التزمت الحكومة المصرية الصمت حتى الآن حيال إعلان إثيوبيا اكتمال مشروع بناء سد "السرج" الاحتياطي لسد "النهضة الكبير"، اليوم الأربعاء، عقب أيام قليلة من استضافة واشنطن جولة محادثات بين وزراء خارجية إثيوبيا والسودان ومصر، لبحث حلحلة أزمة تشغيل سد النهضة، في ضوء الرفض الإثيوبي للمقترح المصري بشأن خطة الملء الأول لخزان السد.
ونقلت وكالة الأنباء الإثيوبية عن رئيس جهاز التفتيش الفني على أعمال البناء، جيرما مينجيستو، قوله "إن اكتمال بناء هذا السد يُعَدّ علامة فارقة في المشروع بأكمله"، موضحاً أن "الوجه العلوي للسد قد اكتمل بالكامل، ومُلئ بأكثر من 14 مليون متر مكعب من الخرسانة".
وأشار مينجيستو إلى أن "الانتهاء من هذا المشروع سيكون له أهمية قصوى في تسريع بناء المشروع الرئيسي، من طريق نقل العمال من المشروع إلى السد الرئيسي"، مشيراً إلى أنه "جرت معالجة الأساس لمنع أي تسرب للمياه الجوفية، باعتبار أن هذا السد ستكون له مساهمة محورية في توليد الطاقة المخطط لها من السد الرئيسي".
وعلقت مصادر فنية مصرية، كانت على صلة بملف سد النهضة، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، على حديث المسؤول الإثيوبي، بالقول إن ما أُنجز من إنشاءات، "لا يمثل سداً جديداً منفصلاً، لكنه جزء من ملحقات النهضة، يأتي ضمن المشروع الرئيسي".
وأشارت المصادر إلى أن ذلك "لا يعني عدم أهمية للخطوة الإثيوبية الجديدة، التي تعني التقدم لمرحلة مهمة في إتمام إنشاء سد النهضة".
وسبق أن أفادت مصادر مطلعة بأن وزارة الري المصرية تعكف حالياً على إعداد تصور جديد لمقترح الملء الأول للسد، إيذاناً بتقديمه في الاجتماعات الفنية الأربعة المقبلة بشأن سد النهضة مع إثيوبيا والسودان، المقرر عقدها في خلال شهرين تقريباً بحضور ممثلين عن الولايات المتحدة والبنك الدولي كمراقبين.
وقالت المصادر في حديث سابق مع "العربي الجديد"، إن التصور المصري يرتكز على ضمان تدفق نحو 35 مليار متر مكعب من مياه نهر النيل سنوياً، وعلى مدة زمنية تراوح بين 4 و5 سنوات، أي أقل بنحو 5 مليارات عن المقترح السابق الذي كان يهدف إلى إنهاء مرحلة الملء الأول للسد بعد 7 سنوات كاملة، وهو ما قوبل باعتراض جذري ومتجدد من أديس أبابا.
وتعتبر إثيوبيا أن القبول بضخ هذا الكمّ من المياه سنوياً لمصر "يتنافى مع مبادئ الاستخدام المنصف والمعقول، الذي لا يسبب أي ضرر كبير على أي دولة أخرى تستخدم مياه النيل"، فضلاً عن أنه يتضمن الاعتراف باتفاقيتي 1929 و1959 لتقسيم حصص المياه، التي لم تكن إثيوبيا طرفاً فيها، وترى أنها كانت تخدم مصلحة مصر والسودان فقط.
وتحاشت أديس أبابا وصف تدخل الولايات المتحدة حتى الآن في ملف سد النهضة بأنه "وساطة"، نظراً لأن الوساطة ستكون ملزمة لجميع الأطراف، إذ أصرت خلال اجتماع واشنطن على اعتبار ما يجري في إطار "التشاورات والتفاهمات حول ما يمكن أن يحدث لحلحلة المسار التفاوضي الفني".