قرارات السلطة الفلسطينية تراوح مكانها: شراء وقت بغياب أوراق القوة

12 فبراير 2018
فشلت "فتح" بقيادة مقاومة شعبية حقيقية (جعفر إشتيه/فرانس برس)
+ الخط -
ينهمك الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، وأعضاء من القيادة الفلسطينية، في زيارات دولية، على أمل النجاح في إيجاد إطار دولي متعدد يأخذ على عاتقه رعاية عملية السلام، من دون الخوف من الولايات المتحدة الأميركية التي احتكرت عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين بشكل مطلق منذ اتفاق أوسلو في العام 1993.

ويبدو أن خيارات القيادة الفلسطينية تراوح مكانها في ما يشبه شراء الوقت لا أكثر، على أمل حدوث تغيير إقليمي أو دولي يغير من المعادلة الحالية، إذ تظهر تباطؤاً في تنفيذ أي قرار أو اتخاد خطوة إلى الأمام. واجتمعت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير لمناقشة تطبيق قرارات المجلس المركزي، بعد نحو 20 يوماً على اجتماع الأخير، من دون الإعلان عن تنفيذ أي من قرارات المجلس المركزي، في ظل فشل حركة "فتح" في قيادة مقاومة شعبية ميدانية حقيقية رغم جهودها الإعلامية ومحاولاتها الدؤوبة في الأسابيع الماضية، وهو فشل يُحسب أيضاً لجميع فصائل العمل الوطني الفلسطيني.

وبات من الواضح من قرارات اللجنة التنفيذية، التي اجتمعت في الثالث من فبراير/ شباط الحالي، أن التباطؤ في تنفيذ قرارات المجلس المركزي هو العنوان، إذ قررت تشكيل لجنة عليا لتنفيذ قرارات المجلس المركزي، وطلبت من الحكومة البدء فوراً بإعداد خطط ومشاريع لخطوات فك الارتباط مع الاحتلال الإسرائيلي على كافة المستويات، من دون أن يكون هناك أي سقف زمني لهذه القرارات. وعلمت "العربي الجديد" أن عباس كلف أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، صائب عريقات، بترؤس اللجنة العليا، التي ستكون بمشاركة عضوين من اللجنة التنفيذية وعضوين من اللجنة المركزية لحركة "فتح" وعضوين من الحكومة، بسقف زمني لم يحدد بعد، بشكل يؤكد ما ذهب إليه أحد المسؤولين المطلعين بأن "القيادة ستشتري الوقت، ولن تحرق جميع المراحل، لأنها لم تعد تملك أوراق قوة تذكر، لا سيما بعد تخلي الدول العربية عنها". وأوضح المصدر، الذي اشترط عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، أن "السعودية ودولاً عربية أخرى تواصلت مع القيادة، وطلبت منها عدم رفض صفقة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلا بعد أن تطلع عليها، لأنها ليست بالسوء الذي تعتقده القيادة الفلسطينية". وقال "حتى الأوروبيون طلبوا من عباس الانتظار لمعرفة تفاصيل صفقة ترامب قبل أن يرفضها".



وفضلاً عما ذكر، يؤكد مصدر آخر، لـ"العربي الجديد"، أن "هناك أوساطاً في القيادة الفلسطينية باتت تذهب إلى المنحى ذاته في التفكير، قائلة إن حصول الفلسطينيين على 60 في المائة من الضفة الغربية حسب الصفقة ليس بالأمر السيئ، في ظل عدم امتلاك القيادة الفلسطينية أي خيارات أخرى". وقال المصدر "هناك تخلٍ عربي واضح عن القيادة الفلسطينية، وتصريحات الملك الأردني عبد الله الثاني إلى (قناة) سي أن أن أخيراً حول عدم التخلي عن الدور الأميركي، وعدم وجود خطة بديلة لدى القيادة الفلسطينية والعربية، فضلاً عن الاتصالات السعودية بعدم التصعيد وانتظار تفاصيل الصفقة، يزيد من تشاؤم القيادة". لكن عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أحمد مجدلاني، يؤكد لـ"العربي الجديد"، أن "القيادة الفلسطينية لديها قرارات المجلس المركزي لتنفذها، وهي قرارات بالغة الأهمية". وقال إن "اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير طلب من الحكومة وضع خطة وآلية عمل لتطبيق قرار فك الارتباط مع الاحتلال الإسرائيلي، وتم تشكيل لجنة عليا لوضع خطة وآليات عمل لتطبيق قرارات المركزي المتعلقة بالجوانب السياسية والدبلوماسية والقانونية والوحدة الوطنية والمقاومة الشعبية". وحول السقف الزمني لتطبيق هذه القرارات، قال مجدلاني "أكيد هناك سقف زمني، وأتوقع أن يتم الانطلاق بتنفيذ هذه القرارات بشكل جدي قبل نهاية العام الحالي". وأضاف "هذا ما يمكن للقيادة الفلسطينية أن تفعله، ولا يوجد شيء بديل".

أما على صعيد التحرك الخارجي، فيلتقي عباس بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم في موسكو، وذلك استكمالاً لاتصالات سابقة مع روسيا. وسبق ذلك لقاء فلسطيني مع الصين ووزراء الخارجية الأوروبيين، في محاولة حثيثة من عباس لإيجاد إطار دولي متعدد يرعى عملية السلام. وقال مجدلاني "هناك تعديل جوهري في الموقف الأوروبي، إذ أكدوا أن قرار الاعتراف بدولة فلسطين لم يعد قراراً جماعياً لدول الاتحاد الأوروبي، بل تم التوافق على أن يقرر كل بلد هذا الأمر لوحده، والتفاؤل يكمن بأن هناك 11 بلداً أوروبياً كانت برلماناتها قررت الاعتراف بدولة فلسطين خلال السنوات القليلة الماضية". وكشف أن "أبو مازن سيقدم رؤيته حول حل القضية الفلسطينية ارتكازاً على قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي ومبادرة السلام العربية، أمام مجلس الأمن في العشرين من الشهر الحالي". وقال "لا يوجد شيء مفاجئ أو مختلف في رؤية الرئيس التي سبق وأعلن عنها في خطابه أمام المجلس المركزي منتصف الشهر الماضي، والتي تستند إلى دولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وتبادل طفيف في الأراضي بنفس القيمة والمقدار". وكان عباس قد زار مصر وتركيا وقطر والسعودية وفرنسا بعد قرار ترامب الاعتراف بالقدس "عاصمة" لدولة إسرائيل في ديسمبر/ كانون الأول 2017، فيما استأنف هذه الجولات مطلع العام الحالي لتشمل مصر وبلجيكا وإثيوبيا والأردن، في إطار جهوده لإقناع الدول بأهمية وجود إطار متعدد لعملية السلام يُنهي الاحتكار الأميركي.