وفي ورقة تقدير موقف بعنوان "الخط الرابط بين خطة (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب وتطبيق القانون الإسرائيلي على المستوطنات في الضفة"، أشار المركز إلى أن تل أبيب ستستغل الرفض الفلسطيني لـ"صفقة القرن"، بعد أن يتم طرح شقّها الاقتصادي في مؤتمر البحرين، وبعد أن يتم عرض خطوطها السياسية بعد إجراء الانتخابات الإسرائيلية في 17 سبتمبر/أيلول المقبل، في تبرير قرارها المتوقع بضمّ أجزاء من الضفة الغربية.
ووفق الورقة التي صدرت اليوم، وأعدها الجنرال أودي ديكل، المدير التنفيذي للمركز، والذي سبق أن قاد شعبة التخطيط الاستراتيجي في هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، فإن التصريحات، التي أدلى بها السفير الأميركي في إسرائيل ديفيد فريدمان أخيراً، ودافع فيها عن حق إسرائيل في الاحتفاظ بأجزاء من الضفة الغربية استجابة لاحتياجاتها الأمنية، تدل على أن إدارة ترامب، التي دعت إلى مؤتمر البحرين، ستوافق على خطوة الضم.
ولفت المركز إلى أن التفاصيل المسربة والمتعلقة بـ"صفقة القرن"، تكرس الانطباع بأنها تراعي المصالح والمتطلبات الأمنية لإسرائيل بشكل عميق، إلى جانب أنها تقر بالواقع الذي تكرّس في الضفة على مدى حوالي خمسة عقود من الاحتلال.
وأوضح ديكل أن حرص ترامب على تعزيز مكانة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أمام الجمهور الإسرائيلي، أثّر على بنود "صفقة القرن"، مشيراً إلى أن مساعدي ترامب حرصوا على أن تحظى الصفقة بدعم قواعد اليمين الإسرائيلي. وأشار إلى أن الحرص على مساعدة نتنياهو داخلياً جعل إدارة ترامب لا تتردد في فرض عقوبات على الفلسطينيين، وتمارس الضغوط على الدول العربية المتحالفة مع الولايات المتحدة، لا سيما مصر والأردن، للمساعدة في توفير بيئة تسمح بتطبيق الخطة.
وأوضح أن توجّه ترامب لطرح البنود السياسية لـ"صفقة القرن"، والتي تتطرق للحدود، الأمن، مستقبل القدس، قضية اللاجئين، وغيرها من القضايا، بعد إجراء الانتخابات الإسرائيلية، يندرج في إطار سعي فريق الرئيس الأميركي لمساعدة نتنياهو سياسياً. واستدرك قائلاً إن إدارة ترامب أوضحت بشكل لا يقبل التأويل أن "صفقة القرن" لن تفضي إلى دولة فلسطينية، وهو ما يمثل نسفاً لإرث المواقف السياسية الأميركية التي ظلت ترى في حل الدولتين، الحل الأمثل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
ولفت ديكل إلى أن الحكومة الإسرائيلية التي ستتشكل بعد الانتخابات المقبلة، ستقوم بفرض القانون الإسرائيلي على المستوطنات اليهودية القائمة في الضفة، ما يمثل ضماً لها، مشيراً إلى أن الضم سيشمل أيضاً المستوطنات النائية التي دشنت في أطراف الضفة والنقاط الاستيطانية التي أقيمت من دون تصريح من الحكومات الإسرائيلية.
وأشار المركز في ورقته إلى أن "صفقة القرن" تمنح إسرائيل صلاحيات أمنية مطلقة في كل أرجاء الضفة الغربية، وضمنها المناطق التي يفترض أن تحتضن الكيان الفلسطيني، مشيرا إلى أن الخطة الأميركية تقترح حل قضية اللاجئين عبر توطينهم في الدول التي يقيمون فيها حالياً. ولفت إلى أن الهدف الأوسع لـ"صفقة القرن" يتجاوز الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مشيراً إلى أن ترامب يهدف من خلال تطبيق "الصفقة" إلى بلورة واقع إقليمي جديد في المنطقة يسمح ببناء تحالف عربي إسرائيلي أميركي لمواجهة كل من إيران و"الحركات الإسلامية".
ولفت إلى أن مشاركة مسؤولين ورجال أعمال إسرائيليين في مؤتمر البحرين، يمثل مساراً سيفضي إلى تعزيز التعاون والتطبيع العلني مع العالم العربي، معتبراً أن هذا الواقع سيمثل عامل ضغط آخر على الفلسطينيين الذين سيواصلون رفض "الصفقة".
وحذر المركز من أنه على الرغم من الدعم الأميركي وتأثير مؤتمر البحرين، فإن أي مسار سيفضي إلى ضمّ المستوطنات اليهودية في الضفة ينطوي على مخاطر كبيرة، على اعتبار أنه يتناقض مع القانون الدولي، الذي يرى في الضفة الغربية مناطق محتلة. ولفت إلى أن الضم سيؤدي إلى انهيار كل الاتفاقات التي تمّ التوصل إليها بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، على اعتبار أنه خطوة أحادية الجانب.
وشدد المركز على أن أخطر تداعيات الضمّ، تتمثل في انهيار السلطة الفلسطينية المؤكد، وما سيتبعه من إجبار إسرائيل على تحمّل تبعات إدارة شؤون الحياة في مناطق السلطة، مع كل ما ينطوي عليه هذا التحول من تحميل تل أبيب التزامات اقتصادية ومالية ومخاطر أمنية وأثمان سياسية. وأشار إلى أن الضمّ سيؤدي إلى انفجار الأوضاع الأمنية، محذراً من أن السياسات الأمنية التي ستتبعها إسرائيل لمواجهة ذلك، ستفضي إلى تهاوي مكانتها الدولية.