أسبوعان على التدخل الروسي في سورية بلا نتائج

16 أكتوبر 2015
سيطرت المعارضة على بلدة دورين الاستراتيجية(صالح محمود ليلى/الأناضول)
+ الخط -
مرّ أسبوعان كاملان على التدخل الروسي المباشر في سورية، بذريعة محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، ودعماً للنظام، الذي حاول الاستفادة من الغطاء الجوي الروسي للتقدم على حساب فصائل المعارضة في ريفي حماة الشمالي واللاذقية، بهدف تأمين الساحل السوري ووسط سورية من أي تهديد له، إلّا أنّ محاولاته هذه باءت بالفشل.

انعكست مئات الغارات الجوية العنيفة، التي شنّها الطيران الروسي على مواقع سيطرة المعارضة في أرياف إدلب، وحماة، وحلب، واللاذقية، لصالح المعارضة التي تمكّنت من إفشال تقدّم قوات النظام على محاور عطشان، سكيك، الصياد، المغير وكفرنبودة في ريف حماة، وكبّدتها خسائر كبيرة تمثّلت بتدمير عشرات الدبابات والآليات العسكرية المتنوعة الأخرى.

كما تصدّت فصائل المعارضة لمحاولات تقدم قوات النظام في منطقة جبل الأكراد في ريف اللاذقية الشمالي، على محوري كفردلبة والقلعة باتجاه بلدة سلمى. وتمكّنت من السيطرة على بلدة دورين الاستراتيجية بعد هجوم معاكس شنّته في المنطقة، وهو ما دفع قوات النظام إلى شنّ هجوم كبير ومفاجئ على حي جوبر شمال شرق دمشق والجبال الواقعة إلى الشمال من ضاحية الأسد، في محاولة لاستعادة السيطرة عليها من "جيش الإسلام"، أكبر فصائل المعارضة في ريف دمشق، إلّا أنّ الأخير تمكّن من صّدها.

وقال "جيش الإسلام" في بيان رسمي، نشره على موقعه الرسمي على شبكة الإنترنت، إنّ "مقاتليه أحبطوا، أول من أمس (الأربعاء)، محاولة اقتحام لقوات النظام استهدفت مناطق جوبر وعين ترما والمنطقة الجبلية المطلة على الغوطة الشرقية، والتي تضم مناطق ونقاطاً عسكرية، كان الجيش قد سيطر عليها، أخيراً، ضمن معركة (الله غالب)، ليوقعوا عشرات القتلى والجرحى بين عناصره، ويدمّروا أربع مدرّعات، تزامناً مع شنّ الطيران الحربي السوري والروسي عشرات الغارات مستهدفَيْنِ المناطق المدنية".

وأوضح "جيش الإسلام"، في بيانه، أنّ "جبهة جوبر، شهدت الأربعاء أعنف محاولة اقتحام، إذ حاول النظام التسلل من ثلاثة محاور مدعوماً بغطاء روسي للمرة الأولى، إلّا أنّه لم يستطع التقدم، وخسر نحو 20 من عناصره، إلى جانب دبابتي تي 72 ورشاش 23".

أمّا في جبهة عين ترما، فلفت البيان إلى أنّ "مقاتلي جيش الإسلام، استهدفوا، بالقذائف الصاروخية، حاجز مشفى البشر، الذي حاول عناصر النظام التسلل واقتحام المنطقة من خلاله، كما نصبوا كمائن لهم واستدرجوهم إلى بعض النقاط من جهة المشارقة والكباس، موقعين ما يزيد عن 30 عنصراً بين جريح وقتيل".

ويرى مراقبون للوضع الميداني السوري، أنّ الغطاء الجوي الروسي لم ينجح، بعد وصوله إلى ريف دمشق بعد أرياف إدلب وحماة واللاذقية وحلب، في الدفع بقوات النظام إلى أي نصر ميداني حتى الآن.

اقرأ أيضاً: بوتين ورواية محاربة "الجهاديين" سورياً: الخطر اﻷكبر داخل روسيا

ويعزو الرائد المنشق، محمد العمر، الذي يقاتل إلى جانب المعارضة في ريف إدلب، هذه الخسارة للنظام، ومن خلفه روسيا، إلى ضعف بنك الأهداف الذي يعتمد عليه سلاح الجو الروسي بشكل شبه كامل، عبر البيانات، التي تقدمها استخبارات النظام، والتي فقدت كثيراً من قدراتها الاستخباراتية، بسبب الاستنزاف الكبير، الذي تعرّضت له كوادرها في الحرب القائمة.
ووفقاً للرائد المنشق، فإن هذه الوقائع دفعت الطيران الروسي إلى شنّ غارات عشوائية على مناطق سيطرة المعارضة، مستهدفاً المناطق السكانية ومقرات عسكرية معروفة لفصائل المعارضة، التي تقوم بإخلائها عند حصول أية مواجهة عسكرية مع قوات النظام، مما جعل الغارات الروسية عديمة الجدوى على المستوى العسكري.

وتزامن ذلك، وفقاً للرائد، مع تحسن كبير في مستوى المعلومات الاستخباراتية، التي حصلت عليها المعارضة في الفترة الأخيرة، والتي مكّنتها من الاطلاع على خطط قوات النظام الهادفة إلى اقتحام أرياف حماة واللاذقية بشكل كامل، قبل البدء بتنفيذها. وحصلت المعارضة المدعومة بأسلحة مضادة للدروع على معلومات استخباراتية، من خلال جواسيسها في صفوف قوات النظام ومن حلفائها الإقليميين والدوليين، عن حجم القوات، التي تحاول التقدم على كل محور في ريفي حماة واللاذقية، وخطط تحركها والدبابات والآليات والإمكانات النارية التي تستخدمها، مما مكّنها من تجهيز عناصرها وعتادها.

ويعتبر العسكري المنشق أن ما أفيد عن زيارة قائد "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، أخيراً، إلى جبال اللاذقية، وما رافق ذلك من أنباء عن وصول مئات المقاتلين من عناصر "الحرس الثوري الإيراني"، وعناصر المليشيات المحلية السورية المدربة في إيران، لن يغيّر في موازين القوى. ويشير إلى أن "مشكلة النظام العسكرية التي تمنعه من التقدم لم تعد تكمن في نقص عناصره أو عتاده، بل اعتماده على مقاتلين لا يعرفون جغرافية المناطق، التي يقاتلون فيها، مقابل انحدار معظم عناصر المعارضة من القرى والبلدات التي يقاتلون فيها، فضلاً عن تفوّق قدرة المعارضة الاستخباراتية، أخيراً".

وقد حاولت طهران أمس التنصل وإنكار إرسالها مقاتلين إلى سورية، إلّا أنّ مصادر خاصة في قيادة المعارضة في حلب، أكّدت، لـ"العربي الجديد"،  أمس الخميس، أنّ النظام حشد 450 عنصراً وضابطاً نصفهم من القوات الخاصة المحلية، ونصفهم من غير السوريين، جنوب حلب. 

وأوضحت المصادر أنّ المعارضة تمكّنت من الحصول على معلومات استخباراتية دقيقة، تفيد بحشد قوات النظام السوري 450 عنصراً وضابطاً مع ثلاث عشرة دبابة ونحو ثلاثين سيارة مزودة برشاشات متوسطة وثقيلة في جبل عزان جنوب حلب، تحضيراً لمعركة جديدة، تحاول من خلالها قوات النظام التقدم نحو منطقة الوضيحي، ومن ثم نحو أوتوستراد حلب دمشق الدولي، لاستنزاف المعارضة في حلب في معركة جديدة جنوب المدينة، لتتقدم قوات النظام على المعارضة شمال حلب، انطلاقاً من بلدة باشكوي وحندرات، التي شهدت الأسبوع الماضي حشوداً جديدة لقوات النظام.

وكان مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية، حسين أمير عبد اللهيان، قد أعلن أن بلاده لم ترسل جنوداً نظاميين إلى سورية، معتبراً أن ما تفعله طهران لسورية "يصب لصالح مكافحة الإرهاب"، على حد زعمه. ونقلت المواقع الإيرانية عن عبد اللهيان، الذي التقى منسقة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي، فيدريكا موغريني، في بروكسل، يوم الثلاثاء، "استعداد بلاده الدائم لتقديم كل أنواع المساعدات للحكومة والجيش في سورية، بالإضافة إلى جهوزية التعاون مع روسيا، في ما يخص محاربة الإرهاب في هذا البلد والمنطقة".

اقرأ أيضاً: روسيا في الراهن السوري.. ميدانياً وإقليمياً

المساهمون