أزمة "بريكست" تنتظر قمة أوروبية جديدة اليوم... وتساؤلات حول مدة التأجيل

10 ابريل 2019
تحاول بريطانيا تجنب الخروج من دون اتفاق (Getty)
+ الخط -
دخلت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي أزمة جديدة، قبل ساعات من قمة استثنائية أوروبية منتظرة للموافقة على تأجيل جديد لـ"بريكست"، وقبل يومين من انتهاء المهلة الأولى من دون اتفاق. وجاء اقتراح رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، بتمديد "مرن" لـ"بريسكت" حتى آذار/مارس 2020، ليضع ماي في موقف محرج جديد داخلياً، بعدما كانت قد تعهدت بأنها لن تقبل كـ"رئيسة وزراء" بتأجيل يتجاوز 30 حزيران/يونيو المقبل، ليبقى السؤال حول مدة الإرجاء التي ستتمخض عن القمة اليوم.

ويتجه الاتحاد الأوروبي اليوم إلى رفض طلب تمديد موعد "بريكست" قصير الأمد الذي طلبته ماي، والتقدم بمقترح بديل يمدد عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي عاماً آخر كحد أقصى.

وبحسب الصحف البريطانية، فإن اقتراح توسك أمس، لا يعكس حسن نية تجاه بريطانيا بقدر ما يعكس "قلة ثقة" وسأماً أوروبياً من "الحرب" الدائرة في هذا البلد حول كيفية الخروج من الاتحاد. واعتبرت "ذا غارديان" و"ذا إندبندنت" أن ماي أوقعت نفسها في أزمة جديدة، وذلك قبل القمة المنتظرة، والتي يرتقب خلالها الموافقة على إرجاء جديد للانسحاب البريطاني، قد يكون هذه المرة مرفقاً بالكثير من الشروط.

ونقلت صحيفة "ذا غارديان" عن مصدر، أن رئاسة الوزراء البريطانية تنظر اليوم إلى الأمور على أنها "نهاية اللعبة"، واصفاً جميع الخيارات المطروحة على الطاولة أمام ماي بـ"الصعبة جدا"، ومتسائلاً عما إذا كانت زعيمة حزب المحافظين قادرة على السيطرة على حزبها لوقت أطول.

وتواجه ماي رداً عنيفاً من داخل حزبها حول احتمال تمديد أطول لـ"بريكست"، وإمكانية المشاركة في الانتخابات الأوروبية، خصوصاً إذا أوصل ذلك إلى اتفاق مع حزب العمال المعارض يشمل مسألة الاتحاد الجمركي.

وكان أربعة من كبار وزراء حكومة ماي قد صوتوا يوم أمس ضد مقترح حكومي تم وضعه أمام البرلمان يؤكد مطلبها بتمديد "بريكست" حتى 30 يونيو/ حزيران. بل إن المفارقة تكمن في أن المقترح الحكومي تمكن من النجاح في الحصول على الأغلبية البرلمانية بفارق 210 أصوات، بعدما دعمته جميع الأحزاب المعارضة.

ولا يبدو أن المفاوضات مع حزب "العمال" ستؤدي إلى الانفراج المطلوب. فقد نقلت الصحافة البريطانية عن مصادر من داخل غرف المفاوضات أجواء متشائمة عن إمكانية التسوية. وقالت صحيفة "ذا تايمز" إن جلسة أمس كشفت "عن مدى الشرخ بين المواقف" لدى العمال والمحافظين.

ويقول العمال إن الحكومة لم تقدم حتى الآن أي تنازلات يمكن لها أن تكسر الحواجز الحالية، ويخشون من أن يدي ماي مقيدتان بمواقف متشددي "بريكست" في حكومتها، بينما يشكك حزب المحافظين بدوره في صدق نوايا "العمال" في الوصول إلى تسوية، مشيرين إلى الانقسامات داخل قيادة الحزب المعارض حول موضوع الاستفتاء الثاني.

وبينما يعود الحزبان للاجتماع يوم غد بعد انتهاء القمة الأوروبية، فإن فشل المفاوضات حتى الآن يؤكد مخاوف الاتحاد الأوروبي من عدم إمكانية تصديق اتفاق "بريكست" في الموعد الذي حددته ماي.

وفي اتهام مباشر لاستراتيجية "داونينغ ستريت"، كتب توسك في رسالة الدعوة التي وجهها لحضور القمة، أن "تجربة الاتحاد الأوروبي حتى الآن، والانقسامات العميقة داخل مجلس العموم البريطاني، لا تعطينا أسبابا قوية للاعتقاد بأن عملية المصادقة يمكن أن تنتهي بحلول نهاية حزيران/يونيو".

وحذر توسك أيضاً من أن "منح تمديد قصير الأمد سيؤدي إلى سلسلة من التمديدات المماثلة والاجتماعات الأوروبية الطارئة". وأضاف "سيؤدي ذلك إلى هيمنة بريكست على أجندة أعمال الدول الأوروبية في الأشهر المقبلة. هذا الغموض المستمر سيكون ضاراً أيضاً بمواطنينا وأعمالنا".

أجواء ضبابية للقمة

ويعقد قادة الاتحاد الأوروبي الـ27 قمة استثنائية، اليوم، في بروكسل، يرتقب أن يوافقوا خلالها على إرجاء جديد لـ"بريكست" مرفق بشروط، فيما لا يزال يتعين الاتفاق على مدته بهدف تجنب شبح خروج بريطانيا "بدون اتفاق".

ولم يأت الإرجاء الأول الذي منحه الاتحاد لماي من 29 آذار/مارس إلى 12 نيسان/إبريل بالنتائج المرجوة، لأن البرلمان البريطاني لا يزال غير قادر على تمرير اتفاقية الخروج، فيما طلبت رئيسة الوزراء البريطانية أخيراً إرجاء "بريكست" إلى 30 حزيران/يونيو.


وقال مصدر دبلوماسي إن مشروع نصّ نتائج القمة لا يذكر أي مهلة. وسيلتقي توسك ماي في اجتماع ثنائي قبل افتتاح القمة.

ويلحظ اقتراح توسك التمديد لعام، إلى أن تتم المصادقة على اتفاق الانسحاب من قبل الطرفين.

ولاقت فكرة توسك أصداء في المانيا التي زارتها ماي، أمس الثلاثاء، للحصول على دعم لطلبها إرجاء "بريكست" من قبل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.

واعتبرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن إرجاء بريكست حتى بداية 2020 "ممكن"، فيما قالت أوساط الإليزيه إن فرنسا "لا تعارض إرجاء بريكست، إنما مهلة سنة تبدو طويلة جدا".

كذلك، أوضحت الرئاسة الفرنسية، قبل اللقاء الذي عقد أمس أيضاً بين ماي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن "باريس ليست رافضة لإيجاد حل آخر غير الخروج بدون اتفاق، لكن مع بعض القيود وليس بأي ثمن"، مؤكدة أن فرنسا "ستكون حازمة جداً، وكلما طالت المهلة (الإرجاء) تطلب الأمر أن تكون الضمانات أكثر جدية" بأن عمل الاتحاد الأوروبي لن يتأثر.

ومن المطلوب على سبيل المثال أن تتعهد بريطانيا بعدم عرقلة بعض الملفات الكبرى الجاري بحثها في بروكسل، مثل وضع موازنة الاتحاد الأوروبي للفترة الممتدة بين 2021-2027.

وكرر داونينغ ستريت، الثلاثاء، القول إن ماي ستركز على موعد 30 حزيران/يونيو مع الإصرار على أن لندن ترغب في الاحتفاظ بخيار المغادرة في 22 أيار/مايو لتجنب خوض الانتخابات الأوروبية المرتقبة من 23 أيار/مايو حتى 26 أيار.

لكن للمرة الأولى، في رسالتها إلى الدول الـ27، أقرت رئيسة الوزراء بالتزام بريطانيا تنظيم الانتخابات في حال لم تكن قد غادرت الاتحاد بحلول ذلك الموعد.

من جهته، أكد كبير المفاوضين الأوروبيين ميشال بارنييه، خلال اجتماع مع وزراء الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء، تحضيراً للقمة، أن مهلة إرجاء محتمل "يجب أن تكون متناسبة مع الهدف الذي يفترض أن يخدم هذا التمديد".

وأضاف بارنييه أن "كل هذا رهن بما ستقوله ماي" خلال القمة.

المساهمون