درعا: دور الأردن في مقاطعة "جبهة النصرة"

16 ابريل 2015
بدّلت معركة معبر نصيب كل المعطيات (صلاح ملكاوي/الأناضول)
+ الخط -
أثارت البيانات المفاجئة التي أصدرتها كتائب "الجيش الحرّ" في درعا، والتي أعلنت من خلالها عن "رفضها التامّ للفكر المتشدد الذي تتبنّاه جبهة النصرة"، تساؤلات عدة حول هذا الموقف المفاجئ، ومرده، وانعكاساته على الوضع الميداني في الجبهة الجنوبية من سورية.

وأصدرت كل من ألوية "سيف الشام"، و"الجيش الأول"، و"فجر الإسلام"، و"جيش اليرموك"، و"الفيلق الأول" بيانات مشتركة، توضح فيها رفضها أي "تعاون أو تقارب عسكري أو فكري مع تشكيل جبهة النصرة". كما اعتبرت قيادة "جيش اليرموك" أن "الجبهة الجنوبية، هي المكوّن العسكري الوحيد الممثل للثورة السورية في الجنوب السوري".

وفي الوقت الذي لم تصدر فيه "جبهة النصرة" أي تعليق رسمي على بيان الفصائل، قال القائد العام في "ألوية سيف الشام"، أبو صلاح الشامي، إن "قرارهم بوقف التعاون مع جبهة النصرة أو أي فصيل يحمل فكراً متطرفاً، هو قرار وطني سوري ثوري، لا يمت بصلة لأي رغبة خارجية، وسنكون جنوداً لمصلحة سورية وشعبها وثورتها".

وأكد الشامي أن "جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وجهان لعملة واحدة، وأحد أسباب بقاء النظام، وأكثر من أساء للثورة أمام الرأي العام"، مستنكراً "تسهيل جبهة النصرة لتنظيم الدولة التسلل إلى مخيم اليرموك، جنوب دمشق، والتنكيل بأهله".

ولعلّ إصدار تلك البيانات بهذه اللهجة الحادّة تجاه "جبهة النصرة"، يثير العديد من التساؤلات حول التوقيت والمحرك والهدف منها، خصوصاً أن المبررات التي ساقتها الفصائل العسكرية في بياناتها، لا تبدو كافية مقارنة بقرار المقاطعة. وبررت الفصائل بيانها، بأن "النصرة لم تلتزم بقرارات دار العدل إثر حادثة السيطرة على معبر نصيب، وما سببته من خلافات بين الفصائل، في الوقت الذي أصدرت فيه دار العدل بياناً يدعو للتهدئة بين الفصائل ويطالب بحلّ الخلافات".

اقرأ أيضاً: بدء تدريب معارضين سوريين بتركيا: داعش ثمّ ربما النظام

أما المبرر الثاني بالنسبة للفصائل، فهو "قيام عناصر من النصرة بضرب امرأة من عائلة المسالمة في درعا البلد، الأسبوع الماضي، بعد أن حاولت ردع عناصر النصرة عن اعتقال ابنها"، علماً أن مصادر أخرى من درعا، نفت وقوع هذه الحادثة. كما أنه، وإن صحّت، فالردّ عليها لا يُمكن أن يُختصر ببيانٍ فقط، فعائلة المسالمة هي أكبر عائلة في درعا البلد والمحطة. كما أن طبيعة المنطقة العشائرية لا تسمح بالسكوت، فالثورة السورية انطلقت من درعا لأسبابٍ قد لا تكون بعيدة عن تلك الحادثة، بعد اعتقال الأطفال وإهانة رئيس فرع الأمن العسكري لعدد من مشايخ درعا. أما المبرر الثالث للفصائل، بحسب ما صرح به مصدر من الجيش الأول لـ"العربي الجديد"، فهو أن "النصرة تخلّت عن مخيم اليرموك وأدخلت داعش إليه". وهو ما أكد عليه أبو صلاح الشامي.

وبعيداً عن المعطيات الميدانية في مخيم اليرموك، إلا أن "النصرة" أتت أفعالاً ضد بعض فصائل "الجيش الحر" في مناطق مختلفة من سورية، أهمّ من تلك التي ارتكبتها في اليرموك، ولم تتحرّك الفصائل بتلك الحدّة. كما قامت "النصرة" بإنهاء فصائل من "الجيش الحر" بشكل كامل، مثل "حركة حزم" و"جبهة ثوار سورية"، بقيادة جمال معروف، واختطفت رئيس المجلس العسكري في درعا، أحمد النعمة، وسط أنباء مؤكدة عن تصفيته، ولم تتحرك فصائل "الجيش الحرّ"، قبل حراكها ببيانات حازمة تدعو لمقاطعة "النصرة".

واللافت في تلك البيانات، أنها دعت لمقاطعة التكفيريين وحددت "النصرة" بالاسم وبشكل واضح، في حين توجد في درعا فصائل أكثر تطرفاً من "النصرة"، مثل "حركة المثنى الإسلامية" و"لواء شهداء اليرموك"، اللذان يُعدّان أقرب لـ"داعش"، ومع ذلك لم تذكرهما البيانات.

ولعلّ حادثة معبر نصيب كانت النقطة الأكثر توضيحاً لخلاف الفصائل مع "النصرة"، إذ تحرّكت بعض الفصائل بمحاولة استباقية للسيطرة على المعبر، مُحبطة عملاً عسكرياً كانت تعدّه "النصرة" للسيطرة على المعبر، وفقاً لما أكده مصدر من "جبهة النصرة" لـ"العربي الجديد".

واتهم المصدر "تلك الفصائل، وعلى رأسها جيش اليرموك بقيادة بشار الزعبي، بالتحرك للسيطرة على معبر نصيب وفقاً لإملاءات أردنية"، في الوقت الذي كانت تُتهم فيه "النصرة" في درعا بـ"الاختراق من الاستخبارات الأردنية"، خصوصاً أن معظم قياداتها وشرعييها في درعا من الجنسية الأردنية.

وتشير الاتهامات المتبادلة حول "التنسيق مع الأردن"، وما صدر من ردود فعل عن فصائل "الجيش الحرّ" في الجبهة الجنوبية بعد تحرير معبر نصيب، ربما إلى تغيير في سياسة الأردن في التعاطي مع "جبهة النصرة" والعمل على تأمين حدودها بعيداً عن الجبهة.

كما يُمكن أن تكون العملية عبارة عن انقلاب داخل صفوف "جبهة النصرة" على الدور الأردني في الجنوب، ما يستدعي بالضرورة خطوات مضادة من الجانب الأردني، لعل أولها تأليب فصائل "الجيش الحر" في المنطقة الجنوبية ضد "جبهة النصرة"، ودفعهما ربما إلى اقتتالٍ لن تكون فيه "النصرة" طرفاً رابحاً. ولا تُعدّ "النصرة" فصيلاً ضخماً في درعا، مقارنة بباقي الفصائل، مثل "الفيلق الأول"، ومع ذلك يثير وجودها في أي مكان هواجس بغضّ النظر عند عددها وعدتها.

يُذكر أن "جبهة النصرة" انسحبت قبل يومين من المنطقة المشتركة بين الحدود السورية والأردنية، بعد أيام من انسحابها من البوابة الحدودية لمعبر نصيب الحدودي مع الأردن، بعد سيطرتها مع الفصائل المقاتلة على المعبر والبوابة المشتركة مطلع شهر أبريل/ نيسان، وإزاحة قوات النظام السوري من هناك.

اقرأ أيضاً: معركة حلب في مرحلة الحسم: تقدم المعارضة وتخبّط النظام

المساهمون