جرف الصخر.. مدينة عراقية تحررت من "داعش" فاحتلتها المليشيات

29 سبتمبر 2019
جمع أكثر من 20 توقيعا حتى الآن(أحمد الربيع/فرانس برس)
+ الخط -
كشفت مصادر برلمانية عراقية، اليوم الأحد، عن حملة تستهدف جمع تواقيع نيابية على طلب يلزم رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي، بإدخال نواب وناشطين ووسائل إعلام محلية وممثلين عن مدينة جرف الصخر، جنوبي بغداد، إلى المدينة المغلقة منذ خمس سنوات، والتي تسيطر عليها مليشيات مسلحة ترتبط بإيران وترفض إعادة سكانها أو الانسحاب منها.

ويأتي ذلك بالتزامن مع اقتراب الذكرى الخامسة لاستعادة السيطرة على المدينة بعد معارك مع مسلحي "داعش" الإرهابي، إذ تمكن الجيش العراقي ومليشيات "الحشد"، مدعومين بوحدات من الحرس الثوري الإيراني، من السيطرة عليها بشكل كامل، غير أن المدينة، البالغ عدد سكانها أكثر من 100 ألف نسمة، إلى جانب قرى وقصبات أخرى تابعة لها، مثل القراغول وصنيديج والجنابيين والفارسية ومناطق أخرى، ما زالت مغلقة ويمنع سكانها من العودة إليها، أسوة بمناطق أخرى من العراق تسيطر عليها المليشيات أيضا، وترفض الانسحاب منها، أبرزها العوجة (مسقط رأس صدام حسين)، والعويسات ويثرب والنخيب ومجمع بيجي وذراع دجلة، ومجمع الفوسفات، قرى ومناطق أخرى غربي نينوى على الحدود مع سورية. 

وبحسب مسؤول في الدائرة القانونية في البرلمان العرقي، فإن نوابا عن كتل مختلفة باشروا جمع تواقيع لاستصدار قرار يلزم رئيس الوزراء بإدخال نواب من البرلمان وممثلين عن مدينة جرف الصخر، وناشطين ووسائل إعلام، للاطلاع على حقيقة ما يجري داخل المدينة.

وأكد المصدر، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن "الحراك النيابي تدعمه أطراف داخل رئاسة البرلمان، وأيضا منظمات حقوقية عراقية، ومن المرجح عرض التواقيع الأسبوع المقبل في جلسة السبت"، كاشفا عن "جمع أكثر من 20 توقيعا حتى الآن".

والأسبوع الماضي، وجّه حزب "الحل"، بزعامة السياسي العراقي جمال الكربولي، طلبا رسميا إلى رئيس الوزراء بالدخول إلى المدينة والاطلاع على حقيقة ما يجري فيها، والتأكد من معلومات حول وجود سجون سرية تحتجز بداخلها المليشيات آلاف المختطفين، إلا أن الحكومة لم ترد على الطلب حتى الآن رغم مرور نحو أسبوع كامل عليه.

وطلب الحزب من رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، تسهيل زيارة وفد من الحزب إلى جرف الصخر والتحقق من وجود معتقلات سرية يقبع فيها مختطفون تحتجزهم المليشيات.

وذكر الحزب في بيانه: "نأمل من رئيس الوزراء ورئيس هيئة الحشد تعاونهم في تسهيل مهمة وفد من حزب الحل لزيارة قضاء جرف الصخر، والتحقق عن كثب من معلومات عن وجود معتقلات غير تابعة للدولة فيها، وادعاءات بوجود معتقلين أبرياء بدون أوامر قضائية، وأن أغلب المعتقلين تم اعتقالهم خلال وبعد عمليات تحرير محافظات (الأنبار، صلاح الدين، ديالى، نينوى، حزام بغداد)، ولا زالوا محتجزين في مدارس ومعامل وثكنات داخل حدود جرف الصخر في ظروف غير إنسانية". 

رئيس كتلة حزب الحل في البرلمان العراقي محمد الكربولي، قال لـ"العربي الجديد"، إن الطلب المقدم لرئيس الوزراء هو لـ"تأكيد واقع الحال في المدينة بأنها مغلقة، ولا يسمح لأهلها ولا أي جهة أخرى بدخولها"، مبينا أن "الحكومة مطالبة بأن تكون أكثر شفافية في هذا الملف، فنحن نجد أن المدينة تحولت لثكنة عسكرية أو معتقلات سرية".

وتابع: "في اجتماع لجنة الأمن والدفاع النيابية الأخير كانت الاستخبارات العسكرية والجيش العراقي موجودين، ونعلم أن الأمر ليس بيدهم، إنما الأمر متروك لبعض الفصائل المسلحة المتواجدة هناك، ونعتقد أن ما سيحدث ليس بالإحراج، لكن يجب أن يكشف للرأي العام حقيقة ما يجري هناك".

وأضاف: "اليوم نرى أسر الضحايا المغيبين قد قامت برفع بعض الدعاوى والشكاوى لمجلس القضاء الأعلى والأمم المتحدة مهتمة بهذا الأمر، وخاصةً أن غالبية المخطوفين أو المغيبين، يتكلم ذووهم وتقارير مختلفة عن وجودهم في جرف الصخر، لذلك وجب أن نبحث في الأمر بشفافية عبر فتح الباب أمام ممثلي هذه المناطق للدخول مع وسائل الإعلام لنقف على حقيقة الوضع هناك". 

من جهته، اعتبر النائب عن محافظة بابل حسن فدعم، أن الطلب يجب أن يدعم من أجل إنهاء هذا اللغط حول ما يجري داخل المدينة، وفقا لقوله. 

وأضاف فدعم، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "إشكالنا فقط أن الطلب جاء من حزب، وكان يفترض أن يقدم الطلب من كتلة برلمانية أو نواب، لذا نحن ندعو إلى أن يكون الدخول عبارة عن وفد برلماني منوع من كل الأطياف، ترافقه جهات أمنية، وأن يفتح المجال أمام كل الوسائل الإعلامية، وأن يكون مسموحا لجميع من يرغب الذهاب والدخول إلى مدينة جرف الصخر والتجول فيها".

 وأخفقت حكومة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي في إعادة السكان بعد وعود أطلقتها، بينما كشف رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي أن "ملف مدينة جرف الصخر بيد أطراف في إيران ولبنان"، من دون أن يسميها. 

سكان من أهالي "جرف الصخر" أعربوا عن أملهم في أن تؤدي التحركات الجديدة إلى استعادتهم مدينتهم ومنازلهم المسلوبة من قبل المليشيات.

وقال عمار الجنابي (39 عاما)، لـ"العربي الجديد"، إنه يشعر بالغربة داخل وطنه، مضيفا أن "السكان يأملون مغادرة المخيمات والعودة لمنازلهم التي لا تبعد عنهم نصف ساعة بالسيارة، لكنهم بمعسكر نازحين منذ سنوات والمليشيات تتخذ من منازلهم مقار لها".

في المقابل، أكد الشيخ عواد السعدي، أحد وجهاء المدينة، أن "جرف الصخر تحولت قاعدةً للحرس الثوري والمصالح الإيرانية، وتعتبر دليلا فاضحا على أن الحكومة العراقية لا تمتلك القرار الكامل في العراق"، مضيفا لـ"العربي الجديد"، أن المعلومات التي ترد من هناك "غير جيدة بشأن منازل السكان وأسواقهم ومزارعهم، والحكومة تتحمل مسؤولية الرد على الذين يطرحون فكرة بناء مدينة في مكان آخر غير جرف الصخر، وتوطين أهل المدينة فيها، لأنها تصريحات طائفية ونابعة من رغبة إيرانية، كون المدينة تقع في مثلث يربط جنوب العراق بوسطه وغربه".