من وخزة المظلة إلى سموم الهملايا النادرة... أبرز الاغتيالات الروسية داخل بريطانيا

08 مارس 2018
اغتيالات غامضة ببصمات روسية (Getty)
+ الخط -
بينما يرقد العميل الروسي المزدوج، سيرغي سكريبال، مغيّباً بفعل السم تحت العناية المكثفة داخل مستشفى مدينة سالزبيري البريطانية، اختارت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية تسليط الضوء على الاغتيالات الغامضة التي استهدفت شخصيات روسية في بريطانيا، وتشابهت ظروفها، إلى حد كبير، مع حالة عقيد الاستخبارات العسكرية الروسية المذكور، الذي جنّدته بريطانيا، واكتُشف أمره عام 2006، ليحاكم بتهمة "الخيانة العظمى"، قبل أن يطلق سراحه أخيراً ضمن أكبر صفقة لتبادل الجواسيس بين روسيا والغرب منذ الحرب الباردة.


وتنقل الصحيفة عن تحقيقات أجراها موقع "باز فييد" أنّ روسيا هي المشتبه به الرئيس وراء قتل 14 شخصية، على الأقل، داخل الأراضي البريطانية خلال العقدين الماضيين، عازية ذلك، بشكل جزئي، إلى كون بريطانيا مركز الشتات الرئيس للروس.

غير أن الموقع المذكور يضيف إلى ذلك جملة من الأسباب التي تفسّر هذا العدد من الاغتيالات، ذات البصمات الروسية، داخل الأراضي البريطانية، وهي تشمل "الخوف من الانتقام؛ عدم كفاءة الشرطة؛ الرغبة في الإبقاء على مليارات الباوندات الروسية التي تصبّ في البنوك والممتلكات البريطانية كل عام".


ومن أبرز من طاولتهم أيادي روسيا الخفيّة داخل بريطانيا من قائمة الـ14 قتيلاً، تورد الصحيفة أسماء كلّ من:
  • بوريس بريزوفسكي: عُثر على رجل الأعمال الروسي الذي كان مطلوباً للمحاكمة في بلاده مشنوقاً داخل حمامه عام 2013. الشرطة البريطانية في حينها عدّت الأمر انتحاراً، لكن مسؤولين أميركيين اشتبهوا بعملية اغتيال.
  • سكوت يونغ: الوسيط المليونير لعدد من الأثرياء في العالم، ومن ضمنهم بريزوفسكي، كان يشعر بالقلق لسنوات عدة من أن فريقاً من القتلة المأجورين الروس يتعقّبونه. وبالفعل، فقد عثر عليه عام 2014 جثّة هامدة تترنّح على سياج حديدي بعد سقوطه من شباك منزله. وفي ذلك الوقت، صنّفت الشرطة البريطانية الحادث على أنه انتحار، لكن الخبراء، بمن فيهم مصادر استخبارية أميركية، يشتبهون في أنه ربما يكون قد قتل.
  • بول كاسل، روبي كورتيس، جوني إيليخوف: الثلاثة الذين كانوا شركاء ليونغ المذكور آنفاً عثر عليهم جميعاً منتحرين خلال السنوات الأربع التي سبقت موت شريكهم، غير أن وكالات الاستخبارات الأميركية اعتبرت أن وفياتهم مشبوهة.
  • بدري باتاركاتشيشفلي: الجورجي الذي يعدّ أحد أفراد الأقلية الحاكمة ببلاده وشريكاً تجارياً لبريزوفسكي، توفّي أيضاً بسبب نوبة قلبية في 2008، ويحتمل أن تكون بفعل السم.
  • يوري غولبيف: شريك آخر لبريزوفسكي. تم العثور عليه ميتاً عام 2007 في لندن، وقد عرف صاحب الثروة التي جمعها من النفط بانتقاداته الصريحة لبوتين، التي أكسبته عداوته.
  • ألكسندر ليتفينينكو: عميل سابق للاستخبارات الروسية، وأحد الناقدين الصريحين لبوتين. لم يكن يعرف أن كأس الشاي الذي تناوله عام 2006 في أحد فنادق لندن مع عميل الاستخبارات الروسية، أندري لوغوفوي، ورجل الأعمال ديمتري كوفتون، سيضعه على فراش الموت، مسموماً بمادة البولونيوم، التي اتّهم بوتين، وهو يحتضر، بأنه كان وراء دسّها. وفي عام 2014، كان قد استغرق الأمر 8 سنوات لتعلن تيريزا ماي، التي كانت وزيرة للداخلية في حينها، فتح تحقيق علني في وفاته، خلص في عام 2016 إلى أن الرئيس الروسي، على الأغلب، كان على صلة مباشرة بمقتل ليتفينينكو.
  • ألكسندر بريبلتشني: فرّ من روسيا إلى لندن عام 2009، حيث قدم دليلاً على "فساد عالي المستوى" للسلطات السويسرية، على شكل تسجيلات منقولة سلكياً. لكن في عام 2014، عانى البالغ من العمر 44 عاماً من نوبة قلبية بينما كان يركض. وعلى الرغم من أنه كان بصحة ممتازة، فقد كان موته عام 2015 مرتبطاً بـ"الغيلسيميوم"؛ وهو نوع نادر من النبات السمي ينمو في الهملايا، وعرف استخدامه في الاغتيالات الصينية.



وقبل العقدين الماضيين، وصولاً إلى حقبة الاتحاد السوفييتي، تستذكر الصحيفة حالات اغتيال أخرى غامضة، حملت بصمات الـ"كي جي بي"، كان ضحاياها أيضاً رجال أعمال، ومهرّبو أموال، وصحافيون، ونشطاء حقوق إنسان. ولعلّ أشهر تلك الحوادث تلك التي وقعت عام 1978 في لندن، حينما أقدم عميل استخبارات سوفييتي على طعن معارض بلغاري بمظلة مطلية بسم الرايسين، وهو ما تسبب له بنوبة قلبية مميتة.

ومع تلك "الابتكارات" الروسية المتجدّدة في عالم الاغتيالات، ترى "واشنطن بوست" أن ضباط الاستخبارات الروسية حوّلوا "التسميم لأغراض سياسية" إلى شكل من أشكال "الفن"، وقد عمل خبراؤها، لسنوات عديدة، على تطوير السموم عديمة اللون والرائحة، حتّى إن بعض التجارب، وفقاً لمقابلة مع منشق عن الـ"كي جي بي" عام 1954، أجريت على بعض السجناء الأحياء.