"داعش" على مشارف خسارة الباب... وتشكيك روسي بتعاون ترامب

15 نوفمبر 2016
مقاتلون من الجيش الحر قرب مدينة الباب (حسين نصير/الأناضول)
+ الخط -
مع تواصل تقدم فصائل "الجيش السوري الحر" في ريف حلب الشرقي، بات من شبه المؤكد أن تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) يعيش آخر أيامه في ريفي حلب الشرقي والشمالي الشرقي، بما يشبه العدّ العكسي لخلوّ محافظة حلب منه، مع وصول معارك "درع الفرات" المدعومة تركياً، إلى مشارف مدينة الباب، التي تُعد أهم معاقل التنظيم في محافظة حلب، بعد أن نجحت في الأسبوعين الماضيين، بالسيطرة على عشرات القرى والبلدات التي كانت خاضعة للتنظيم. وعلى وقع الحراك الميداني، عادت الحركة السياسية الروسية ـ الأميركية إلى الواجهة.

ونقلت وكالة "تاس" الروسية عن المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أمس الإثنين، قوله إن "الرئيس فلاديمير بوتين قد يبحث مع نظيره الأميركي باراك أوباما، التطورات في سورية عندما يلتقي الزعيمان في البيرو الأسبوع المقبل". وأضاف أن "الرئيسين قد يلتقيان على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي (آبيك)، التي تستضيفها البيرو في 19 و20 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي". وذلك على وقع تأكيد بيسكوف أن "لا خطة لبوتين حالياً للقاء الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب شخصياً".

وجاء قرار بوتين، في خضمّ اعتبار المسؤولة بوزارة الخارجية الروسية، إيليا روغاتشيوف، أن "موسكو متشككة في الوعود التي قدمها ترامب قبل الانتخابات بالتعاون مع روسيا في سورية"، وفقاً لما أبلغت به وكالة "إنترفاكس". وأضافت أن "ترامب لن يتمكن سوى من المضي قدماً في الأفكار التي توافق عليها المؤسسة والنخبة السياسية في الولايات المتحدة".

من جهته، وسّع الاتحاد الأوروبي عقوباته على النظام السوري، أمس، بإدراجه 17 وزيراً في الحكومة ومحافظ المصرف المركزي، على قائمة الممنوعين من السفر إلى دوله، وجمّد أصولهم. وذكر الاتحاد، في بيان، أنه "بهذا القرار يرتفع عدد الخاضعين لحظر السفر وتجميد الأصول بسبب القمع العنيف للسكان المدنيين في سورية إلى 234 فرداً، كما جُمّدت أصول 69 كياناً".

ميدانياً، وعلى الرغم من أن الأنباء الواردة من داخل مدينة الباب تبقى شحيحة، نظراً لما يفرضه التنظيم من قيودٍ صارمة، على نشر أية معلوماتٍ من مناطق سيطرته، فإن مصادر عدة، من مدينة الباب، أكدت أن "مسلحي داعش أغلقوا المكاتب الخدماتية والإدارية للتنظيم في الباب، مع تكثيف دوريات المراقبة داخل المدينة وفي محيطها القريب، ووضع عوائق تصل حد منع مغادرة المدنيين".



تشي كل هذه المؤشرات بأن التنظيم بات يُدرك تماماً اقتراب دوران رحى معركة السيطرة على الباب، إذ إن مقاتلي "درع الفرات" باتوا على مسافة أقل من خمسة كيلومترات. وهم الذين واصلوا زحفهم خلال الأسابيع القليلة الماضية نحو المدينة، ونجحوا خلال ذلك، ببسط نفوذهم على عشرات القرى الممتدة إلى الشمال، والشمالين الشرقي والغربي من مدينة الباب.

آخر هذه القرى التي فقدها مسلحو "داعش" مساء السبت لصالح "درع الفرات"، كانت سوسيان، والشيخ علوان، وحزوان، ودانا، وقديران. وذلك بعد أيام من هزائم متتالية للتنظيم في قرى: حجي كوسا، والعون، وتليلة، وحليصة، وبصلجة، وأقداش، والشعيب، شمال شرقي الباب، قبل أن تُعلن "غرفة عمليات حوار كلس" (إحدى أهم غرف عمليات الجيش الحر المشاركة بدرع الفرات) فجر الأحد، أنها بدأت "معركة تحرير مدينة الباب". وفي هذا الإطار، ذكر بيان لرئاسة هيئة الأركان التركية، بأن "الجيش السوري الحر" أتم السيطرة على 202 قرية ممتدة على مساحة 1620 كيلومتراً منذ انطلاق عملية "درع الفرات" في 24 أغسطس/آب الماضي.

ونتيجة لتقدم مقاتلي "درع الفرات" ووصولهم لتخوم مدينة الباب، فإنهم بذلك قد بددوا بصورة شبه نهائية، آمال "قوات سورية الديمقراطية"، في الوصول إلى أهم معاقل "داعش" بريف حلب. مع العلم بأنهم نجحوا في السابق في وضع يدهم على مدينة منبج، التي كانت مدينة مهمة للتنظيم، وعملوا لاحقاً على بسط نفوذهم على تركة التنظيم، الذي يعيش آخر أيامه في محافظة حلب.

وكشف قيادي في "الجيش السوري الحر" لـ"العربي الجديد"، عن أن "غرفة عمليات المعركة، وضعت عدة خطط لمعركة مدينة الباب"، مُبيناً أن "الواقع الميداني على الأرض هو الذي سيحدد لنا خط سير المعارك الأمثل، الذي يُجنّب قواتنا الاستنزاف، ويمنع سقوط ضحايا من المدنيين المقيمين حالياً في المدينة"، المكتظة بعشرات الآلاف من السكان المحليين وغيرهم من عائلات مسلحي التنظيم.

وفي حين يصعب توقع سيناريو هذه المعركة، فإن كل الاحتمالات تبقى ممكنة، فالتنظيم الذي كان يُخضع مدينة جرابلس عند الحدود التركية لسيطرته، وكانت تُعتبر مدخلاً هاماً لعناصره إلى شرق سورية، فقدها خلال يومٍ واحد من المعارك مع "درع الفرات". وكذلك فقد لاحقاً بلدة دابق المهمة له رمزياً، خلال يومٍ واحد من المعارك، إذ إن القوات المهاجمة، كانت قد عزلت هذه البلدة قبل اقتحامها بأيام، من خلال السيطرة على معظم القرى والبلدات المحيطة بها، مما أدى إلى انسحاب مسلحي "داعش" منها يوم بدء الهجوم نحوهم.



ولا يُعرف ما إذا كان التنظيم سيبدي شراسةً في معركة الباب، أم أن مسلحيه قد ينسحبون خارجها نحو الرقة، في حال وجدوا أن الدفاع عنها غير مجد لهم، مع العلم بأن موقع المدينة الاستراتيجي، وتموضعها وسط منطقة تتزاحم فيها أطراف السيطرة (داعش والنظام وقسد والجيش الحر) يجعل لها حساسية خاصة، فضلاً عن كونها مدينة مكتظة بالسكان. وقال قائد إحدى الجماعات التي تقاتل تحت لواء "الجيش السوري الحر"، لوكالة "رويترز": "لا يفصلنا شيء عن مدينة الباب، وسنكون داخل المدينة في غضون أيام قليلة جداً، إن لم تكن ساعات".

في غضون ذلك، أعلن حاكم إقليم كيلس، جنوب شرقي تركيا، إسماعيل جطاكلي، أن "الحدود أغلقت مؤقتاً أمام المساعدات الإنسانية والحركة التجارية بسبب التطورات على الجانب السوري"، بعد اندلاع اشتباكات عبر الحدود، قبالة بوابة أونجو بينار الحدودية، التي تقع على الجانب الآخر من الحدود مع باب السلام في سورية. وذكرت مصادر أمنية أنه "لم يتضح بعد إلى متى سيستمر إغلاق الحدود".

بموازاة ذلك في حلب، لكن بعيداً عن معركة الباب بريف المحافظة الشرقي، وإلى الغرب بمسافة نحو 40 كيلومتراً، تواصلت الاشتباكات المتقطعة بين قوات النظام والمليشيات المساندة لها من جهة، مع فصائل "جيش الفتح" من جهة أخرى، على جبهات غربي المدينة، التي شهدت في الأيام القليلة الماضية، عودة نقاط السيطرة لما كانت عليه قبل فتح المعارضة لمعركةٍ هناك قبل أسبوعين، وبالتالي لم تنجح الفصائل المهاجمة، في فتح طريقٍ من الريف الغربي، ينهي حصار النظام للأحياء الشرقية في حلب.

إلى ذلك، قال ناشطون سوريون، من محافظة حلب، إن "الطيران الحربي الروسي ارتكب مجزرة في ريف حلب الشمالي فجراً في مدينة عندان". وأفاد مصدر في "الدفاع المدني السوري" لـ"العربي الجديد"، بأن "الطيران الحربي الروسي ارتكب مجزرة راح ضحيتها خمسة قتلى مدنيين على الأقل، إضافة إلى وقوع جرحى جراء قصف جوي بقنابل ارتجاجية استهدفت منازل المدنيين في مدينة عندان بريف حلب الشمالي".

كما تحدث "مركز حلب الإعلامي" عن "مقتل وجرح مدنيين بينهم رجل مسن جراء تجدد القصف المدفعي من قوات النظام على حي السكري وحي الصالحين في مدينة حلب"، وذلك بعد ساعات من ارتكابها "مجزرة في حي الصالحين راح ضحيتها 11 قتيلاً جراء القصف المدفعي على منازل المدنيين".