المعارضة المسلحة ترفض عرض الاستسلام الروسي... والنظام يسرق النازحين

30 يونيو 2018
تواصل النزوح من درعا (محمد أبازيد/فرانس برس)
+ الخط -
استأنفت طائرات النظام والطيران الروسي ظهر أمس الجمعة، غاراتها على قرى وبلدات محافظة درعا، وذلك بعد انتهاء الهدنة التي كانت أشبه بمهلة أعطاها الروس لفصائل المعارضة ليلة الخميس لمدة 12 ساعة، من أجل الاختيار بين مواصلة حرق ما تبقى من مدن وبلدات في الجنوب، وبين الاستسلام للشروط الروسية، التي طلبت منهم تسليم سلاحهم الثقيل والخفيف وإجراء تسوية مع النظام. وأحاط الغموض بإعلان "مصدر رسمي أردني" عصر أمس، أن "هناك تقارير مؤكدة عن التوصل إلى وقف لإطلاق نار سيفضي إلى مصالحة" بين المعارضة وقوات النظام. ولم يذكر المصدر مزيدا من التفاصيل.

وقررت فصائل المعارضة مواصلة القتال في ظل غياب أي دعم دولي. في هذا السياق، قال مصدر عسكري في المعارضة السورية لـ"العربي الجديد" إن "الهدنة كانت عبارة عن عرض روسي منحت من خلاله قادة الفصائل 12 ساعة للتفكير فيه، الا أن المعارضة رفضته لكونه أقرب إلى الاستسلام. إذ طلبت روسيا تسليم سلاح الفصائل، الثقيل والخفيف، بشكل كامل، وتسوية أوضاع المنطقة، عدا جبهة النصرة (المنضوية في هيئة تحرير الشام) وتنظيم داعش. بالاضافة إلى تسليم الحدود السورية - الأردنية  بشكل كامل للنظام السوري، بما في ذلك معبر نصيب، بعد انسحاب الفصائل منها".

وعلى الرغم من الهدنة المفترضة، إلا أن قوات النظام واصلت عملياتها العسكرية، وشنّت طائرات النظام، بعد سريان الهدنة بساعة غارات جوية وألقت مروحياته براميل متفجرة على درعا البلد وبلدة الشحيل وبلدات أخرى في الريف الشرقي لدرعا، بالتزامن مع قصف صاروخي على المناطق ذاتها.

من جهتها، قالت فصائل المعارضة إنها أطلقت، وقبل سريان الهدنة بدقائق معدودة، صاروخاً قصير المدى من نوع "عمر" على مقرّ قوات النظام في البانوراما قرب درعا المحطة، ما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات من قوات النظام. وقالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" إن "قوات النظام المدعومة روسياً واصلت حملتها غير المسبوقة على محافظة درعا فور انتهاء مدة الهدنة"، مبينة أن "مروحيات النظام ألقت براميل متفجرة على كل من درعا البلد وبلدة كحيل ومدينة نوى. كما شنّت طائرات النظام غارات على بلدة كحيل بريف درعا الشرقي، وغارات أخرى على بلدتي طفس ونوى بريفي درعا الشمالي الغربي، بالتزامن مع دوي انفجارات ناجمة عن قصف على مناطق أخرى في الريف الشرقي لدرعا".

كما دارت اشتباكات عنيفة بين قوات النظام وفصائل المعارضة إثر هجوم من قبل الأخيرة على منطقة تل حمد بغرب بلدة الشيخ مسكين، في محاولة لتحقيق تقدم على حساب قوات النظام وإشغالها عن جبهة الريف الشرقي. وترافقت الاشتباكات مع استهدافات متبادلة على محاور القتال بين الطرفين. وقال المتحدث الرسمي باسم الغرفة المركزية لعمليات الجنوب، أبو محمود الحوراني لـ"العربي الجديد"، "اضطررنا للانسحاب من المناطق التي خسرناها على جبهة الريف الشرقي خلال الأيام الماضية، أي بلدة الحراك في ريف درعا الشرقي، إضافة إلى قريتي علما والصورة في الريف الجنوبي الشرقي، وذلك بسبب كثافة القصف وعدم وجود تحصينات"، موضحاً أن "وضع المقاتلين الآن أفضل إذ نعمل على تحصين المناطق التي تتمركز فيها قواتنا". ووعد بمفاجآت لقوات النظام خلال الفترة المقبلة. ولم تتمكن قوات النظام من تحقيق أي تقدم على جبهة درعا البلد، على الرغم من تحويل النظام المنطقة لركام. وذلك بسبب التحصينات الجيدة لفصائل المعارضة في المنطقة.


من جهتها، ذكرت "غرفة العمليات المركزية في الجنوب" في حسابها على "تويتر" أن "وحدات الإسناد الناري في غرفة عمليات صدّ الغزاة، دمّرت دبابة ثانية لقوات النظام في منطقة الزمل غربي درعا، وذلك بعد استهدافها بصاروخ تاو مضاد للدروع، خلال التصدي لمحاولة تقدم تلك القوات". وذكرت الغرفة أن "قوات عمليات البنيان المرصوص وعمليات صدّ الغزاة، تخوض معارك قوية لصدّ محاولة تقدم لمليشيات الأسد وإيران باتجاه القاعدة الجوية غربي درعا البلد، في ظل قصف مدفعي وصاروخي عنيف".

وكانت فصائل الجيش السوري الحرّ قد أعلنت في وقت سابق أنها تصدّت لمحاولات تقدم جديدة من جانب قوات النظام السوري باتجاه قاعدة الدفاع الجوي غربي مدينة درعا، وتمكنت من محاصرة إحدى مجموعاتها وقتل جميع عناصرها وأسر آخر وتدمير عربة جنود.

كذلك استهدفت وحدات المدفعية والصواريخ مواقع قوات النظام في منطقة البانوراما بصاروخ "عمر 2"، وتبع ذلك سماع أصوات سيارات الإسعاف في المكان. وفي ظل استمرار الحملة العسكرية على الجنوب السوري تزايد تدفق المزيد من النازحين الفارين من مناطق القصف إلى المناطق الحدودية مع الأردن وفلسطين المحتلة. وقد تراوحت التقديرات لعدد النازحين الفارين من قصف قوات النظام بين 120 ألفاً إلى 175 ألف نازح معظمهم من ريف درعا الشرقي الذي أصبح شبه خال من السكان.

وجرت معظم عمليات النزوح باتجاه الحدود السورية – الأردنية، بينما لجأ بعض المدنيين إلى مناطق سيطرة "جيش خالد بن الوليد" المبايع لتنظيم "داعش" في حوض اليرموك بريف درعا الغربي، عند الحدود مع الجولان السوري المحتل، في حين نزح آخرون إلى مناطق سيطرة قوات النظام بعد أن فتحت الأخيرة معبرين و3 مراكز إيواء في ريفي درعا الشمالي والشمالي الغربي. أما المدنيون في الريفين الغربي والشمالي الغربي لدرعا، فقد نزحوا إلى الحدود مع الجولان المحتل في ريف محافظة القنيطرة.

وإثر موجات النزوح الجماعي توفي يوم الخميس خمسة أطفال نازحين من ريف درعا الشرقي، نتيجة عدم توافر المواد الطبية اللازمة لإسعافهم. وأكد ناشطون من المنطقة أن الأطفال تعرضوا إلى لدغات عقارب في السهول المحيطة ببلدة الطيبة شرقي درعا على الحدود السورية الأردنية.

وعن هذا الموضوع، قال مفوض حقوق الانسان في الامم المتحدة زيد رعد الحسين إن المدنيين السوريين "عرضة للاستغلال من كل الأطراف ولا سيما النظام السوري وكذلك تنظيم "داعش". وبحسب الأمم المتحدة، أجبر القصف الجوي أكثر من 66 الف مدني على الفرار من محافظة درعا بحثاً عن الأمان في حين يختبئ الباقون في الأقبية، بينما تتحدث أرقام الدفاع المدني السوري، عن 120 ألف إلى 175 ألف نازح. وبحسب بيان للمفوض صدر في جنيف "من يحاولون الفرار يُطلب منهم دفع المال لعبور حواجز الجيش السوري في حين يمنع مسلحو تنظيم الدولة الاسلامية المدنيين من المغادرة". وأضاف البيان أنه "مع تكثف المعارك هناك خطر كبير في أن يعلق الكثير من المدنيين". وقال البيان إن لديه معلومات مفادها أن "المدنيين في الأيام الاخيرة، اضطروا لدفع المال لعبور المناطق التي يسيطر عليها الجيش (النظامي) في جنوب شرق درعا وغربها وفي منطقة السويداء". وأشار البيان إلى أنه يملك إثباتات على مقتل 46 مدنياً على الأقل منذ بداية المعارك في 19 يونيو/حزيران الحالي. في المقابل، يتحدث الدفاع المدني والمرصد السوري لحقوق الانسان عن 96 قتيلاً إلى 120 قتيلاً.