صراع مجلس الأمة الكويتي ينتقل إلى جنيف

07 ابريل 2018
من جلسات البرلمان الكويتي (ياسر الزيات/فرانس برس)
+ الخط -



لا تزال قضية دخول مجلس الأمة الكويتي (البرلمان) التي اتُهم فيها 70 سياسياً وناشطاً، بينهم نواب حاليون وسابقون في البرلمان، تلقي بظلالها على المشهد السياسي الكويتي الداخلي وحتى الخارجي، مؤثرة على سير عمل البرلمان ومعطلة تمرير القوانين فيه، بالإضافة إلى تعطيلها لجهود الوفود الكويتية الخارجية المتفرغة منذ أسبوعين للعمل في جنيف رداً على الشكوى المقدمة من النائب شعيب المويزري، ضد رئيس البرلمان الحالي مرزوق الغانم، أمام الاتحاد الدولي البرلماني.

وكان المويزري قد تقدم بشكوى لدى الاتحاد البرلماني الدولي، اتهم فيها الغانم بـ"التخاذل عن نصرة النواب الذين سجنوا بسبب قضية رأي عام، وعدم حماية حصانتهم البرلمانية وفقاً للمادتين 111 و23 من الدستور الكويتي". وعليه استدعت لجنة حقوق الإنسان في الاتحاد وفد البرلمان الكويتي، الذي نفى هذه الاتهامات وأوضح ملابساتها لتقرر رفض الدعوى بشكل نهائي.

وقال الغانم، في مؤتمر صحافي داخل مجلس الأمة، إن "هذه الشكوى كيدية ولا تستهدف رئيس البرلمان فحسب، بل تستهدف البرلمان بأكمله، وأنها مدفوعة من أطراف خطرة تريد زعزعة أمن البلاد، وأن الصهاينة قد استخدموها لصالحهم في البرلمان الدولي".

فيما طالب المويزري بـ"عرض الشكوى التي وجّهها لدى الاتحاد البرلماني على مجلس الأمة لمناقشتها"، لكن مجلس الأمة رفض عرضها بحجة أنها غير مطابقة للائحة البرلمانية، بعد أن أُحيلت للتصويت ولم تحصل سوى على موافقة 17 عضواً من أصل 46، قبل احتجاج المويزري متهماً رئيس مجلس الأمة بالخوف من مناقشة شكواه.

وقال النائب وليد الطبطبائي، أحد المتهمين في قضية دخول البرلمان، لـ"العربي الجديد": "نشكر النائب شعيب المويزري على الدعوى التي تقدم بها لدى الاتحاد البرلماني الدولي لنصرة إخوته أعضاء مجلس الأمة وبقية نشطاء الحراك السياسي، بسبب قيامهم بدخول مجلس الأمة عام 2011 لتطهيره من الفساد والفاسدين، لكننا في الوقت نفسه نراه وقتاً غير مناسب، وخصوصاً أننا لا زلنا ننتظر حكم القضاء النهائي في القضية منتصف الشهر المقبل، وهناك أنباء عن تسويات لا نعلمها ولا نريد التشويش عليها".

لكن الصراع الداخلي في البرلمان والذي تحوّل بفضل قضية دخول مجلس الأمة إلى الخارج، حمل في طياته ما هو أبعد من عدم حماية الرئيس لحصانة نوابه، إذ إنه جزء من صراع أقطاب كبيرة على سدة رئاسة البرلمان التي سيطر عليها الغانم في مجلسي 2013 و2016 الحالي، خلفاً لخاله جاسم الخرافي رئيس مجلس الأمة السابق، والذي اعتزل العمل السياسي ثم توفي عام 2015. ورشّح المويزري نفسه لرئاسة البرلمان، لكنه مُني بهزيمة مدوية، بعد تفضيل بعض أطراف المعارضة عدم التصويت له، أملاً في الحصول على صفقة مع الحكومة تضمن خروج كافة المعتقلين السياسيين، وإعادة الجنسية الكويتية لمن فقدها بسبب موقفه السياسي، ما أدى إلى تمزق كبير داخل المعارضة أيضاً.



وأدى فشل الغانم في حل قضية دخول المجلس، ودخول نائبين حاليين في البرلمان للسجن، وهما النائب وليد الطبطبائي والنائب جمعان الحربش، للمرة الأولى في تاريخ الكويت السياسي، قبل قرار محكمة التمييز بوقف نفاذ الحكم وإخراج المتهمين لحين البت النهائي في القضية، إلى فتح شهية خصومه لانتزاع كرسي الرئاسة منه، لكنه قام بسلسلة من التحركات والتحالفات مع عدد آخر من الأقطاب السياسيين أدت إلى تخفيف التوتر قليلاً.
وقام الغانم بالتوصل إلى تسوية مع رئيس مجلس العلاقات العربية الدولية ورجل الأعمال المنافس له محمد الصقر، قضت بتنازل والد مرزوق، رجل الأعمال علي الغانم، عن رئاسة غرفة التجارة والصناعة، وهي من أبرز صنّاع العملية السياسية في البلاد، مقابل ضمان عدم ترشح الصقر للانتخابات البرلمانية المقبلة، والتي ازدادت التكهنات حولها مع الصعود السريع لنجل الأمير، وزير الدفاع الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح، لرئاسة الوزراء.

وقال النائب خالد مؤنس العتيبي، لـ"العربي الجديد"، إن "قضية دخول المجلس تسببت بتعطيل الحياة السياسية للبلاد منذ سنة كاملة، ويجب أن تنتهي الآن إما ببراءة المتهمين أو بالعفو العام من قبل الأمير. ونحن سعينا لإصدار قانون بهذا الخصوص، لكنه لا يزال رهن المساومات السياسية الطويلة".

وتُعدّ الشكوى المقدمة إلى الاتحاد الدولي إلى البرلمان، الأولى من نوعها ضد الحكومة الكويتية في الخارج، ومقدمة من نائب على رأس عمله، ما قد يفتح باباً طويلاً أمام احتمال توتر الأوضاع، في ظل التناحر السياسي الذي لم يسبق له مثيل بين الزعماء السياسيين داخل وخارج الأسرة الحاكمة.

لكن الأكاديمي والسياسي أحمد الذايدي، قلّل من هذه التوقعات، قائلاً لـ"العربي الجديد"، إن "ما حدث هو مجرد حركة شطرنج وورقة ابتزاز بين السياسيين للحصول على مكاسب إضافية في أي تشكيل وزاري أو انتخابات برلمانية مقبلة". وأضاف: "جميعنا نعرف أن الاتحاد الدولي البرلماني هو مؤسسة هامشية بالنسبة للحكومة الكويتية والبرلمان، لكن نقل الصراع إليها يفيد كافة الأطراف المتصارعة للحصول على حلبة نزاع لن يتضرر منها سوى المواطنين الكويتيين مع الأسف الشديد، إذ بإحصاء بسيط، نجد أن جلسات النزاع حول كرسي الرئاسة أكثر من جلسات تمرير القوانين وخدمة المواطنين".



دلالات