الشاحنة التي "دهست" صورة جيش الاحتلال الإسرائيلي

رام الله

نائلة خليل

نائلة خليل (فيسبوك)
نائلة خليل
صحافية فلسطينية، مراسلة ومديرة مكتب موقع وصحيفة "العربي الجديد" في الضفة الغربية.
09 يناير 2017
3B0F3D6F-1587-49BD-B3EB-02F53CC32FBB
+ الخط -
لم يتبق شيء لم تفعله أو تقرر فعله حكومة الاحتلال الإسرائيلي ضد الشهيد فادي قنبر وعائلته، فأصدرت عقوبات على أفراد عائلته بالاعتقال، وأمرت بهدم خيمة العزاء، اليوم، واتخذت قراراً بهدم بيته لاحقا، وعقوبة أخرى باحتجاز جثمانه إلى أجل غير مسمى، فتهمته أكبر من مجرد دهس الجنود بشاحنته، بل تتعداها إلى "دهس" صورة جيش إسرائيل الذي لا يقهر.


وأظهر شريط فيديو مسجل على مدار دقيقة ونصف عملية الدهس التي تمت دون تردد وبتركيز كامل في الدهس وعودة السائق للوراء والتقدم مجددا ليحصد أكبر عدد ممكن من القتلى والجرحى. واكتسح الفيديو جميع وسائل التواصل الاجتماعي، ليضع الحكومة الإسرائيلية بحرج كبير، وأسئلة أكبر، منها كيف يهرب عشرات من الجنود المدججين بالأسلحة من الشاب الأعزل إلا من مقود شاحنته؟

وتكمن قوة عملية القنبر في أنها أكدت فشل سيطرة الاحتلال على القدس، وإخضاعها، فضلا عن أن العملية نفذت في مستوطنة مقامة على أراضي القدس الشرقية، ما يعني أن المقاومة مشروعة حسب الأعراف الدولية، ولا سيما أنها استهدفت جنود الاحتلال.

ويقول الخبير في الشؤون الإسرائيلية، عادل شديد، لـ"العربي الجديد"، إن "العملية هزت كيان الجيش الإسرائيلي الذي قيل عنه يوما ما الجيش الذي لا يقهر، حيث هرب عشرات الجنود وضباطهم المسلحين وهم على رأس الخدمة العسكرية أمام الكاميرا".

وتابع: "الجنود كانوا يقومون بجولة في صلب عملهم العسكري حيث انتقلوا من قاعدة عسكرية إلى مستوطنات القدس الشرقية، وهذا الهروب الكبير من السائق وهو على بُعد 40 متراً على الأقل، وسيكون لهذه المشاهد انعكاسات كبيرة جدا على مكانة الجيش الإسرائيلي في المجتمع الإسرائيلي أولا، وعلى المستوى الفلسطيني وفي المنطقة بشكل عام".

ويرى شديد أنه "لو أن الجيش الإسرائيلي كان يعلم أن هذه المشاهد سوف تبثّ، لفضل أن يقتل جنوده على بثها لأنها ضربت مركزية مكانة الجيش وهيبته في المجتمع الإسرائيلي".

وتابع قائلا: "صحيح أن عدد القتلى الجنود كبير بالنسبة للاحتلال مقارنة بعملية مقاومة واحدة، لكن بعد يومين سينسى الرأي العام كم ومن قتل، وستبقى مشاهد هروب الجنود من الشاحنة محفورة في الذهن الفلسطيني والعربي، لذلك أجزم بأن الاحتلال سيصل للمصور وسيلاحقه وربما يسجنه لسنوات".



وحسب الإعلام العبري، فإن من بادر إلى إطلاق النار على المقاوم هو مدني إسرائيلي متواجد في المكان ومن مسدسه الشخصي. وأشار الإعلام إلى أن جنديين فقط أطلقا النار من أصل 300 مجند كانوا في المكان.

لكن هذه ليست المرة الأولى التي ترصد فيها عدسات الكاميرات هروب الجندي الإسرائيلي من أمام المقاوم الفلسطيني، سبقتها الكثير من المشاهد وإن بقيت مشاهد عملية قنبر هي الأقوى.
ففي التاسع من أكتوبر/ تشرين الأول 2016 رصدت الكاميرات أيضا عملية هروب جندي من أمام الشهيد مصباح أبو صبيح الذي نفذ عملية إطلاق نار وهو يقود سيارته قرب مقر قيادة الاحتلال، أدت لمقتل إسرائيليين وإصابة عدد آخر.

وقبل ذلك في مارس/ آذار 2016 ركض بشار مصالحة مسافة كيلومتر ونصف الكيلومتر قرب ميناء يافا القديم ليطعن من يراه في وجهه من الإسرائيليين الذين كانوا يهربون من أمامه، قبل أن يستشهد.

الأمر ذاته حصل في أكتوبر/ تشرين الأول 2015 مع الشهيد إياد العواودة الذي كان يلاحق جنديا إسرائيليا وهو يشهر سكينه، لكن الجندي هرب منه، ليقوم جندي آخر بقتله.



وعودة إلى الدهس، تبدو هذه العمليات الأكثر إحباطا لجهاز المخابرات الإسرائيلي، إذ لا توجد أي طريقة حتى الآن تتم فيها معرفة السائق المقاوم والمكان الذي ينوي تنفيذ عمليته فيه. فسلاحه مرئي وكبير وخطير لكنه غير محظور، ما يعني أن أي شارع يسيطر عليه الاحتلال ويوجد فيه مستوطنوه وجنوده هو مكان متوقع للعملية القادمة، فضلا عن أن كل أساليب الردع الإسرائيلية باعتقال العائلة وهدم البيت أثبتت فشلها.

ورصد "العربي الجديد" 25 عملية دهس منذ اندلاع هبة القدس في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول 2015 وحتى الآن، فيما وصلت عمليات الدهس قبل ذلك إلى 20 عملية ما بين 2008 و2014.

وتنوع استخدام السيارات ما بين سيارات حديثة، كما هو الحال مع المقاوم الأسير ماهر الهشلمون الذي نفذ عملية دهس قتل فيها مستوطنة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، إلى استخدام الجرافات والسيارات العادية وصولا إلى شاحنة من نوع "مرسيدس" استخدمها الشهيد قنبر يوم أمس الأحد.

ويتقاطع الشهيد قنبر مع غيره من المنفذين الشهداء والأسرى لعمليات الدهس، فهو مواطن عادي لا توجد عليه أي رقابة أمنية إسرائيلية. ويتقاطع قنبر مع إبراهيم العكاري منفذ عملية دهس أدت لقتل مستوطن وإصابة 10 آخرين في نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، حيث يتشابه الشهيدان بالهدوء وكونهما أبوين لأطفال صغار، فالعكاري أب لخمسة أطفال، فيما ترك قنبر وراءه أربعة أطفال أكبرهم عز الدين (6 سنوات)، وجنى (5 سنوات)، وغزل (3 سنوات)، والرضيع محمد، باتوا لوحدهم بعد اعتقال أمهم.

ذات صلة

الصورة
آثار القصف في منطقة البقاع في لبنان (حسين بيضون)

سياسة

تعدّدت جرائم الحرب ومنفذها واحد، وهو احتلال باتت مجازره يومية بحق المدنيين في لبنان وسلوكه مركَّز على التهجير، والتدمير، مستغلاً الصمت الدولي على انتهاكاته.
الصورة
جنود الاحتلال في مدينة غزة شمالي القطاع / 27 يناير 2024 (Getty)

سياسة

وقع 15 جندياً على رسالة أعلنوا فيها أنهم سيرفضون مواصلة الخدمة العسكرية في جيش الاحتلال الإسرائيلي دون إبرام صفقة لتحرير المحتجزين في غزة.
الصورة
واجهة زجاجية مهشمة في إحدى غرف مستشفى بيروت الحكومي (حسين بيضون)

مجتمع

تواجه المستشفيات في لبنان تهديدات إسرائيلية تذكر اللبنانيين بما شهدوه في قطاع غزة على الشاشات، ويسعى المعنيون إلى مناشدة المسؤولين الدوليين لتحييدها
الصورة
الاحتلال الإسرائيلي يمنع قطف الزيتون في قرية بركة، رام الله في 20 أكتوبر 2024 (الأناضول)

اقتصاد

منعت قوات الاحتلال الإسرائيلي، الأحد، مزارعين فلسطينيين ومتضامنين من الوصول إلى الأراضي لقطف الزيتون في قرية برقة شرق رام الله، وسط الضفة الغربية المحتلة.