"التسامح" يتراجع في فرنسا

02 مارس 2015
تغيرت فرنسا في السنوات الأخيرة (فرانسوا ناسيمبيني/فرانس برس)
+ الخط -
كشف مفوض حقوق الإنسان في "مجلس أوروبا"، نيلز مويزنيكس، في 17 فبراير/شباط الحالي، عن وضعية سيئة لحقوق الإنسان في أوروبا، وخصّ فرنسا بنقد لاذع. كما طالب دول الاتحاد الأوروبي ببذل مجهود أكبر لحماية هذه الحقوق، التي تتضمن محاربة كل أنواع التمييز والعنصرية، وتأمين حسن استقبال المهاجرين، بغضّ النظر عن بلدانهم، وكذلك التعامل بإنسانية مع الغجر.

وقد عبّر المفوض الأوروبي عن قلقه من تراجع حالات التسامح، ومن العدد المرتفع لحالات الاعتداءات الشفهية، ومن مظاهر الشتيمة ذات الطابع الحاقد والتمييزي، التي أمكن إحصاؤها في فرنسا. وعبّر التقرير المكوّن من 52 صفحة، عن الأسف لـ "الخطابات التي تُضاف إلى الأعمال الحاقدة، سواء كانت عنصرية أم معادية للأجانب أم معادية للمسلمين، ما يكشف عن تفكك مقلق للانسجام الاجتماعي ولمبدأ المساواة". ويقارن التقرير بين فرنسا ودول أخرى، ويستنتج أن "معاداة السامية والإسلاموفوبيا خطيرة في كل الدول، ولكنها باتت أخطر في باريس، لأن اليهود والمسلمين ممثلون فيها بصفة أوسع".

ويعدد المفوض الأوروبي بعض مظاهر الخلل في فرنسا، قياساً مع دول أوروبية أخرى، فيراها تتمثل في رؤية مهاجرين أفغان في الشارع من دون مأوى، مع مشهد أطفال من الغجر محرومين من المدرسة، إضافة إلى قيام السلطات بإفراغ عنيف لمعسكراتهم". وبما يخص استقبال اللاجئين السوريين، يصف مويزنيكس الأمر بـ "الإهانة"، ويقول "ستستقبل فرنسا 500 منهم، كما حصل العام الماضي، في حين استقبلت ألمانيا عشرة آلاف سوري".

اقرأ أيضاً: تبرئة وزير داخلية فرنسا السابق من العنصرية تجاه الغجر

يبدو أن فرنسا تغيرت بشكل سلبي، فالصورة الرائعة التي كانت عليها في العام 2006، حين "رأى فيها الكثير من الأوروبيين بلداً مثالياً لمعايير حقوق الإنسان، ويمنح مستوى عالياً من الحماية"، زالت، ولم تعد البلاد "تلميذاً جيداً"، مقارنة بالعديد من الدول الأوروبية، كالدنمارك التي تلقت التهنئة، لأنها ساعدت عناصر شرطتها على الحدّ من التمييز.

ويأتي هذا التقرير اللاذع بعد تقرير آخر لرابطة حقوق الإنسان، في الشهر الماضي، يصف فيه موقف السلطات الفرنسية من الغجر، بـ "العنيف وغير العادل وغير الجدير بالاحترام". وهو موقف لم يختلف عنه تقرير اللجنة الوطنية الاستشارية لحقوق الإنسان، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، الذي انتقد سياسة الدولة في انتهاك حقوق الغجر، ووصف موقف الحكومة من الغجر بـ "العنيف والقائم على التمييز البيولوجي".

وصدر آخر هذه الانتقادات للحكومة الفرنسية، من منظمة العفو الدولية، في تقرير لها يوم الأربعاء، والذي يلوم باريس بسبب "انتهاكات لحقوق الإنسان"، تحديداً تجاه الأجانب. مع العلم أن منظمة "هيومن رايتس ووتش" كشفت بدورها، في 11 يناير/كانون الثاني الماضي، عن "العنف البوليسي الفرنسي تجاه المهاجرين في منطقة كالي".

ويتطرق تقرير "أمنسيتي" أيضاً للقانون الفرنسي الجديد في مكافحة الإرهاب، ويشير إلى أنه "يَحُدُّ من حرية التعبير". كما لا يغفل التقرير التظاهرات الفرنسية المؤيدة للفلسطينيين، أثناء محرقة غزة الصيف الماضي، ويسجل ما أسماه "كوابح لحرية التعبير" حصلت أثناء التظاهرات الرافضة للعدوان الإسرائيلي على غزة. وعلى الرغم من كل هذه الاتهامات، إلا أن الحكومة الفرنسية تستعدّ لطرح مشروع قانون جديد مكرّس للهجرة، لمناقشته في البرلمان في مايو/أيار المقبل، لا يخلو من تشدد إضافي.

اقرأ أيضاً: هولاند في مأزق: انقسام داخل حزبه وتراجع شعبيته

المساهمون