فرنسا: انطلاق كأس يورو 2016 وسط احتجاجات نقابية

10 يونيو 2016
النقابات العمالية تصعّد إضرابها (Getty)
+ الخط -


تنطلق مساء اليوم الجمعة القمة الكروية الأوروبية لسنة 2016 في فرنسا، وسط موجة احتجاجات اجتماعية ضد إصلاح قانون العمل وخطر وقوع اعتداءات "إرهابية".

وعلّق رئيس اللجنة المنظمة للأورو- 2016، جاك لامبرت، على استمرار الاحتجاجات الاجتماعية والنقابية في باريس، وعلى رأسها نقابة "سي جي تي"، مُتسائلاً "ماذا لو أن فرنسا خسرت تنظيم القمة الكروية الأوروبية لسنة 2016؟ أليستْ بعض الانتصارات خسائر في حدّ ذاتها؟".

في حين تتوجه المقالات الإعلامية إلى نقابة "سي جي تي" وزعيمها فيليب مارتينيز بطريقة غير مسبوقة، إن في لهجتها أو في اتهاماتها، ولكأنّ شغل مارتينيز الشاغل هو "إفساد هذا الحفل الكروي!". ولم يغب عن بعض المراقبين سؤال وجّهه صحافيٌّ للزعيم النقابي حول موقفه من كرة القدم وإن كان يحبها، فأجاب بأنه "يحب هذه اللعبة، ولكنه سيكون مع مناضليه في جبهاتهم".

ولم تتردد أيضاً صحافة اليمين وقياديون من أرباب العمل في وصف تحركات النقابة بـ"الإرهاب"، وفي المطالبة بفتح تحقيق معها. وعنونت صحيفة "لوفيغارو"، اليوم، والتي كان غلافها حاداً "مزايدات نقابية تعكّر بداية الأورو- 2016"، و""سي جي تي" تريد إفساد بداية الأورو-2016 لكرة القدم"، و"عناد مارتينيز سينقلب عليه"، وتستنجد بـ"تقلبات" الرأي العام الفرنسي، وفق استطلاعات للرأي يشكك الكثيرون في نزاهتها وصدقيتها، "الذي كان يؤيد في غالبيته موقف النقابة من قانون الشغل، ولكنه يعشق كرة القدم، ولا يريد من أحد أن ينغص عليه هذه الاحتفالات".

كما حذّرت الصحيفة من أن عدد الفرنسيين الذين بدأوا ينفضّون من حول النقابة مُرشّحٌ أن يتضاعف، خصوصاً مع أي قلاقل قد تتعرض لها هذه البطولة الأوروبية وتفسد مرح المسابقات.

الإضرابات في ذروتها

ولا يخفي، في المقابل، القائد النقابي، مارتينيز، نية نقابته والنقابات الأخرى المتحالفة معها، في إسماع صوت المُضرِبين في بداية العرس الكروي، عبر حركات إضرابية ستكون على أشدها، هذا اليوم، خصوصاً إضراب القطارات المؤدية إلى استاد دي فرانس، إذ ستجرى المقابلة الأولى بين فرنسا، البلد المنظِّم ورومانيا، إلى جانب إضرابات قادمة كالإضراب العام الذي دعت إليه نقابات عديدة يوم 14 يونيو/حزيران، والإضراب الجديد الذي ستعرفه شركة "إير فرانس" والذي سيبدأ بعد غد السبت. إضرابات وتحركات تصفها الحكومة بـ"حرب عصابات نقابية".

وتحاول الحكومة، بشتى الوسائل، فتح قنوات مع الزعيم النقابي، الذي أصبح المعارض الأكبر للحكومة الاشتراكية، في ظل خفوت أصوات المعارضين اليساريين. ولهذا الغرض سيتمّ استقباله يوم 17 يونيو/حزيران من قبل وزيرة الشغل، مريم الخمري، من أجل لقاء أخير لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ومحاولة الالتفاف على العنف اللفظي الذي يمارسه رئيس الحكومة، مانويل فالس، في خطاباته.

وإذا كان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند وحكومته، يريدان جني ثمار تنظيم ناجح لهذا العرس الكروي الأوروبي، ولِمَ لا الفوز بالكأس، بشتى الوسائل، وهو ما عبرت عنه الهدايا المالية التي قدمتها الحكومة لكثير من القطاعات المنتفضة (كرجال التعليم وعمال سكك الحديد والمشتغلون بشكل متقطّع في قطاعات الفن وغيرها)، غير أنهما يَرَيان أن الظروف لم تتحسن بعد، والقلاقل الاجتماعية ما زالت متواصلة، ففي هذه الحالة هما لا يستبعدان اللجوء إلى مزيد من القوة، بما فيها استخدام الحجز والمصادرة.

من جهةٍ ثانية، فإن الحكومة الفرنسية مستاءة من الصُوَر التي تتناقلها وسائل إعلام محلية وأجنبية عن القمامة المتراكمة في شوارع العاصمة، (التي وعدت بلدية باريس بجمعها اليوم)، وعن المضربين من نقابة "سي جي تي" ومناصريهم من نقابات أخرى وهم يقطعون الطرقات ويحاصرون مصفات النفط، على الرغم من علمها بأن الضرر التي تتسبب فيه هو "ضرر (إعلامي) أكثر مما هو ضرر حقيقي".

هذا الاستياء الحكومي، عبر عنه أحد مستشاري الإليزيه بالقول: "إن هذه الأعمال لن تثني الفرنسيين عن الاحتفال"، على الرغم من خشية جدية عبر عنها المستشار الحكومي بالقول "يتم الحديث، في وسائل الإعلام الفرنسية وغيرها، عن الإضرابات أكثر من الحديث عن كأس الأمم الأوروبية لكرة القدم".

أمّا الشارع الفرنسي، فإن شعار "سمعة فرنسا" على المحك، هو السائد حالياً، الأمر الذي دفع برئيس اللجنة المنظمة للأورو-2016، إلى اعتبار هذا الحفل قد "تعرض للإفساد"، ورأى أن "الصورة التي أُعطِيت لهذه الاحتفال الكروي ليست هي الصورة التي كُنّا نرغب فيها"، خصوصاً أن فرنسا تعول على استقبال 7 ملايين شخص، من بينهم مليون ونصف مليون سائح أجنبي.

ويبقى التحدي الأكبر أمام فرنسا، على الرغم من الحضور الأمني على أشده في كل الأماكن الحسّاسة، في العاصمة والمدن الأخرى، لمواجهة أي خطر "إرهابي" محتمل؛ هو تحدي مشجعي كرة القدم البريطانيين المثيرين للشغب، المعروفين باسم "الهولينغانس" الذين تصادموا خلال بعض الوقت، وهم ينشدون: "أين أنت، يا داعش؟"، من ليلة الخميس إلى الجمعة، مع مشجعين فرنسيين في ميناء مدينة مارسيليا. وتنتظر فرنسا ما بين 300 ألف إلى نصف مليون بريطاني أثناء المسابقات الكروية، ما يفتح الباب أمام تحديات أمنية بانتظار الدولة المنظمة للحدث الكروي الأضخم في أوروبا.

دلالات
المساهمون