عمال وأمنيّون يشهدون بجلسات ضحايا الانتهاكات الثانية في تونس

18 نوفمبر 2016
مطالب الثورة رفعت مجدداً من قبل عائلات الضحايا(ياسين غايدي/الأناضول)
+ الخط -
تنطلق مساء اليوم الجمعة، الجلسة الثانية العلنية لضحايا الاستبداد والانتهاكات، التي ارتكبت في تونس، وقد خصصت لملف الاتحاد العام التونسي للشغل واليسار، وما لحقه من انتهاكات، ولتقديم شهادات عائلات أشخاص ماتوا تحت التعذيب.

وتواصل هيئة الحقيقة والكرامة، لليوم الثاني على التوالي، بث الجلسات العلنية لعديد الضحايا الذين حوكموا بسبب انتماءاتهم السياسية، ولرفضهم قمع الحريات، ومطالبهم المشروعة في العدالة، في حين خصصت جلسة أمس للاستماع إلى عائلات شهداء الثورة، وزوجات المختطفين قسرياً، وضحايا الفترات الانتقالية زمن الرئيس الحبيب بورقيبة، والرئيس المخلوع زين العابدين بن علي؛ فإنّ الانتهاكات التي طاولت اليسار واتحاد الشغل لا تقل سوءاً.

وستشهد جلسات اليوم حضوراً هاماً لسياسيين ونشطاء من المجتمع المدني، وممثلين لعديد الجمعيات التي أودعت بدورها ملفات لدى هيئة الحقيقة والكرامة، والتي تنتظر دورها في تقديم شهادات علنية في جلسات قادمة، إلى جانب بعض عائلات شهداء وجرحى الثورة.

وقال كاتب عام جمعية السجين السياسي، ضابط الشرطة السابق، صالح دخايلية، لـ"العربي الجديد" إنه سجن يوم 7 نوفمبر/تشرين الثاني 1987، مبيناً أن "الضحايا ظلموا في عهد الرئيس المخلوع وحتى بعد ثورة 14 يناير 2011 ، وعجزوا عن استرداد حقوقهم المسلوبة".

وأضاف دخايلية أنه تم إقصاء الأمنيين والعسكريين من حقهم في العدالة، على الرغم من أنّ المأساة الكبرى التي حصلت في عهد الرئيس المخلوع طاولت عدداً من الأمنيين والعسكريين، الذين سجن بعضهم، وتوفي عدد منهم، وأصيب آخرون بإعاقات جرّاء التعذيب. وعلى الرغم من ذلك تم حفظ قضيتهم في عهد بن علي، الذي أصدر عفواً خاصاً، وفصلاً قانونياً قاتلاً لكي تبقى حقوقهم ورواتبهم معلقة.

واعتبر أنهم مع العدالة الانتقالية، "لكن ليس لديهم أمل كبير في إرجاع الحقوق إلى أصحابها"، بحسب بعض المؤشرات التي عاينوها من خلال ما قدم من شهادات.





بدورها، قالت شقيقة الشهيد عبد الباسط الخضراوي، منى الخضراوي، إن شقيقها الطالب كان من بين المحتجين أيام الثورة التونسية، وخرج في مسيرات عدة مطالباً بالحرية والعدالة والكرامة، لكنه قتل يوم 27 فبراير/شباط 2011 في شارع جمال عبد الناصر وسط العاصمة تونس.

وأضافت أنه تمت مواجهة المحتجين بالرصاص، وعندما بقي شقيقها في الصفوف الخلفية؛ تم قنصه، مؤكدة أنه مات عندما وصل إلى المستشفى العسكري. واعتبرت أن حضورهم اليوم في الجلسة الثانية للعدالة الانتقالية، هو للمطالبة بكشف الحقيقة في قتل الشهداء.

وأشارت إلى أنّ أية شهادة تقدم هي في الحقيقة ناطقة باسم كل الشهداء، مؤكدة أن القضاء العسكري لم ينصفهم طالما لم يكشف عن الجاني، وأن يوم صدور الأحكام هو يوم موت الحقيقة بالنسبة إليهم.

وكشفت والدة عون سجون، يدعى مالك رامي، لـ"العربي الجديد" أن ابنها سقط أيام الثورة التونسية، مبينة أنه يعمل في سجن برج الرومي، إذ كلّف بحراسة مستشفى الحبيب بوقطفة بمحافظة بنزرت، لكن تم قنصه من قبل جندي، باعتبار أن الثكنة تقع في الضفة المقابلة للمستشفى، بحسب قولها.

وبيّنت أم رامي أنّ عائلتها تشعر اليوم بمرارة كبيرة، فبعد مضي 5 أعوام؛ لا تزال الحقيقة غائبة، ولم تصل القضايا التي رفعت إلى نتائج تُذكر، ولا إلى محاسبة الجاني، على الرغم من الأدلة التي قدمت.

وأكد النائب عن حركة "النهضة"، وليد البناني، لـ"العربي الجديد" أنّ نقل الجلسات على المباشر يجعل جزءاً كبيراً من الشعب التونسي يكتشف الفظاعات والانتهاكات التي مورست ضد عدد من الوجوه التونسية، وما مرّوا به من مآس. واعتبر أنّ مأساة عائلات الشهداء وجرحى الثورة وما عاشوه قبل الثورة من آلام وحرمان، وما عانوه بعدها من غياب المحاسبة، يضاعف من الجرح.

ورأى البناني أنه بحكم عمله سابقاً على رأس لجنة شهداء وجرحى الثورة بمجلس نواب الشعب، فإنه يعلم العديد من القصص التي تعتبر عينة من العينات، ولا تمثل كل الضحايا، مبيناً أن ما لفت انتباهه هو أن مطالب الثورة رفعت مجدداً من قبل عائلات الضحايا، وهي الحرية والكرامة والعدالة، والنهوض بمناطقهم التي عانت من التهميش.