+ الخط -

لا تزال القوى السياسية في العراق تجد في ملف المناصب الخاصة مادة دسمة لتحقيق مكاسب لها بشكل يهدد بإخضاعها كلياً لفخ المحاصصة الذي ما زالت البلاد تعاني منه، إلى جانب الوزارات الأربعة في الحكومة العراقية التي ما تزال شاغرة منذ نحو سبعة أشهر.

والمناصب الخاصة يُقصد بها وكلاء الوزراء والمدراء العامون والمستشارون ورؤساء الهيئات الإدارية والرقابية وصولاً إلى مسؤولي الوحدات المرتبطة برئاسة الوزراء كأمانة العاصمة بغداد، وأمانة مجلس الوزراء، ومكاتب المفتشين العمومين، والتي تختلف في عددها بين مسؤول وآخر، لكنها بكل الأحوال تتجاوز عتبة الألف درجة.

وتعهد رئيس الوزراء عادل عبد المهدي قبيل تقديمه موازنة العام الحالي المالية أن ينهي العمل بنظام الوكالة في المؤسسات الحكومية ويعمل على تسمية مسؤولين جدد بكفاءة وتخصص لمفاصل الدولة التي أمضى المسؤولون فيها أكثر من 6 سنوات.

ولم تتفق القوى السياسية في البرلمان على مرشحي وزرات الدفاع والداخلية والعدل والتربية لغاية الآن رغم حساسية الوزارات الأربع في البلاد، خاصة الدفاع والداخلية منها.

والخميس قال القيادي في تحالف "دولة القانون"، الذي يتزعمه نوري المالكي جاسم محمد جعفر إن "لجاناً تعمل في السر لاختيار كفاءات لإدارة 1200 منصب من المناصب الحكومية التي تدار بالوكالة، منحت من 2003 لغاية هذا اليوم"، دون أن يحدد نوع تلك اللجان حكومية كانت أم سياسية.

وبين جعفر أنّ هذه "اللجان تعمل لحسم هذه المناصب، وستستمر بعملها حتى آخر حزيران القادم"، وأبدى، استغرابه، من "توزيع كل هذه المناصب بعيداً عن الأحزاب والكتل التركمانية، ودون أي تشاور أو لقاء معهم لمنح أي منصب للقومية التركمانية"، مؤكداً أنّ "هذا يقلق الشعب التركماني وقادته وأحزابه"، وفقاً لقوله، داعياً رئيس الحكومة وتحالفي الإصلاح والبناء إلى ما وصفه "إحقاق العدالة وإبعاد الظلم عن التركمان، ومنحهم 10% من هذه المناصب للكفاءات التركمانية".

فيما أكد عضو الحزب الشيوعي العراقي سعد الطائي على أهمية أن تتخلى القوى السياسية عن تلك الدرجات وتركها بيد الحكومة لتختار من تجده مناسباً لها، مبيناً في حديث لـ"العربي الجديد"، بأن تلك الدرجات تمثل المحرك الأول للمؤسسات الحكومية خاصة الخدمية منها وما يتعلق بحياة المواطن، وقد يكون بعضها أهم من منصب وزير، لذا يجب على القوى السياسية التفكير بخطورة أن يتولى سياسي مثلاً منصب رئيس جهاز التخطيط والإحصاء أو مدير عام الخطوط الجوية العراقية"، مشيراً إلى أن كتلاً قليلة مع هذا الطرح، "وهناك كتل نجدها تصرح بالعلن في شيء وبالخفاء تطالب بحصصها".

ويسيطر حزب الدعوة على المناصب بالوكالة منذ ما بعد العام 2003 وحتى اليوم، حيث أنّ أغلب تلك المناصب خاضعة لسيطرته.

بدوره، نفى تحالف النصر الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي ممارسة أي ضغوط على الحكومة الحالية بشأن المناصب الخاصة، وبحسب بيان للتحالف صدر الخميس فإن، "هناك ملاحظات عدة في عمل الحكومة الحالية، بينها عدم تقديم الخدمات، وعدم وجود معيار واضح في اختيار الخط الأول في إدارة مفاصل الدولة مثل الوزراء والوكلاء والمدراء العامين، حيث تحولت الحكومة من المحاصصة السياسية إلى المحاصصة المختزلة، التي اختزلت المناصب لجهات وكتل محددة، وهذا خطر أساسي يهدد هيكلية الدولة، نافياً بالوقت نفسه ممارسة التحالف ضغوطاً بشأن تسمية مرشحين على مناصب الدولة الخاصة.

وبعد أن فشلت الكتل السياسية بالاستحواذ على تلك المناصب، دفع الانقسام نحو خلاف مكوناتي بشأنها وليس خلافاً حزبياً وكتلوياً.


وحول الأزمة قال الخبير بالشأن السياسي العراقي علي المطلبي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المطالبة بتلك المناصب لم تعد حكراً على طرف سياسي أو مكوناتي فالحزب الذي يجد نفسه لن يحصل على ما يريد باسم حزبه يتخلى ويعود للتموضع داخل الطائفة أو المكون".

وأوضح المطلبي أنّ "جاسم محمد جعفر نفسه، كان يتحدّث باسم ائتلافه (دولة القانون) واليوم مع هذه المناصب، بدأ بالحديث باسم المكون التركماني"، مشيراً إلى أنّ "هذا الخلاف يعني أنّ الأمور في العراق متجهة نحو التأزم وتعمق الخلاف السياسي، وأنّ الأمور ترجع إلى الوراء في ظل الصراع السياسي".

وبين أن "الدستور حاول أن يعالج موضوع المكونات التي وردت في عدد من مواده، تحت فقرة حفظ الحقوق وعدم التمييز لكن القوى السياسية تعمل بعكس هذا المفهوم تماماً وتستخدم فقرات فيه لتعميق المحاصصة، فمن لم يحصل على حصص تحت خيمة حزبه عاد واستخدم شعارات حق المكون أو الطائفة".

المساهمون